مواجهة لا يريدها البيت الأبيض.. ما هو موقف بايدن من حكومة نتنياهو؟
بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى إسرائيل في زيارتين منفصلتين قبل نهاية يناير/كانون الثاني الجاري للإعداد لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في فبراير/شباط المقبل تتواصل المخاوف الأميركية من سياسات حكومة أقصى اليمين المتطرف في إسرائيل تجاه الفلسطينيين.
وانقسم خبراء أميركيون تحدثت إليهم الجزيرة نت بشأن كيفية مواجهة إدارة الرئيس جو بايدن مواقف وسياسات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وأكد البعض أن بايدن لن يدخل في مواجهة لا يرغبها مع الحكومة الجديدة، في حين رأى آخرون ضرورة التأكيد على الخطوط الحمراء الأميركية، والتهديد بعواقب حال تخطيها.
لكن نصف قرن من انخراط جو بايدن في العمل السياسي قد شكل بالفعل سجلا طويلا من التزامه القوي بحماية أمن إسرائيل وتعزيز الشراكة الأميركية الإسرائيلية، فقد اعتبر بايدن خلال حملته الانتخابية عام 2020 أن دعمه لإسرائيل “شخصي للغاية ويمتد طوال حياته المهنية”.
وعلى الرغم من تعهد بايدن بإعادة المبادئ الحاكمة التي وجهت الدبلوماسية الأميركية نحو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويشمل ذلك دعم حل الدولتين، ومعارضة ضم إسرائيل الأراضي وبناء المستوطنات فإنه لم يتراجع عن قرار ترامب نقل سفارة واشنطن إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ولم يعد افتتاح قنصلية بلاده بالقدس الشرقية.
وتؤكد إدارة بايدن أنها لا تزال تهدف إلى إعادة فتح قنصليتها في القدس، والتي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019 إلا أنها لا تقدم جدولا زمنيا ولم تبدأ أي إجراءات عملية في هذا الاتجاه على الرغم من بدء العام الثالث من حكم بايدن خوفا من إغضاب إسرائيل.
انعدام الآمال في إدارة بايدن
وقالت مديرة “مؤسسة سلام الشرق الأوسط” بواشنطن لارا فريدمان، إنها لا تتوقع من إدارة بايدن أن تقف في وجه حكومة نتنياهو الجديدة بشأن أي شيء يتعلق بالفلسطينيين طالما أنها تستطيع تجنب القيام بذلك.
وأضافت فريدمان أنه “بقدر ما ستضطر إدارة بايدن بسبب الإجراءات الإسرائيلية إلى اتخاذ مواقف تبدو قوية ينبغي للمرء أن يتوقع استمرارا للنهج الذي رأيناه في ظل الحكومة الإسرائيلية السابقة، أي صدور بيانات القلق العاجزة وعدم وجود دعوات أو إجراءات ذات مغزى من شأنها أن تؤدي إلى المساءلة أو العواقب كما رأى العالم -على سبيل المثال- في حالة مقتل شيرين أبو عاقلة”.
وأشارت إلى أن فكرة الخطوط الحمراء في سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الإسرائيل الفلسطينية تجاوزها الزمان.
واعتبرت فريدمان أن ما يتم تأطيره على أنه “خطوط حمراء” هو في الواقع تعبير من قبل المسؤولين الأميركيين عن أشياء يأملون بشدة ألا تفعلها إسرائيل من أجل تجنب إجبار الولايات المتحدة على إيجاد طريقة ما للرد.
وتابعت أن الحكومات الإسرائيلية فهمت ذلك، بما في ذلك ما تسمى الحكومة المعتدلة التي سبقت حكومة نتنياهو الحالية.
وأضافت فريدمان أنه منذ عقود -ولأسباب سياسية وأيديولوجية- لم يفرض أي رئيس أميركي أو الكونغرس أي عقوبات على تجاوز إسرائيل “الخطوط الحمراء الأميركية”.
وأكدت أنه “بغض النظر عن مدى وقاحة انتهاك هذه الخطوط الحمراء ستدافع الولايات المتحدة بنشاط وحماس عن سياسات إسرائيل ضد مساعي أي جهة أخرى، سواء كانت الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الناشطين على مستوى القاعدة الشعبية”.
المساعدات.. سلاح لا يستخدم
من الناحية النظرية، تملك واشنطن القدرة على فرض شروط على المساعدات السنوية المقدمة لإسرائيل، والتي تقترب قيمتها من 3.8 مليارات دولار.
وقالت لارا فريدمان، إن “إدارة بايدن تعرف أنها إذا استخدمت هذا الأمر فسيكون بمثابة تحول في السياسة من شأنه أن يوصف بأنه خيانة غير مسبوقة لإسرائيل، وسيعني الدخول في حرب مع نتنياهو وأيباك والمسيحيين الإنجيليين المؤيدين لإسرائيل ونواة الديمقراطيين المتشددين المؤيدين لها في الكونغرس والممولين الديمقراطيين، وبالطبع الحزب الجمهوري الذي يعتبر دعم إسرائيل اليوم أمرا أساسيا”.
وذكر غريغوري أفتانديليان خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن أن “إدارة بايدن قد واجهت بالفعل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بسبب التصريحات والأعمال الاستفزازية لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير”.
وأشار أفتانديليان إلى أنه “إذا انخرطت إسرائيل في مخطط كبير لبناء المستوطنات في الضفة الغربية فستعترض إدارة بايدن سرا وعلانية”.
واعتبر أن الخط الأحمر لإدارة بايدن هو “أن تضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما يريده بوضوح الوزيران بن غفير وسموتريتش عضوا الحكومة الجديدة”.
وشكك أفتانديليان في إقدام بايدن على معاقبة إسرائيل، وبرر ذلك بأن “الكونغرس لديه سلطة الإنفاق، وأن الجمهوريين في الكونغرس مؤيدون لنتنياهو، ومع ذلك يمكن لإدارة بايدن أن تهدد بتقليص التعاون الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل إذا مضت الحكومة الإسرائيلية قدما في ضم أجزاء من الضفة الغربية”.
نصائح لبايدن
بدوره، يرى المسؤول الأميركي السابق في ملف عملية سلام الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر أن بايدن مشغول للغاية.
وأشار ميلر إلى أن مواجهة إسرائيل تتطلب وقتا وطاقة رئاسية، وهو ما لا يملكه بايدن حاليا، إذ يواجه ملفات سياسية خارجية شائكة تفتقر إلى حلول سريعة أو سهلة.
وبينما أكد أن أهم أولويات السياسة الخارجية للإدارة الأميركية هي الحرب الروسية ضد أوكرانيا وكيفية التعامل مع الصين والتهديدات النووية من كل من كوريا الشمالية وإيران فإن ميلر يرى أن أفضل ما يمكن أن يأمل بايدن تحقيقه هو منع تفجر التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
من جانبه، نصح مارتن إنديك مسؤول عملية السلام والسفير الأميركي السابق لإسرائيل إدارة بايدن بتبني 4 خطوط حمراء والتأكيد لحكومة نتنياهو على أن أي تخطٍ لها يعد عملا مضرا بمصالح الأمن القومي الأميركي.
وذكر إنديك، أن هذه الخطوط الحمراء هي “عدم ضم أي أراضٍ من الضفة الغربية لإسرائيل، وعدم تقنين أوضاع أي مستوطنات في الضفة الغربية، وعدم تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة بالحرم القدسي الشريف، وعدم بناء مستوطنات جديدة”.