القوَّة الصوتية ليست هي القوَّة الحقيقية في لعبة الكنيست
عبد الإله معلواني
يحلو لبعض القوائم العربية التي انخرطت في لعبة الكنيست أن تدّعي مفتخرة أنها القوة الأولى في مجتمعنا في الداخل الفلسطيني لأنها حصلت على عشرات آلاف الأصوات في انتخابات لعبة الكنيست مما أهلها أن تحصل على مجموعة مقاعد في هيكل الكنيست أو كادت أن تحصل على الحد الأدنى من هذه المقاعد، وهذا الادّعاء مجرد وهم ليس إلا، ومجرد ضحك على الذقون، ومجرد سحر لأعين جماهيرنا المنهكة الكادحة!! للأسباب التالية:
1- ثبت بأكثر من دليل قطعي أنَّ بعض القوائم العربية التي انخرطت في لعبة الكنيست، قد وزَّعت رشاوي مالية على بعض جماهيرنا المصوتين بقيمة ملايين الشواكل، كما وزعت قريبا من هذا المبلغ على بعض الإعلاميين من بني جلدتنا وعلى بعض وسائل الإعلام بهدف تجنيدهم لصالحها!! وعلى سبيل المثال هذا إعلامي كبير من أهلنا في النقب يؤكد أنَّ بعض العشائر في النقب كانت تصر أولًا أن تأخذ ثمن كل صوت انتخابي فيها قبل أن تتوجه إلى صناديق انتخابات الكنيست!! وهذه شخصية سياسية كبيرة في الجليل، تؤكد أنَّ مندوبي بعض القوائم العربية التي انخرطت في لعبة الكنيست، كانوا يقفون على مقربة من صناديق انتخابات الكنيست، وكانوا يدفعون على الفور مبلغا ماليا، ثمنا لكل من كانوا يقنعونه بالتصويت لقائمتهم!! فهل هذه الأصوات المرتشاة هي قوة صوتية حقيقية أم هي قوة صوتية وهمية، وما هي إلا مجرد ورقة تحمل رمز القائمة العربية التي دفعت هذه الرشاوي؟! الجواب واضح لكل عاقل!! لذلك أن يقال لنا اليوم إن القائمة العربية (س) أو (ص) التي انخرطت في لعبة الكنيست قد أصبحت القوة الأولى في مجتمعنا لأنها حصلت على عشرات آلاف الأصوات ما هو إلا وهم ديماغوجي ليس إلا!! لا سيما بعد أن نخصم آلاف الأصوات المرتشاة، التي لا تعرف أصلا من هي القائمة العربية (س) أو (ص)، ومن هو المرشح (م) أو (ن)، وكل ما تعرفه هذه الأصوات المرتشاة أنها قبضت ثمنا مقابل صوتها فخرجت إلى الصناديق وصوتت.
2- لم يعد خافيا على أحد أنَّ بعض مرشحي القوائم العربية في لعبة الكنيست والذين فاز بعضهم في انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة رقم (25)، لم يتم تدريجهم في قوائمهم بسبب ماض نضالي عريق يشهد لهم، ولا بسبب المعيتهم السياسية ورؤيتهم الثاقبة، ولا بسبب ما يحظون به من دعم جماهيري واسع، بل تمَّ تدريجهم حيثما تم تدريجهم لأنهم جاذب تلقائي للأصوات بسبب امتدادهم العشائري أو الحمائلي في الجليل أو المثلث أو النقب أو المدن الساحلية، وهذا يعني أن هناك عشرات آلاف الأصوات قد دعمتهم تلقائيا بسبب هذا الامتداد العشائري أو الحمائلي، ولولا هذا الامتداد لما صوتت لهم، وهذا يعني أنها لم تصوت لهم بسبب قناعتها ببرنامجهم الانتخابي، ولا بسبب قناعتها بمواقفهم السياسية، ولا بسبب قناعتها بخطابهم الإعلامي، بل إن معظم عشرات آلاف الأصوات هذه لا تعرف إلا قريبها بسبب صلة العشيرة أو الحمولة التي تربطها به، ولعلها لا تعرف اسم القائمة العربية المدرج اسم قريبها فيها، ولا اسم رئيس هذه القائمة، ومع ذلك صوَّتت لهذه القائمة لإن قريبها ابن العشيرة أو ابن الحمولة مدرج اسمه في هذه القائمة العربية أو تلك!! ولذلك أن يقال بعد ذلك أن عشرات آلاف الأصوات هذه تعكس القوة الحقيقية لهذه القائمة العربية أو تلك هو مجرد وهم وذر للرماد في العيون!! وهذا يعني أننا لو حيدنا عدد الأصوات التي تلقت ثمنا ماليا لصوتها من هذه القائمة العربية أو تلك، ولو حيدنا عدد الأصوات التي ما صوتت إلا بسبب صلة العشيرة أو الحمولة التي تربطها مع هذا المرشح أو ذاك في هذه القائمة العربية أو تلك، لو حيدنا كل ذلك، لوصلنا إلى قوائم عربية لا يمكن لها أن تتجاوز نسبة الحسم، أي أنه لا يمكن لها أن تحصل على (س) مقعد من مقاعد لعبة الكنيست. ولذلك أقولها ناصحا لكل القوائم العربية التي لا تزال تصر على لعبة الكنيست: قليلا من التواضع!! فأنتم تعلمون أن حقيقة قوتكم السياسية في واد، وحقيقة عشرات آلاف الأصوات التي حصلتم عليها في لعبة الكنيست في واد آخر، ولا عذر لكم في خلط الأوراق، وكونوا على يقين أنه لن يصدقكم أحد، فمجتمعنا وإن كان كادحا منهكا، إلا أن كل محاولاتكم لبيعه الوهم لن تنطلي عليه!!
3- بدليل أنَّ هذه القائمة العربية أو تلك التي تدعي أنها القوة السياسية الأولى في مجتمعنا والتي تدعي أنها حصلت على عشرات آلاف الأصوات، أنها لو قامت بمظاهرة قطرية أو باعتصام قطري أو بعمل تطوعي ودعت عشرات آلاف الأصوات هذه التي صوتت لها لما استجاب لها إلا بضع مئات أو بضع آلاف في أحسن الأحوال!! فأين هذه عشرات الآلاف التي صوتت لها؟! لو كانت قوة سياسية حقيقية لها، لدعمتها في صندوق انتخابات لعبة الكنيست، ولدعمتها في حلبات النضال الجماهيري المختلفة، ولكن الواقع المحزن يقول غير ذلك!! وإلا ها هي هذه القوائم العربية التي لا تزال تصر على لعبة الكنيست، قد تدعو لمظاهرة أو اعتصام أو عمل تطوعي لنصرة ملف الأرض أو ملف المقدسات أو ملف الدفاع عن المسكن أمام سياسة الهدم أو ملف مناهضة العنف أو ملف تعرية مظاهر التمييز القومي والاضطهاد الديني التي تنتهجها المؤسسة الإسرائيلية، فلا يستجيب لهذه القائمة العربية أو تلك من مجمل جماهيرنا الكادحة المنهكة إلا المئات أو الآلاف في أحسن الأحوال، لدرجة أن إعلامنا بدأ يطلق مصطلح (المظاهرة الجبارة) على أية مظاهرة يشارك فيها ألف من جماهيرنا!! ولدرجة أننا بتنا نرى أن المشاركة هي بالعشرات فقط في شتى النشاطات الجماهيرية التي تدعو لها هذه القائمة العربية أو تلك، ولدرجة أن بعض هذه القوائم العربية باتت لا تجرؤ على القيام بأي نشاط جماهيري، حتى لا يسقط القناع عن حقيقة قوتها السياسية، والتي لا تتعدى الآلاف في أحسن الأحوال، فعلام هذا التغرير بجماهيرنا ودوام الادعاء أن هذه القائمة العربية أو تلك هي القوة السياسية الأولى في مجتمعنا؟! وعلام الإصرار على تجارة الوهم، والإصرار على بيع جماهيرنا الوهم وليس الحقيقة؟! ثمَّ مواصلة التدليس عليها؟!
4- لذلك أن يقال بعد ذلك، إن دعم هذه القائمة العربية أو تلك بعشرات آلاف الأصوات من جماهيرنا يعني دعم هذه الجماهير للنهج السياسي لهذه القائمة العربية أو تلك، أن يقال ذلك، هو وهم وتدليس، ثم أن يقول رئيس هذه القائمة العربية أو تلك إنه يخوض مغامراته السياسية التي قد تصادم ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية باسم هذه الجماهير التي دعمته بعشرات الآلاف من أصواتها، أن يقال ذلك هو وهم وتدليس. والمطلوب هو التحرر من البرج العاجي الذي اسمه هيكل الكنيست، ثمَّ النزول إلى شارع جماهيرنا الكادحة المنهكة، ورصّ صفوفها لا تمزيقها من أجل عيون هيكل الكنيست، وإلى جانب ذلك الالتحام معها ومع همومها المصيرية، لا مواصلة حقنها بإبر مخدرة من على منبر هيكل الكنيست، ثم عدم التلاعب بثوابتها الإسلامية العروبية الفلسطينية.