يحشد الجيش والقضاء ضد معارضيه.. هل وقع قيس سعيّد في مأزق مربك؟
بعد ساعات من إفصاح صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية عن أضعف نسبة مشاركة شهدها التاريخ السياسي الحديث لتونس، ظهر الرئيس قيس سعيّد في كلمة اختار أن يطلقها من ثكنة رئيسية للحرس الوطني وبحضور قادة أمنيين بارزين.
وعلى خلفية دعوة الرئيس التونسي القوات العسكرية والأمنية والقضاء للتصدي لمن وصفهم بالمتآمرين على الدولة، والاستجابة لما وصفه بمطلب تطهير البلاد، جزمت جبهة الخلاص المعارِضة بأن سعيّد وصل إلى مأزق كبير جعله يتخبط ويخلط بين المهام.
من جهتها، اعتبرت المعارضة التونسية خطاب سعيّد إصرارًا منه على القفز فوق الرسالة التي كشفها العزوف الكبير عن التصويت، وجرًّا للساحة السياسية إلى مربع أمني قضائي ينكّل فيه سعيّد بخصومه وفق قوانين ومراسيم خاطها على المقاس.
لن يتراجع إلى الوراء
وفي تحليل السياسيين لكلمة سعيّد، أوضح المحامي والباحث في القانون قيصر الصياح -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/2/1)- أن كملة الرئيس سعيّد جاءت في سياق تاريخي ومفصلي، معتبرا أنه لن يتراجع إلى الوراء وسيعمل على تطبيق القانون بالسرعة القصوى لإنقاذ البلاد من مرحلة الفوضى التي وصلت إليها.
وأضاف أن الوضع التونسي الحالي هو نتيجة لتدخلات أطياف كثيرة من النخب السياسية التي أدت إلى انهيار البلاد، ولكن سعيّد يتدخل في الوقت الحاسم لإصلاح الأمور العالقة رغم المطبات التي تواجهه، حسب رأيه.
كما شدد على أن قيادات أمنية ونقابية كبرى في البلاد محالة على القضاء من أجل جرائم خطرة تتعلق بالمساس بالأمن في الدولة، ولذلك تعمل الدولة على تطبيق القانون ولا مجال للعصيان والاستقواء على مقومات الدولة.
خطاب الإنكار
على الجانب الآخر، اعتبر القيادي في جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك أن سعيّد يواصل خطاب الإنكار الذي يعتمده، إذ يدّعي أن الشعب التونسي لم يتجه لصناديق الاقتراع لأنه يكره البرلمان وينتظر المحاسبة، معتبرا أن ذلك فقط محاولة لتبرير “الفشل الذريع” للانتخابات التي قدم من خلالها الشعب التونسي درسا في الدور الأول والثاني.
كما تفهم حالة الإرباك التي يعيشها أنصار سعيّد الذين قال إنهم يحاولون الهروب من حقيقة أن الشعب التونسي رفض منظومة 25 يوليو/تموز وليس منخرطا بها، واصفا السلطة الحالية بأنها متشنجة ومتوترة ويمكن أن توظف الأجهزة الصلبة في الدولة للانتقام من معارضيها وتقدم بعضهم ككبش فداء.
الانتقام من الخصوم
وفي الحديث عن المؤامرات السياسية، اتهم رئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس أحمد نجيب الشابي الرئيس سعيّد بتوظيف القضاء العسكري للانتقام من خصومه على نحو يضرّ بحياد الجيش.
يذكر أن ما خصصه الرئيس سعيّد من حيز للعمل النقابي وما أعقب ذلك من اعتقال مسؤول نقابي، هو الأمين العام للنقابة الخصوصية للطرقات السريعة أنيس الكعبي، دفع اتحاد الشغل إلى عقد اجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي وإصدار بيان عبّر فيه عن تنديده بالإيقاف بوصفه ضربا للعمل النقابي وحقوقه.
وأشار البيان إلى أن عملية الإيقاف جرت مباشرة بعد كلمة رئيس الجمهورية، داعيا مختلف الهياكل النقابية في البلاد إلى التعبئة والاستعداد للدفاع عن الحقّ النقابي وحقّ الإضراب والحريات العامة والفردية.