وقفات احتجاجية في ذكرى ثورة تونس والسلطات تحاول إغلاق شارع بورقيبة
انطلقت صباح اليوم السبت تجمعات احتجاجية للمعارضة التونسية في جهات مختلفة من العاصمة التونسية، احتفالاً بالذكرى الثانية عشرة للثورة التونسية، وسط تعزيزات أمنية كبيرة وإغلاق الطرق المؤدية إلى شارع بورقيبة.
وتجمع أنصار جبهة الخلاص الوطني في جهة “باساج”، منددين بمنع مناصريهم في الجهات من الوصول إلى العاصمة، وكذلك بإغلاق الشوارع المؤدية إلى شارع بورقيبة وسط العاصمة، وكسر أنصار جبهة الخلاص الطوق الأمني، محاولين الوصول إلى شارع بورقيبة.
كذلك نظم “الاتحاد العام التونسي للشغل” اجتماعاً نقابياً، السبت، وقال الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، إن من حق كل الأطراف التظاهر دون قمع أو عنف من قبل قوات الأمن مهما كانت التوجهات السياسية للمتظاهرين، وأكّد أن الموعد قريب جداً للدفاع عن تونس، داعياً جميع النقابيين إلى الاستعداد لمعركة وطنية لإنقاذ تونس.
وأضاف الطبوبي أن “هدف الاتحاد ليس المنافسة على مناصب”، مشدداً على أنّ “الذباب الأزرق التابع للمعارضة وللسلطة سينطلق في تشويه الاتحاد عبر صفحات التواصل الاجتماعي واستهدافه، لكن ذلك لن يثنيهم عن التحرك” حسب قوله.
من جهتها، نددت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، بمنع أنصارها من الوصول إلى ضاحية قرطاج عبر وسائل النقل العمومي، حيث كانت تريد أن تتظاهر اليوم، وقالت إن محافظ تونس منعهم من ذلك. ورفعت موسي برفقة مناصريها شعارات مناوئة للرئيس سعيّد وللربيع العربي.
“صراع إرادات”
من جهته قال القيادي بحزب النهضة محمد القوماني: “نحن في الشارع يوم 14 يناير وفاءً لدماء الشهداء الزكية.. ونحن جئنا اليوم تعبيراً عن وفائنا للشهداء وتمسكنا بتحقيق أهداف الثورة، ونقول بطيف سياسي واسع وبنداء من مختلف المنظمات والأحزاب والجمعيات ومختلف الحساسيات لقيس سعيد إنه استنفد وقته، وأخذ من الوقت والصلاحيات ما أظهر عجزه عن حل مشاكل تونس”.
وأضاف “نقول لسعيد اليوم بصوت عالٍ ارحل عن تونس واترك المجال للتونسيين ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم، قيس سعيد أصبح يمثل الخطر الجاثم والخطر الذي يمنع تونس من التقدم”، وشدد القوماني “تم التضييق على الحافلات وعلى التونسيين في بعض الطرقات، ولكن التونسيين جاؤوا من أقاصي البلاد ليعبروا عن عزمهم على استرجاع الديمقراطية”.
وقال رئيس جبهة الخلاص، أحمد نجيب الشابي، “إنها لحظة صراع الإرادات، إرادة الثورة في عيد الثورة وفاءً للشهداء من جهة، وإرادة الردة من جهة أخرى ردة عبير موسي التي تحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وردة قيس سعيد الذي يريد أن يفرض حكماً مستبداً مطلقاً بعد أن تحرر الشعب في 14 يناير 2011”.
وتابع الشابي “نحن هنا لإحياء هذه الذكرى ولتأكيد وفائنا لروح الشهداء وبأننا متمسكون بالدفاع عن الثورة والعودة إلى الشرعية”، مضيفاً “أن علي العريض ليس لوحده في السجن بل يمثل العشرات من زعماء الحركة المعارضة والحركة المدنية أمام القضاء العسكري والمدني”.
وأشار إلى أن “قيادة جبهة الخلاص الوطني ممثلة في رضا بلحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ومخاطبكم محالون بتهمة تمويل الإرهاب وإيوائه إلى غير ذلك من التهم الرخيصة التافهة، التي سنواجهها بالشجاعة متحملين ما يكتبه الله علينا مؤمنين بأن نضالتنا لن تذهب سدى”، وبيّن أن “خلاص تونس سيتحقق حينما ينفض إخواننا حساباتهم الصغيرة ويرتقون إلى مستحقات المرحلة وهي رحيل قيس سعيد”.
وقال الأمين العام لحزب العمل والإنجاز، عبد اللطيف المكي، “نحتفل بعيد الثورة التي ستُسقط الانقلاب وسط زخم نضالي كبير”، مشيراً إلى أن “أهم رسالة هي أن إسقاط الانقلاب سيكون لا محالة، وأن البلاد لا يمكن أن تتقدم اقتصادياً واجتماعياً في ظل احتكار قيس سعيد لكل السلطات”.
وقال الأمين العام لحزب التكتل، خليل الزاوية، إن “التمسك بإحياء ذكرى الثورة يوم 14 يناير في ذات المكان الذي شهد سقوط النظام هو تثبيت لتاريخ البلاد الذي يسعى الرئيس قيس سعيد إلى إعادة كتابته على المقاس”.
وأضاف الزاوية أن” إلغاء الرئيس سعيد لتاريخ 14 يناير هو تنكّر لدماء الشهداء الذين سقطوا أيام 14 و15 و16 من ذات الشهر عام 2011″، معتبراً أن “نزول الأحزاب السياسية إلى الشارع مجدداً هو تمسك بالدفاع عن الحريات العامة ودستور يضمن الفصل بين السلطات ولا يكرّس استبداد الحاكم أو الفرد الواحد كما هو الوضع الحال “، بحسب قوله.
وأشار رئيس حزب التكتل إلى أن “العديد من مناضلي الأحزاب لم يتمكنوا من الالتحاق بالمسيرات التي انتظمت في العاصمة تونس بعد أن جرى اعتراض الحافلات التي كانت تنقلهم”، واعتبر أن “منع مناضلي الأحزاب من الوصول إلى العاصمة وتونس قادمين من جهاتهم، هو دليل على تضييق على الحرّيات”.
كذلك قال الناشط السياسي والحقوقي، عياشي الهمامي، إن “النزول إلى الشارع في ذكرى الثورة هو تعبير عن الرفض للمسار التدميري للدولة الذي يقوده الرئيس قيس سعيد”، وزاد الهمامي أن “الرئيس قيس سعيد بصدد ضرب حرية التعبير كما أنه فشل في تقديم إجابات وحلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي المأزوم”.
وأشار الهمامي إلى أن “الفشل في الإجابة عن مطالب التونسيين تدفع السلطة إلى استعمال العصا الغليظة وشتم وتشويه وتخوين الخصوم السياسيين”، معتبراً أن “التضييقات على المسيرات المنتظمة كانت بغاية منع توحّد التونسيين، غير أن المعارضة مصرّة على النضال الذي مازال طريقه صعباً”.
وفي نفس السياق، دعا حزب العمال التونسي، كل القوى التقدمية إلى “توحيد الجهود من أجل التصدي لكل نوازع الاستبداد ونسف مكسب الحرية السياسية، الذي ناضلت من أجله الأجيال المتلاحقة وعمّدتها دماء الشهداء”.
واعتبر الحزب، في بيان له، “أنّ استئناف مسار الثورة وإسقاط كل منظومة الاستبداد والعمالة والفساد التي يتصدّرها قيس سعيد هو أقصر الطرق من أجل تحرر شعبنا وبلادنا وانتصار مطالب الثورة”.
وجاء بيان الحزب في الذكرى 12 للثورة التونسية، ودعا الحزب الشعب التونسي ومجمل فعالياته السياسية والاجتماعية والمدنية، إلى “الخروج إلى الشوارع لإحياء ذكرى انتصار الثورة في إسقاط الدكتاتورية، وإلى التصدي لتوجهات قيس سعيد المعادية للثورة والتي تريد التصرف في تاريخ نضال شعبنا واستغلال حالة الإحباط التي زرعتها مجمل منظومة الفشل التي حكمت تونس بعد إسقاط بن علي”.
وقفة أمام مقر نقابة الصحافيين التونسيين
وفي السياق نفسه، نظمت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الاجتماعية وقفة احتفالية احتجاجية أمام مقر النقابة بالعاصمة التونسية شاركت فيها وجوه إعلامية وحقوقية.
وكان شعار الوقفة الأساسي “الثورة مستمرة”، كذلك رُفعت فيها شعارات تمجد شهداء الثورة التونسية، منها شعار “أوفياء لدماء الشهداء والشعارات التقليدية التي عُرفت بها الثورة التونسية منذ انطلاقتها يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 إلى حدود سقوط النظام وانتصار الثورة يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2011 من قبيل: “شغل /خبز.. حرية.. كرامة”، ودعا المحتفلون/ المحتجون إلى إسقاط المرسوم الـ54، الذي سنّه الرئيس التونسي قيس سعيّد في 13 سبتمبر/ أيلول 2022، وهو مرسوم يُجرم النشر الإلكتروني ويُضيق على حرية الرأي والتعبير حيث يسلط عقوبات سالبة للحرية تصل إلى عشر سنوات سجن.
وقال محمد ياسين مهدي الجلاصي، نقيب الصحافيين التونسيين، إن “الاحتفال بالثورة التونسية هو تعبير عن إيمان التونسيين بهذه الثورة التي ضحى من أجلها الكثير من التونسيات والتونسيين بدمائهم الزكية، ورغم الانتكاسات التي عرفتها، لكنها تبقى حدثاً مفصلياً في تاريخ تونس خرج بها من الاستبداد إلى الحرية”.
وأشار الجلاصي إلى أن “تونس تشهد اليوم وضعاً دقيقاً يتطلب تضافر كل الجهود من قوى المجتمع المدني والقوى الديمقراطية من أجل المحافظة على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، التي تعرف انتكاسة خطيرة بعد قرارات الرئيس قيس سعيّد الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021″، مضيفاً أن “السلطة الحالية تضيق على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير من خلال المرسوم الـ54 الذي نطالب بإلغائه ضماناً لمناخ ديمقراطي واحتياطاً من العودة إلى مربع الاستبداد الأول قبل الثورة التونسية”.