هل عززت الحكومة العراقية علاقاتها بالعرب عبر خليجي 25؟
فتح العراق أذرعه أمام أشقائه العرب وهو يوفر تسهيلات لدخولهم البلاد من دون تأشيرة، على هامش بطولة “كأس الخليج العربي 25″، المقامة حاليا في محافظة البصرة (جنوبي العراق)، في مشهد عكس عمق الروابط عززه قرار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بتمديد جميع التسهيلات لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي حتى بعد انتهاء البطولة.
وينتهج السوداني خطا جديدا بالتقرب من المحيط العربي مستفيدا من أخطاء أسلافه، ففي حفل أقيم للوفود الخليجية -السبت الماضي- وصف السوداني البطولة بأنها تحولت إلى عرسٍ عربي، ولقاءٍ أخوي على أرض العراق، بما هو أكبر من مجرد مناسبة رياضية.
وأوضح السوداني أن التسهيلات التي رافقت البطولة على الحدود ستستمر إلى ما بعدها، وأن العراقيين يرحبون بأشقائهم من دول الخليج.
الحضن العربي
وإلى هذا النحو، ذهب الباحث السياسي علي البيدر بقوله إن الجميع أدركوا ضرورة الاقتراب من الحضن العربي، الذي لا بديل عنه باللجوء إلى خيارات إقليمية أخرى لا تفكر بسوى مصلحتها، مبينا أن السوداني شخصية عروبية متفهمة ومدركة لضرورة مساعدة العرب للعراقيين في هذه المرحلة.
ويرى البيدر أن متغيرات مفصلية جعلت العرب يغيرون بعض الصور النمطية المرسومة عن العراق. وشدد على أن ما يجمع الدول العربية وأنظمتها أكثر مما يفرقها، وهي بحاجة ماسة اليوم للتوحد أكثر وتعزيز المشتركات.
وتابع أنه على المستوى المجتمعي هناك مزاج عام عربي وعراقي يتجه لتعزيز العلاقات، وهذا ما أجبر الساسة على اتخاذ خطوات لتقريب المواقف أكثر.
ولفت إلى أن خليجي 25 فرصة لاستعادة مكانة العراق داخل المنظومة العربية وتجربة تسمح للدول العربية والخليجية الاطلاع على الواقع العراقي، ولمس المشهد بشكل مباشر من دون الاعتماد على ما هو منقول وقد يجافي الحقيقة أحيانا، أو يسلط الضوء على الجانب السلبي للعراق من دون النظر للإيجابيات.
ودعا البيدر حكومة السوداني لاستثمار بطولة كأس الخليج، وتكرارها في قطاعات مختلفة في الفن والثقافة والأدب، وحتى في الجوانب الاقتصادية، لما لها من دور كبير في زيادة الحضور العربي في الساحة العراقية، وهي خطوة ستؤدي لحالة توأمة وتقليل نفوذ أطراف إقليمية أخرى لا تكترث لسوى مصالحها.
السوداني يقترب أكثر
بدوره، اعتبر الباحث السياسي نبيل جبار التميمي أن تنشئة السوداني داخل العراق ذات أثر واضح في شخصيته التي أبت التنكر للهوية العراقية العربية، وقد يكون لقاؤه بنظرائه العرب -خلال القمة العربية الصينية قبل شهر في الرياض- ذا أثر واضح في استمالة القلوب، وما لوحظ مؤخرا في بطولة خليجي 25 من رغبات متبادلة بين الخليجيين والعراقيين على حد سواء أسهمت بشدة في تغيير كثير من الأنماط الفكرية السائدة في البلدان الخليجية والعراق.
ورأى التميمي أن الاستثمار السياسي لهذا التقارب الاجتماعي بين الخليجيين والعراقيين مهم لفتح آفاق تعاون سياسي واقتصادي، وقد يؤدي لفتح الأبواب لاستثمار خليجي في العراق، وأبواب الدول الخليجية أمام العراقيين كزائرين أو أصحاب أعمال ومهن.
دوافع اقتصادية
من جهته، وصف أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي قرار السوداني التسهيلات للخليجيين بالقرار الصائب والمهم لتحقيق فوائد للعراق، وآملا التمهيد على المدى البعيد لانضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي لكونه يطل على الخليج، بالإضافة لوجود كثير من المشتركات والروابط بين العراق وشعوب الخليج.
وعَدّ السعدي الخليج العربي القاسم المشترك بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لكن تم استبعاد دول لها حق الانضمام، مثل العراق، رغم أن العراق منذ الثمانينيات يطالب بأن يكون عضوا في المجلس.
أما بعد 2003، حسب السعدي، قدم العراق طلب انضمام إلى المجلس ولم تأت الإجابة بالرفض أو القبول، لأن بعض الأعضاء كانوا ينظرون للعراق على أنه مضطرب سياسيا وأمنيا.
ويكمل السعدي حديثه بالقول إن العراق اليوم قد حقق الاستقرار الأمني نسبيا، وبعد نجاح بطولة الخليج “بشاهد الجميع” صار مؤهلا ليكون عضوا في مجلس التعاون.
وأضاف أن موقع العراق الجغرافي يعد عمقا إستراتيجيا لدول الخليج، إذ تطل حدوده على كل من السعودية والكويت، لذلك هناك رغبة كبيرة من العراقيين والشعوب الخليجية في أن ينضم العراق للمجلس، لما في ذلك من فوائد اقتصادية وسياسية للطرفين.
وذكر السعدي من هذه الفوائد أن انضمام العراق للمجلس سيقويه سياسيا، كما سيسهل توجه رؤوس الأموال الخليجية للاستثمار في العراق الذي يتعطش لكثير من المشاريع، لا سيما في البنى التحتية والتنموية.