إسرائيل، المعبر لكرسي الرئاسة الفلسطينية.. واشنطن تمهد الطريق لحسين الشيخ
الإعلامي أحمد حازم
الشعب الفلسطيني بلاه الله بعباسين، أحدهما منصور في إسرائيل والثاني محمود في السلطة الفلسطينية، والقاسم المشترك للعباسين هي إسرائيل، التي يعترف العباس منصور أنها “دولة اليهود”، والثاني العباس محمود يرى أنها دولة “النسيق الأمني المقدس” مع سلطته، حسب قوله. الأول لا يبحث (حتى الآن) عن خليفة له، والثاني “مشغول” بمن سيخلفه. ورغم أن كافة السيناريوهات والوقائع تشير إلى أن “المدلل” حسين الشيخ هو الخليفة المنتظر بمباركة “أبو مازن”، إلّا أنَّ الغيوم لا تزال موجودة في سماء الرئاسة القادمة، حيث الخلاقات بين صقور فتح الذين يسعى كل منهم من أجل أن يكون الرئيس المقبل لسلطة أقل ما يقال فيها إنَّها مهترئة فاسدة قمعية.
ولكن لماذا تسليط المجهر على حسين الشيخ رغم وجود أسماء في قيادة فتح لها تاريخها النضالي ومكانتها بين شعبها أكثر بكثير من حسين الشيخ، الذي لم يبدأ مشواره السياسي سوى منذ فترة ليست طويلة قياسا بالآخرين، ولم يسطع نجمه إلا في عهد محمود عباس، الذي وفَّر له هذه الإمكانية، حيث أصدر قرارًا بتعيين الشيخ عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، دون عقد اجتماع رسمي للجنة التنفيذية. ولاحقًا، أصدر قرار تعيين حسين الشيخ بمنصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ ما يعني أنه بات الرجل الثاني فيها، وبالتالي مرشحًا لخلافته في قيادة المنظمة والسلطة.
لم تكن قدرات حسين الشيخ الحزبية والسياسية هي التي لعبت دورًا رئيسيا في تقدمه خطوات سريعة باتجاه قيادة فتح، يعني أن يصبح من أسماء الصف الأول في القيادة، بل هناك أسباب أخرى. والمناصب في السلطة لا توفر لمن هو جدير بها، بل يتم توفيرها على أساس العلاقات والعشائرية ومدى استعداد صاحب المنصب تقديم “الخدمات” المطلوبة وبالأحرى المفروضة.
ولو راجعنا المعطيات عن حسين الشيخ، لوجدنا أنه يتمتع بالصفات المطلوبة: الميزة الأهم لحسين الشيخ وجود علاقات قوية له مع إسرائيل ولا سيما قيادة التنسيق الأمني معها حيث يتم هذا التنسيق المسيء جدا للشعب الفلسطيني تحت ستار وزارة الشؤون المدنية التي يتولاها الشيخ نفسه.
وكبرهان مقنع على العلاقة “الوثيقة؟!” بين الشيخ وإسرائيل، فإن خبر زيارته لواشنطن العام الماضي، كانت الصحافة العبرية أول من نشر الخبر وليس الإعلام الفلسطيني الرسمي (هآرتس، 29 سبتمبر/أيلول الماضي). الإدارة الأمريكية استقبلت الشيخ بشكل رسمي مشمول باهتمام لفت نظر المحللين والخبراء بالملف الإسرائيلي الفلسطيني، ويبدو واضحا أنَّ الزيارة قد تمَّ الترتيب لها منذ زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن للمنطقة منتصف يوليو/ تموز الماضي، حيث التقى (بايدن) الشيخ ورئيس السلطة، محمود عباس.
بقي علينا القول إنَّ أمين سرّ منظمة التحرير حسين الشيخ مرضي عنه إسرائيليًا وأمريكيًا، ولذلك فإن الطريق إلى كرسي الرئاسة الفلسطينية، أصبح سهلًا. وما دامت أمريكا وإسرائيل راضيتان عنه، فإنه سيكون الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية الهشَّة حسب قاعدة أن تولي منصب الرئيس في رام الله يمرُّ فقط عبر تل أبيب وواشنطن.
ميزة مهمة أخرى لحسين الشيخ، هي امتلاكه أيضًا علاقات قوية مع روسيا التي يزورها الشيخ باستمرار في الفترة الأخيرة، علمًا بأن أول تهنئة له بتعيينه عضوًا في اللجنة التنفيذية كانت من نائب وزير الخارجية الروسي المكلف بشؤون المنطقة ميخائيل بوغدانوف.
وأخيرًا.. اختيار الرئيس يتمُّ عادة من قبل الشعب أو ممثلي الشعب في البرلمان، لكن في السلطة الفلسطينية فلا مكانة للشعب أو البرلمان، لأن قرار تعيين رئيس يمرُّ فقط من خلال أعداء الشعب.