أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

إلى أين يتجه رغيف الخبز في مصر؟

يعيش المواطن المصري في المرحلة الراهنة على وقع قرارات حكومية متسارعة، كان آخرها الحديث عن تحويل الدعم العيني للخبز إلى دعم نقدي، وهي خطوة تبعث على التوجس، كما يقول خبراء.

وكان وزير التموين المصري علي المصيلحي قال، في مداخلة تلفزيونية هذا الشهر، إن الحكومة تدرس تقديم دعم الخبز للمستحقين نقدا، ووفق شروط.

ويحصل أكثر من 70 مليون مصري -من أصل 104 ملايين- على دعم الخبز، كما تقول الحكومة.

ويحصل المستحقون على الرغيف الواحد مقابل 5 قروش، في حين تتحمل الحكومة ببقية التكلفة التي تصل إلى 90 قرشا (الدولار= 29.84 جنيها)، وفق المصيلحي.

وتتحمل الموازنة السنوية ما يصل إلى 90 مليار جنيه (2.653 مليار دولار)، لدعم 270 مليون رغيف يوميا.

 

واقع منظومة الخبز المدعوم

على الجهة الأخرى، يقول أحد أصحاب الأفران إن الحكومة تدفع 60 قرشا فقط لكل رغيف وليس 90 قرشا.

ويوضح المتحدث -رفض ذكر اسمه- أن بطاقة التموين للأسرة الواحدة لا تشمل أكثر من 4 أفراد، لكل فرد 5 أرغفة يوميا، وهو عدد لا يكفي لإطعام شخص طوال اليوم.

لذلك، فإن أغلب الأسر تشتري الخبز المدعم بسعر حر يتراوح بين 50 قرشًا إلى جنيه واحد، وفق المتحدث.

وأضاف “نحن نتسلم جوال الدقيق وزن 50 كلغ (مجانا) مقابل إنتاج 720 رغيفا، تصل تكلفة إنتاجها حاليا إلى 102 جنيه”.

وفصّل المتحدث تفاصيل إنتاج كيس الدقيق الواحد على النحو التالي: 7 جنيهات للردّة، 47 جنيها للسولار، 20 جنيها للخبّاز، 8 جنيهات للعجّان، 20 جنيها للتقطيع.

تقليص متواصل للدعم

منذ عام 2016 استبعدت الحكومة 7 ملايين مصري من منظومة الدعم ليتراجع العديد من 73 مليونا إلى 64 مليونا.

وكان البنك الدولي قال في تقرير خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي إن وزارة التموين طلبت من البرلمان تشكيل لجنة للنظر في تحويل دعم الخبز العيني إلى نقدي.

وأكد التقرير أنه قدم في السابق توصية للقاهرة بالتوجه نحو الدعم النقدي لتسهيل الحصول على قروض من المؤسسات الدولية.

 

شروط صندوق النقد

الحديث عن إعادة النظر في دعم الخبر تزامن مع أحاديث عن شروط قاسية يفرضها صندوق النقد الدولي لتمرير قرض محتمل لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، وهي شروط تتعلق في مجملها بتقليل النفقات الحكومية وتحرير مزيد من السلع المدعومة.

وكان وزير المالية المصري محمد معيط قال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن الخبز ليس من بين السلع التي تشملها عملية التفاوض مع الصندوق.

ويطالب صندوق النقد الحكومة المصرية بتبنّي برنامج لتخفيض الدين العام وهو “حاصل الديون الخارجية مضافا إليها الديون الداخلية”، إلى جانب خفض النفقات.

ومع تراجع احتياطات مصر من العملة الصعبة والبالغة 33.5 مليار دولار وفق إحصاءات البنك المركزي المصري عن ديسمبر/كانون الأول الماضي، لجأت الحكومة إلى خفض جديد لقيمة الجنيه.

وكان الخفض الأخير الذي شهده الشهر الجاري هو الرابع منذ 2016، ليصل الدولار الواحد إلى 29.75 جنيها، مقابل أقل من 9 جنيهات قبل أول تعويم.

غير أن الخبير الاقتصادي المصري الدكتور عبد النبي عبد المطلب يقول إن التحول من الدعم العيني إلى النقدي هو أحد أركان الاتفاق بصفة عامة.

وفي تصريح للجزيرة قال عبد المطلب إن الصندوق يتمسك بالدعم النقدي لأنه يحتسب بدقة، ولا يوجد به توالف أو فواقد أو تسرب كما الحال في الدعم العيني، مشيرًا إلى أن الاتفاق مع الصندوق يشترط كفاءة الإنفاق.

 

خطوة جيدة إذا كانت عادلة

قال عبد المطلب إن هذا التحول المحتمل سيزيل كل التشوهات التي تنطوي عليها منظومة الدعم، وسيسهم في تحقيق جملة أهداف في وقت واحد، في حال تم تطبيقه تطبيقا عادلا.

ومن بين الأهداف التي سيحققها التحول للدعم النقدي -وفق عبد المطلب- أنه سيضمن وصول الدعم بشكل أفضل إلى نسبة كبيرة جدا من المستحقين، وسيخفض مبلغ الدعم في الموازنة السنوية انخفاضا كبيرا.

إلى جانب ذلك، سيقلل الدعم النقدي من قيمة الواردات المصرية بشكل أكبر، خاصة واردات القمح، وسيقضي على أحد أكبر جوانب الفساد المتمثلة في “مافيا” استيراد القمح، فضلا عن السرقات التي تحدث في عملية الإنتاج، كما يقول الخبير المصري.

ويعتقد عبد المطلب أن هذا التحول سيوفر 20% على الأقل من قيمة الدعم السنوي مقارنة بالدعم العيني.

لكنه رأى أيضا أن نجاعة هذا التحول مرهونة بوضع شروط عادلة لا تفرق بين رجل وامرأة وطفل وشاب، لأن كل مواطن يستحق الدعم يجب أن يحصل عليه، وفق قوله.

وأضاف “يجب تحديد مبلغ شهري معين لكل فرد مستحق للدعم عموما، لأن هناك ملايينا يحصلون على دعم الخبز فقط، دون دعم السلع، وهناك من يحصل الاثنين ولا يحصل على دعم الوقود”.

 

مفهوم خاطئ للدعم

في المقابل، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية الدكتور مصطفى شاهين أن ما تقدمه مصر من دعم عيني وما تخطط له من دعم نقدي لا يتفقان مع المفهوم الاقتصادي الصحيح لهذين النوعين.

وأضاف شاهين، أن الدعم هو عبارة عن كمية معينة من السلعة أو منح المواطن المقابل المادي لهذه الكمية وفق السعر العالمي، بينما تبيع مصر كمية محدودة جدا من السلعة بأسعار أقل للمستحقين، أي إنها تبيع السلعة بسعرين.

ويرى أستاذ الاقتصاد أن الدعم النقدي هو الأفضل بلا شك، لكن لا يكون كذلك إلا إذا قامت الحكومة برصد ما يحتاجه المواطن الفقير من الخبز شهريا ثم تصرف له قيمة هذه الكمية نقدا حسب السعر العالمي، وليس بصرف مبلغ شهري ثابت لكمية تحددها هي.

وخلص إلى أن الدعم لا يكون دعما إلا بتقديمه لكل من يندرج تحت خط الفقر وأن يشمل السلع كافة، وبالكميات التي يحتاجها الفقير فعليا وفق السعر العالمي، وإلا تحوّل إلى عملية سرقة، حسب تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى