أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرالضفة وغزةومضات

مختلف شكلا ومضمونا.. ما رسائل ثاني ظهور لـ”عرين الأسود” في نابلس؟

بينما كانت عائلة الشهيد الفلسطيني وديع الحَوَحْ وبعض محبيه منشغلين في فعالية محدودة بمناسبة مرور 40 يوما على ارتقائه، فاجأهم عشرات المسلحين المنظمين، ليشاركوهم بعرضٍ، حمل رسائل في أكثر من اتجاه.

واحتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد وقادة جيشه باغتيال الحوح و5 فلسطينيين آخرين يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، باعتباره قائد تلك المجموعة ومسؤولا عن عدة عمليات استهدفت الجيش والمستوطنين.

وينتمي المسلحون إلى مجموعة “عرين الأسود” التي ظهرت إلى العلن منذ أشهر، متخذة من حارة الياسمين في البلدة القديمة من نابلس مأوى ومنطلقا لعملياتها ضد الاحتلال.

وكان أبرز ظهور لمسلحي المجموعة في الثالث من سبتمبر/أيلول الماضي، في مهرجان الشهيد محمد العزيزي، الذي قالت إنه مؤسسها.

ظهور منظم وتهديد

ظهر مسلحو المجموعة الملثمون بزي موحد -الجمعة- وهم يمتشقون أسلحة فردية مختلفة، وعلى رؤوسهم عصابات تحمل شعار المجموعة.

وقرأ أحد الملثمين بيانا أعلنوا فيه أنهم يمثلون الفصائل الفلسطينية المقاومة كافة، ويؤمنون “بوحدة الدم والنضال والبنادق”. وأضاف: “لكل من يظن أن العرين قد انتهى، إنكم واهمون.. العرين ما زال صامدا رغم الجراح”.

وعن عرضها العسكري قالت “عرين الأسود” -في قناتها على تليغرام- “وقف أمامكم اليوم بعض من رجال العرين ليجددوا لكم العهد والوعد.. نحن أقسمنا قسم الجهاد ومضينا في هذا الطريق الذي لا عودة فيه، طريق الشهادة أو النصر”.

وتوجهت للاحتلال بالقول: “ننتظر منك الخطأ الذي سيكلفك الكثير بإذن الله، نقول لك أوهمت نفسك أنك تستطيع إنهاء المقاومة، وأوهمت شعبك بأمن كاذب وأنت تعلم تماما ما نقول.. سينهار وهم الأمن الذي اعتقدت أنك بنيته خلال سنوات”.

وتابعت المجموعة “ما مسير اليوم إلا جزء بسيط مما لدينا. والله، ما أردنا فيه علوا ولا كبرياء، إنما أردنا نطمئن أبناء شعبنا”.

رسائل في اتجاهين

كانت الرسالة الأبرز في هذا الظهور موجهة لأكثر من طرف: السلطة الفلسطينية التي لطالما فاوضتهم لتسليم سلاحهم، وإسرائيل التي أعلنت أنها قضت على عناصر مركزية في المجموعة، وفق محلل سياسيين.

فشل سياسة لبيد وغانتس

إسرائيليا، تتفق عدة تقديرات بشأن أن السياسة الأمنية لرئيس الحكومة يائير لبيد (المنتهية ولايته) ووزير دفاعه بيني غانتس -في مواجهة العمليات والمقاومة المسلحة في الضفة الغربية- أخفقت في تحقيق أهدافها بقمع ما سمته “الإرهاب” وتفكيك البنى التحتية المسلحة.

ووفقا لتقديرات مراكز أبحاث ومحللين أمنيين وعسكريين، فإن ما وصفوه بـ”الإخفاق” وعدم اعتماد “القبضة الحديدية” من قبل حكومة لبيد- غانتس، أسهم في ظهور مجموعات مسلحة جديدة أبرزها “عرين الأسود” في منطقة نابلس، و”عش الدبابير” في مخيم جنين.

وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن حركة “الجهاد الإسلامي” أتت بفكرة تشكيل مجموعات مسلحة في كل مناطق الضفة، وذلك بعد معركة “سيف القدس” في مايو/أيار 2021، وما تلاها من عملية نفق الحرية وهروب 6 أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع وإعادة اعتقالهم في سبتمبر/أيلول 2021، وانضمت إليهم فصائل فلسطينية تهدف إلى إحداث انتفاضة مسلحة في الضفة.

هجمات وانتفاضة مسلحة

وخلال العملية العسكرية “كاسر الأمواج” التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي مارس/آذار 2022، تشكلت في نابلس مجموعة مسلحة تسمى “كتيبة نابلس”، ومجموعة أخرى تسمى “كتيبة بلاطة” وتنشط في مخيم بلاطة، في حين انطلقت من مخيم جنين المجموعة المسلحة “كتيبة جنين”.

ويعد تشكيل تنظيمات مسلحة تنتمي لجميع الفصائل، وتحديدا حماس والجهاد الإسلامي وفتح، من أكبر التحديات للأجهزة الأمنية في شمال الضفة، في ظل تصاعد نشاطها وعملياتها المسلحة.

وأجمعت تقديرات مراكز الأبحاث والمختصين بالأمن القومي على أنه “يجب على حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة تغيير الإستراتيجية الأمنية لتقويض التنظيمات المسلحة، ولمنع اندلاع انتفاضة مسلحة جديدة في كل مناطق الضفة الغربية وليس في منطقتي نابلس وجنين فقط”.

وحسب تقدير موقف المركز “هيروشالمي للشؤون العامة والدولة”، فإن العلميات المسلحة بمنطقتي نابلس وجنين تصعدت بشكل غير مسبوق.

وأشار المركز -في تقديره- إلى أن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجها ضربة قوية إلى مجموعة “عرين الأسود”، لكنهما لم يتمكنا من وقف هذه الظاهرة، إذ تواصل المجموعة عملها ونشاطها ضد الجيش والمستوطنين.

تنظيمات وإستراتيجيات

ويعتقد الباحث بالشؤون الإستراتيجية والفلسطينية، يوني بن مناحيم، أن التنظيمات الفلسطينية تسعى لتشكيل مجموعات من المسلحين في كل مدينة ومخيم للاجئين في الضفة الغربية ضمن “كتائب” على غرار “عرين الأسود، وذلك لتنفيذ عمليات مسلحة ضد قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.

وأوضح أن التنظيمات الفلسطينية تسعى للحفاظ على زخم الموجة للعمليات والاشتباكات وحتى المواجهات، وتضخ الكثير من الأموال في المجموعات المسلحة الجديدة حتى تتمكن من شراء الأسلحة والزي الرسمي وكأنها فرق وكتائب لجيش نظامي.

ويقدر بن مناحيم أنه عندما لا تقوم المجموعات المسلحة بتنفيذ هجمات، فإنها تنخرط في عروض عسكرية وتدريبات لتشجيع فكرة المقاومة ضد إسرائيل وتجنيد أعضاء جدد في صفوفها.

ويرى أنه سيتعين على وزير الأمن الجديد في حكومة نتنياهو إعادة تقييم السياسة الأمنية في الضفة الغربية، وتغيير الإستراتيجية التي ثبت أنها غير كافية لوقف موجة العمليات والهجمات ونشاطات المجموعات المسلحة الجديدة.

تحديات وتوصيات

ويتفق الباحث بالشؤون الأمنية والخبير في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، يوحنان تسوريف، مع ذلك، ويعتقد أن “عرين الأسود” تؤسس لتشكيل مجموعات مسلحة جديدة في مناطق مختلفة بالضفة، وهو ما يضع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أمام تحديات جديدة وغير مسبوقة.

وأوضح الخبير في الشؤون الأمنية أن “عرين الأسود” ستضع القضية الفلسطينية على أجندة المجتمع الإسرائيلي، وأيضا على الأجندة العالمية.

تحدي الحاضنة الشعبية

وأشار إلى أن التضامن والتعاطف الفلسطيني الشعبي مع “عرين الأسود” خلق حالة من التنافس وأوعز بتشكيل مجموعات مسلحة، وعليه فإن ظاهرة “عرين الأسود” تنتشر وتتوسع في الضفة وما عادت تقتصر على نابلس.

وعلى ضوء الوضع الجديد والتطورات، أوصى تقدير موقف صادر عن “مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” التابع لجامعة تل أبيب بـ”إعادة النظر في الإجراءات والتعليمات وفحص المبادئ التي وجهت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في عملياتها في المناطق الفلسطينية خلال 55 عاما من سيطرتها على الضفة، وهذه التطورات يجب أن تكون على أجندة الحكومة الجديدة وأمام أعينها”.

وأكد مركز الأبحاث أن إرث المقاومة المسلحة يتطور، وتم شحذه في العقلية الفلسطينية على خلفية نتائج الانتخابات في إسرائيل، التي أثارت مخاوف من استخدام يد حديدية ضد الفلسطينيين من الآن فصاعدا من قبل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وإغلاق الباب أمام فكرة أي عملية أو تسوية سياسية.

ومن المحتمل -وفقا لمركز الأبحاث- أن تتم إعادة تنشيط تنظيمات من هذا النوع في شكل مجموعات أو أفراد، للحفاظ على جو من التصعيد وانعدام الأمن والأمان بصفوف الإسرائيليين، وللإبقاء على حضور القضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى