لماذا يعيد نظام السيسي ملف محاكمات الإخوان للواجهة؟
يواصل النظام المصري الحاكم من آن إلى آخر تفجير قضية جنائية جديدة بحق قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، أو إدراج بعضهم على قائمة الكيانات الإرهابية، أو إصدار حكم قضائي بحقهم رغم عدم وجود أحداث تستدعي ذلك، خاصة مع آلاف الأحكام الصادرة ما بين السجن لمدد مختلفة والمؤبد وحتى الإعدام.
وعلى مدار نحو 9 سنوات جرت آلاف المحاكمات لأعضاء الجماعة ووزراء عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي،ومعارضي النظام، في المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة العليا إرهاب، والمحاكم الجنائية والجنح والاقتصادية.
ورغم مرور كل تلك السنوات إلا أن النظام يواصل نفس السياسات ويستخرج من آن إلى آخر قضايا ويصدر قرارات وأحكاما، ما اعتبره متحدثون إلى “عربي21″، تصدير ما يسمى “الإخوانوفوبيا”, واستعادة الحديث عن الإرهاب، وجعل تلك الأحكام فزاعة لكل فئات المعارضة.
والثلاثاء، قررت محكمة جنايات القاهرة في مصر، إدراج خمسة من أعضاء جماعة الإخوان التي تصنفها “إرهابية” على قائمة “الكيانات الإرهابية” لمدة خمس سنوات، هم: وزير التموين الأسبق باسم عودة، وعمرو محمد زكي، ومحمد السيد أحمد، وأنور صبحي درويش، وباسم كمال محمد، ومجدي عبدالعليم خروب.
المثير أن هذا الادراج يأتي في توقيت صعب يعيشه المصريون مع أزمة غلاء طاحنة، وارتفاع لنسب التضخم لمعدل قياسي وصل الى 21.5 بالمئة، بحسب بيانات البنك المركزي المصري عن تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
بينما يظل الوزير المعتقل ضمن وزراء عهد مرسي، منذ 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، بتهم التحريض على العنف، في اتهامات ومحاكمات وصفها حقوقيون بأنها مسيسة وغير عادلة، في ذاكرة الشعب المصري کأفضل وزیر تموین على الإطلاق، لما قدمه من إنجازات خلال عام واحد.
كما أن إدراج باسم عودة ومعه خمسة آخرون مجددا ضمن العشرات من قيادات الإخوان المسلمين، على قائمة الكيانات الإرهابية، يأتي رغم حكم نهائي صادر من محكمة النقض المصرية في حزيران/ يونيو 2021, بالإعدام لعودة، في قضية “فض اعتصام رابعة”، مع 12 من قيادات الإخوان بينهم مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع.
منذ إنقلاب 2013 الدموي بمصر وحتى يومنا هذا،الرجل سجن وحرم من الزيارات وحقوقه الدستورية والقانونية ومع ذلك يخرج قضاء مسيس اليوم ليدرجه في قوائم الإرهاب
كيف هو إرهابي وهو مسجون في سجون العسكر؟ماهذا الخبل؟#باسم_عوده_مش_إرهابي pic.twitter.com/sk2qB4jDKG— 🇲🇦ABDLLAH 🇲🇦 (@Z17ES) December 29, 2022
وهو الأمر الذي يدفع للتساؤل عن أسباب إصرار النظام على وضع قيادات الإخوان ووزارء من عهد الرئيس مرسي، في واجهة أخبار القضايا، ويفتح ملفات دون وجود حدث جديد، ورغم صدور أحكام قاسية بالإعدام والمؤبد.
“الإخوانوفوبيا”
وفي رؤيته قال السياسي المصري الدكتور عبد الموجود الدرديري: “ببساطة شديدة لأن هذه هي الأسطورة التي برر بها إجرامه في حق الشعب المصري، بأنه جاء ضد من انتخبهم الشعب حتى لا يفكر الشعب في أي اختيار آخر”.
القيادي في حزب “الحرية والعدالة”، وأضاف, أنها “سياسة التخويف المرضي أو ما يعرف بالإخوانوفوبيا, وهي هنا تنتهج نهجا مشابها للإسلاموفوبيا والتي يستعملها الاستعمار الجديد للتخويف من الإسلام”.
لا يظن البرلماني المصري السابق، أن “النظام يستطيع تغيير هذه الأسطورة التي بناها بالمال والقتل، حتى يفيق مجموعة من أبناء مصر الأوفياء ويقولون: كفى”.
وأكد أن “هذه الأسطورة فاسدة ومفسدة، فاسدة لأنها مبنية على كذبة كبرى بأن (الشعب غير مؤهل لانتخاب من يقوده), ومفسده لأنها أفسدت حياة الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا”.
وتابع: “وأظنها بسبب تكرارها فقدت الكثير من زخمها حتى إن الدكتور ممدوح حمزة -أحد مؤيدي الانقلاب السابقين والمعارض الحالي- بعد أن عاد إليه وعيه اعترف بالخديعة الكبرى”.
وثمن الدرديري، موقف حمزة، وكذلك الأكاديمي الدكتور يحيى القزاز، لشجاعتهما المتميزة، مؤكدا أنها “مسألة وقت وسيعود الوعي لكثيرين، وعندها ستنكسر الأسطورة، ويحل محلها ديمقراطية مصرية تنتخب الأفضل وتحاسبه إن قصر”.
وختم بالقول: “عندها ستسود المواطنة, فالجميع أمام القانون سواء، ليبراليين كانوا أم إخوانيين أم يساريين أم قوميين أم مسيحيين، رجالا كانوا أم نساء، والمستقبل سيكون للشعب المصري”.
“إضرب المربوط”
من جانبه، قال الباحث المصري في الشؤون القانونية والتشريعية, عباس قباري، إن “نظام الانقلاب جعل من الإخوان المسلمين ورموز حكم الرئيس مرسي, مثالا يشار إليه لما يمكن أن يصنعه النظام بخصومه، وفق المثال الشعبي (اضرب المربوط يخاف السايب)”.
قباري، أكد أنه “بين الحين والآخر يستدعي فزاعة الإرهاب التي بنى عليها أركان حكمه, وما زال يتاجر بها في الأوساط الدولية والإقليمية، ويشير بها دوما لاستمرارية المعركة وثنائيتها بين الإخوان والدولة”.
وتابع: “إلا أن الواقع الذي يعيشه الناس أكد أن كل ما كان يتم ادعاؤه على الإخوان كذبا جعله السيسي ونظامه حقيقة”.
وعن قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب، قال الباحث المصري إنه “يتم بصورة آلية نمطية، فكلما انتهى قرار إدراج ما فإنه يجدد تلقائيا، حتى إنه لا يحذف أسماء من توفاهم الله، كما حدث مع الأستاذ إبراهيم منير -القائم الراحل بأعمال مرشد الإخوان- الذي وضعه النظام على قوائم الإرهاب بعد وفاته”.
من جهة أخرى، أوضح قباري، في نهاية حديثه أن “أحكام محاكم الجنايات ودوائر الإرهاب عبارة عن نماذج مطبوعة تكرر ذات الاتهامات وتعيد تكرار ذات الأسماء بلا استيضاح أو تنقيح”.