باكستان 2023.. هل تشهد انتخابات مبكرة وعودة عمران خان للسلطة؟
لم يكن المشهد السياسي في باكستان مستقرا منذ بداية عام 2022 حيث كان الصراع على الحكم على أشده، وها هو المشهد يزداد توترا مع بداية عام جديد.
ولا يزال الصراع على أشده بين الحكومة الحالية التي يقودها تحالف من عدة أحزاب، وبين المعارضة التي يقودها رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب “إنصاف” الباكستاني عمران خان.
ما أبرز الأحداث السياسية التي شهدها عام 2022 في باكستان؟
منذ بداية مارس/آذار، أصبح عمران خان في مواجهة تصويت في المجلس الوطني (البرلمان) لحجب الثقة عن حكومته، وهو تصويت كان قد نجا منه في العام الذي سبقه حيث دعا للتصويت على تجديد الثقة لحكومته بعد أزمة مع المعارضة التي تتهمه بالفوز في الانتخابات بدعم من الجيش.
في 9 أبريل/نيسان، نجحت المعارضة في البرلمان في حجب الثقة عن حكومة خان، وهو ما دعاه لاتهامها وأطراف أخرى في البلاد بالتآمر مع الولايات المتحدة لإسقاط حكومته.
بعد يومين فقط، انتخب البرلمان حكومة جديدة تضم وزراء من الأحزاب التي أسقطت حكومة حزب إنصاف، وانتُخب شهباز شريف زعيم حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) رئيسا للوزراء، ما جعل عمران خان يصفها بـ”الحكومة المستوردة”.
استغل خان حرارة الشارع ليروج لرواية المؤامرة والتدخل الخارجي لحشد أنصاره والتضييق على الحكومة الجديدة، أملا في إجبارها على إجراء انتخابات مبكرة -وهو ما لم يحدث حتى اللحظة- بالرغم من الاحتجاجات والمظاهرات المتكررة التي قادها خان على مدار الأشهر الماضية.
في بداية نوفمبر/تشرين الثاني وفي خضم سعيه وراء هذا الهدف، تعرض خان لمحاولة اغتيال في مدينة وزير آباد في إقليم البنجاب (شرقي البلاد)، وهو ما جعل الأزمة السياسية تدخل في نفق مظلم خاصة بعد اتهام عمران خان رئيس الوزراء ووزير الداخلية وقائدا كبيرا في الاستخبارات العسكرية الباكستانية بالتورط في تلك المحاولة.
إلى أين وصل الصراع بين الحكومة والمعارضة في باكستان؟
تصاعدت حالة التوتر في الساحة الباكستانية وتصاعدت أيضا حالة الغضب لدى أنصار خان بعد محاولة اغتياله، وهو ما استغله عمران خان للتأكيد على ضرورة عقد انتخابات مبكرة.
ويعتقد البعض بأن عمران خان لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في باكستان، وذلك قياسا على الحشود التي لا يزال قادرا على جمعها، وعلى نتائج الانتخابات الفرعية التي فاز بها حزبه في إقليم البنجاب أكبر الأقاليم الباكستانية من حيث عدد الناخبين.
ويعتقد البعض أيضا أن تعيين قائد جديد للجيش في نوفمبر/تشرين الثاني سوف يكون له تأثير كبير على مسار الصراع خاصة في ظل الاعتقاد السائد في البلاد بأن القائد الجديد علاقته ليست على ما يرام مع خان.
ولم يتوقف عمران خان خلال الأشهر الماضية عن التلميح عن مسؤولية المؤسسة العسكرية أو شخصيات عسكرية مرموقة عن إسقاط حكومته، وها هو خان يؤكد على تلك التصريحات حيث اتهم قائد الجيش السابق الجنرال قمر جاويد باجوا بالتآمر مع الولايات المتحدة لإسقاط حكومته.
أي مستقبل ينتظر صراع الحكومة والمعارضة في باكستان؟
في محاولة أخرى للضغط على الحكومة الفدرالية لإجراء انتخابات مبكرة، أعلن خان عن نيته حل مجلسي إقليمي البنجاب (شرق) وخيبر بختونخوا (شمال غرب) اللذين يسيطر عليهما حزبه، وبالتالي حل حكومتي الإقليمين.
وحول مستقبل الصراع بين الحكومة والمعارضة في باكستان يرجح البعض أن الصراع سوف يستمر على ما هو عليه خاصة في ظل عدم وجود جديد على خطاب عمران خان.
وفي هذا السياق، يرجح المحلل السياسي والإستراتيجي حذيفة فريد أن تجرى الانتخابات في موعدها المقرر مسبقا بعد انتهاء المدة الدستورية للحكومة الفدرالية الحالية في أغسطس/آب المقبل، بحيث تكون الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول.
وفي حديثه للجزيرة نت استبعد فريد أن يتم إجراء انتخابات مبكرة كما يطالب خان حتى ولو تم حل حكومتي البنجاب وخيبر بختونخوا. وبدلا من ذلك يمكن أن تقوم الحكومة بعقد انتخابات في الإقليمين فقط دون الذهاب لانتخابات عامة.
ويرى فريد أن الأوضاع الحالية والتي تشهد تحسنا في الوضع الاقتصادي وقيمة العملة وانخفاض معدل التضخم والتي يتوقع أن تستمر خلال العام المقبل، فإنه يصب في صالح الحكومة، خاصة لو أخذنا بعين الاعتبار أن “ذاكرة الشعوب ضعيفة”، وفق تعبيره.
من جهة أخرى، يرى فريد أن تصريحات عمران خان ضد قائد الجيش السابق قد أدت إلى صدام بينه وبين أحد أقرب حلفائه في حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح قائد أعظم).
وهذا ما يؤكد عليه الكاتب والصحفي زاهد حسين في مقال رأي على صحيفة “دون” (DAWN) الباكستانية، الذي يقول إن تصريحات خان ضد قائد الجيش السابق جعلت حليف خان وزعيم حزب الرابطة (جناح قائد أعظم) يتراجع عن فكرة حل البرلمانات الإقليمية.
ويرى حسين أن التحالف الحكومي الفدرالي سوف يستفيد استفادة كاملة من اتساع الفجوة في الائتلاف الحاكم في البنجاب (حزب الإنصاف وحزب الرابطة -جناح قائد أعظم)، بل وقد ينفض التحالف بينهما.
وحول خيارات خان للتعامل مع المرحلة المقبلة يقول فريد إن عمران خان يخاطر بالأوراق التي يلعب بها، وليس أمامه سوى الانتظار حتى إجراء الانتخابات العامة وعدم إقدامه على أي خطوة أخرى. ويرى أيضا أن حل حكومتي البنجاب وخيبر بختونخوا ليس في صالحه.
ويبقى باب الصراع بين الفرقاء السياسيين مفتوحا على مصراعيه في وقت يتحدث فيه البعض عن اقتراب نفاد الأوراق السياسية لعمران خان.
ويبقى التساؤل أيضا قائما حول عودة خان وحزبه إلى الشارع مجددا كورقة ثابتة للضغط على الحكومة، في الوقت الذي لا يزال يملك فيه شعبية تبقيه حاضرا وبقوة في المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة.