القدرة على شن هجوم مضاد ومضاعفة الموازنة العسكرية والعتاد.. 10 تغييرات منتظرة في العقيدة الدفاعية لليابان
أقرت حكومة اليابان أكبر تعديل على سياستها الدفاعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كما أقرت وثيقة السياسة الدفاعية الجديدة التي تعتبر الصين تحديا إستراتيجيا، وروسيا مصدر قلق للأمن القومي.
وتعتزم اليابان في إطار أكبر مراجعة لسياستها الدفاعية منذ عقود، مضاعفة ميزانيتها الدفاعية السنوية وتوحيد قيادتها العسكرية وزيادة مدى صواريخها.
ويدعم الرأي العام الياباني هذه التغييرات التي تشكل تبدلا كبيرا لهذا البلد الذي يعتمد دستورا سلميا أُقر غداة هزيمته في نهاية الحرب العالمية الثانية ويمنعه من امتلاك جيش حقيقي.
لكن بالنسبة لمهندسيها في طوكيو تشكل هذه المراجعة “المرحلة الأخيرة من تطبيع بطيء وتدريجي” لوضع اليابان في مجالي الدفاع والأمن القومي، كما يرى جيمس برادي نائب رئيس مكتب الدراسات “تينيو”.
ولا يسمح دستور اليابان السلمي الذي كتبه المحتل الأميركي بعد هزيمة البلاد في نهاية الحرب العالمية الثانية ودخل حيز التنفيذ في 1947، لطوكيو بالحصول على جيش في حد ذاته.
التغييرات المنتظرة
وستعمل اليابان على زيادة قدراتها العسكرية بشكل كبير خلال السنوات الخمس المقبلة في مواجهة ما تعتبره تهديدات من جانب الصين وكوريا الشمالية.
وفيما يلي بعض التغييرات المتوقعة في سياسة الدفاع اليابانية:
القدرة على شن هجوم مضاد
سيكون أحد أهداف الإنفاق العسكري الياباني المقرر بحلول 2027 (حوالي 300 مليار يورو على مدى 5 سنوات، بزيادة 56% عن السنوات الخمس السابقة)، امتلاك قدرة على شن “هجوم مضاد” بأسلحة يمكن أن تستهدف مواقع إطلاق صواريخ العدو لكن لا تزال الحكومة اليابانية تعتبر ذلك دفاعيا.
وفي هذا الإطار ستفكر اليابان في شراء ما يصل إلى 500 صاروخ توماهوك كروز من الولايات المتحدة بالإضافة إلى صواريخ “إس إم-6” طويلة المدى.
ولكن الضربات المضادة تستلزم وفقا للإستراتيجية الجديدة تحقيق 3 شروط هي:
– وجود خطر حتمي على اليابان، أو على دولة صديقة، يقود لخطر حتمي على اليابان.
– وألا توجد وسيلة أخرى لتفادي الضربات التي تعتبر معادية.
– وأن يكون الرد بالحدّ الأدنى الممكن.
رفع مستوى الصواريخ وتطويرها
تريد اليابان أيضا نشر أكثر من ألف صاروخ كروز طويل المدى لا سيما من خلال تحسين صواريخها المضادة للسفن من النوع 12 والمركبة على شاحنات، والتي طورتها مجموعة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة اليابانية، لكن مداها الحالي لا يتجاوز 200 كيلومتر.
كما تدرس طوكيو تطوير صواريخ فرط صوتية تحلق بسرعة أكبر بـ5 مرات من سرعة الصوت (ماخ 5).
بناء عشرات المستودعات للذخيرة
كما تنص التعديلات على بناء اليابان نحو 130 مستودعا جديدا للذخيرة على أراضيها بحلول عام 2035 لاستيعاب صواريخ “الهجوم المضاد” وغيرها من الأسلحة.
جزر الجنوب
وفي مواجهة الوجود المتزايد لبكين في البحار، يفترض أن تركز اليابان على تعزيز وجودها العسكري بشكل كبير في جزرها الواقعة في أقصى الجنوب، الأقرب إلى تايوان والبر الرئيسي للصين.
وبالتالي سترفع طوكيو بمقدار 3 أضعاف عديد وحدات قوات الدفاع الذاتي المجهزة بقدرات اعتراض الصواريخ الباليستية.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحكومة اليابانية تخطط أيضا لزيادة عدد جنودها المتمركزين في مقاطعة أوكيناوا في الطرف الجنوبي الغربي من الأرخبيل، من ألفين حاليا إلى 3 آلاف.
قيادة عسكرية موحدة
والتغيير المهم الآخر هو وضع قوات الدفاع الذاتي البرية والبحرية والجوية اليابانية في غضون 5 سنوات تحت قيادة موحدة من أجل الاستجابة بسرعة أكبر لحالات الطوارئ.
وفي هذا الإطار، ينبغي تسهيل استخدام الجيش للموانئ والمطارات المدنية في البلاد حتى في أوقات السلم.
تحسين التنسيق مع واشنطن
وتريد اليابان أيضا تحسين تنسيقها مع حليفتها الأميركية من أجل الاستعداد بشكل أفضل لأزمة محتملة في تايوان.
وترغب طوكيو في الحصول على صواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب مواقع إطلاق الصواريخ في الخارج إذا تعرضت للهجوم.
وتشير وثائق الحكومة إلى صواريخ توماهوك الأميركية العابرة للقارات التي ذكرت وكالات الأنباء اليابانية مؤخرا أن طوكيو ترغب في شراء عدد منها قد يصل إلى 500، إلى جانب صواريخ “إس إم-6” بعيدة المدى.
الطائرات المسيّرة
ويفترض أن يتم إنشاء وحدات متخصصة جديدة من قوات الدفاع الذاتي، تكون مسؤولة عن الطائرات المسيرة والحرب الإلكترونية.
حرب المعلومات
كما سيتم تحسين القدرات على جمع المعلومات والرد على الأسلحة عالية التقنية مثل القنابل المحلقة والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
تطوير طائرة مقاتلة جديدة
وستقوم اليابان أيضا بتطوير طائرة مقاتلة من الجيل التالي بحلول عام 2035 مع المملكة المتحدة وإيطاليا.
مضاعفة الموازنة الدفاعية
وفي صلب “إستراتيجيتها للأمن القومي” الجديدة، تخطط اليابان لمضاعفة ميزانيتها الدفاعية السنوية التي تبلغ حاليا نحو 1% من إجمالي ناتجها المحلي، لتصبح 2% بحلول 2027، متبنية بذلك التزاما مماثلا قطعته الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
وجزء من وسائل تمويل هذا الجهد الهائل في الموعد المحدد لم يعرف مصدره بعد، ويثير احتمال زيادة الضرائب لتحقيق ذلك جدلا في البلاد.
وبالإضافة إلى ذلك، قدمت اليابان خريطة تضمنت تحديدا لأهم الحلفاء والخصوم خصوصا ما يتعلق بنظرتها لكل من الصين وكوريا الشمالية وروسيا.
الصين.. تحد إستراتيجي
وفي هذه السياسة وُصف الموقع العسكري للصين الذي يزداد قوة بأنه “مصدر قلق كبير لليابان والأسرة الدولية” إذ تشكل بكين “تحديا إستراتيجيا غير مسبوق لسلام اليابان واستقرارها”.
وقالت وسائل الإعلام اليابانية إن قوات الدفاع الذاتي في الجزر الواقعة في أقصى جنوب اليابان والأقرب إلى تايوان، وبذلك إلى الصين أيضا؛ سيُرفع عديدها مع زيادة حجم وحدات اعتراض الصواريخ الباليستية بمقدار 3 مرات.
وتزايدت المخاوف القديمة لليابان بشأن الصين في أغسطس/آب الماضي عندما كثفت بكين التدريبات العسكرية بالقرب من تايوان، حيث سقطت صواريخ في البحر في المنطقة الاقتصادية الخالصة للأرخبيل الياباني.
كوريا الشمالية.. تهديد خطير
وتشير الوثائق التي اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن اليابان تنوي تعزيز قدرات وحداتها لخفر السواحل وزيادة تعاونها مع جيوش وخفر سواحل دول أخرى، من دون ذكر تفاصيل إضافية.
وتشير إستراتيجية الأمن القومي إلى إطلاق الصواريخ المتكرر من كوريا الشمالية، معتبرة أن الأعمال العسكرية لبيونغ يانغ تشكل “تهديدا خطيرا ووشيكا لليابان اليوم أكثر من أي وقت مضى”.
روسيا.. مصدر قلق كبير
أما روسيا فـ”استعدادها لاستخدام القوة لتحقيق أهدافها الأمنية الخاصة كما هو الحال في أوكرانيا، واضح”، ونشاطاتها العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادي وكذلك تعاونها الإستراتيجي مع الصين، أمور “تشكل مصدر قلق كبير في مجال الأمن”، وفق الوثائق.
وأثارت الإستراتيجية اليابانية الجديدة حتى قبل إعلانها الرسمي استياء بكين التي تتحدث باستمرار عن “النزعة العسكرية اليابانية الوحشية” في النصف الأول من القرن الـ20، التي كانت الصين من ضحاياها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين اليوم الجمعة إن “اليابان تتجاهل الحقائق وتبتعد عن التفاهمات المشتركة وعن التزامها بعلاقات ثنائية جيدة، وتشوه سمعة الصين. نحن نعارض ذلك بشدة”.
في المقابل، رحبت واشنطن بهذه الإستراتيجية. وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان إن “هدف اليابان المتمثل في زيادة استثماراتها الدفاعية بشكل كبير سيعزز التحالف الأميركي الياباني ويحدّثه”.