لماذا صمتت دمشق عن العملية الجوية التركية في شمال سوريا؟
صمتت دمشق عن العملية الجوية التركية في الشمال السوري مؤخرا ضد الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني، واكتفت بالإعلان عن مقتل جنود لها بالقصف التركي.
ونقلت وكالة “سانا” عن مصدر عسكري، أن عددا من قوات النظام قتلوا جراء القصف التركي في الشمال السوري، واصفة إياه بـ”الاعتداء” بعد أن كانت سابقا تصفه بـ”العدوان”.
الصمت السوري، تزامنت معه تصريحات تركية بشأن تطبيع العلاقات مع النظام السوري، فيما لم يستبعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إمكانية عقد لقاء مع بشار الأسد، مشددا على أنه “لا خصومة أبدية في السياسة”.
وقال ألكسندر لافرنتييف الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا، في مؤتمر صحفي عقده في نهاية اجتماعات أستانا الـ19 حول سوريا، إن بلاده ترغب في التقارب بين سوريا وتركيا.
وأضاف لافرنتييف: “هناك حاجة للتقارب، لأن هاتين دولتان متجاورتان يجب أن تعيشا بشروط ودية. إننا نتلقى إشارات بأن كلا الجانبين التركي والسوري مستعدان لاتخاذ خطوات معينة تجاه بعضهما البعض”، مشيرا إلى أن هناك أملا أكبر بالتقارب بعد لقاء أردوغان برئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في قطر.
فيما أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أنه لا توجد حاليا أي اتفاقات حول عقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد في روسيا، لكنه قال “إن ذلك ممكن من الناحية النظرية”.
وكانت صحيفة تركية، ذكرت أن العناصر الجوية الروسية والسورية بقيت غير نشطة خلال العملية التركية، ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها فإن الاجتماع الذي عقد بين رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، ونظيره السوري علي مملوك لعب دورا رئيسيا في العملية.
وأشارت صحيفة “تركيا” إلى أن الجانبين في اجتماعهما الأخير، ناقشا تعاون الطرفين في تنفيذ عملية برية ضد منظمة العمال الكردستاني.
الكاتب التركي محمد يوفا، في تقرير على صحيفة “Aydınlık” ذكر أن هناك “وضعا استثنائيا” على جبهة دمشق، لسنا معتادين عليه، وهو صمتها رغم مقتل عدد من جنودها بالعملية الجوية التركية بسبب وجودهم في مواقع قريبة من مواقع وحدات حماية الشعب الكردية المستهدفة.
وأكد أن هناك تنسيقا بين أنقرة ودمشق، مشيرا إلى مفاوضات جرت بين جهازي مخابرات البلدين بشأن العملية الجوية التركية.
ولفت إلى أن دمشق أعطت موافقة ضمنية على العملية العسكرية التركية، واستعادت قوات النظام عددا من المناطق في إدلب بالتزامن مع عملية “المخلب- السيف”.
وأضاف أن جهازي المخابرات التركي والسوري يعقدان لقاءات بينهما في جو ودي، مشددا على أهمية تصحيح العلاقات بين دمشق وأنقرة.
وأشار إلى أهمية أن تجري قوات البلدين عملية برية مشتركة من أجل “تصحيح أخطاء الماضي”، وبهدف الحصول على نتيجة عسكرية حاسمة.
ورأى أن لقاء أردوغان بالأسد قد يتأخر قليلا، لأن دمشق تعلق آمالها على الانتخابات التركية التي تعقد في حزيران/ يونيو المقبل، ووصول المعارضة إلى السلطة.
الكاتب التركي محرم ساريكايا، في تقرير على صحيفة “خبر ترك”، تحدث عن تطور نموذج جديد في العلاقات، من خلال إمكانية القيام بعملية عسكرية مشتركة ضد “عدو مشترك”، ثم التطرق لعلاقات سياسية تجني فوائد.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، بدأت الحكومة التركية، التي ترى أن قضية السوريين ستشكل معيارا مهما في صناديق الاقتراع، بالحديث عن العلاقات مع دمشق.
وعملية التطبيع التي بدأت بين رئيسي الاستخبارات السورية والتركية بتشجيع روسيا، تقدمت خطوة إلى الأمام مع لقاء وزيري خارجية البلدين، ولكنها لم تحرز تقدما أكثر من ذلك بحسب الكاتب التركي.
ونقل عن الأكاديمي التركي سرحات إركمن، أنه رغم مطلب دمشق بسحب القوات التركية من الشمال السوري، لكن التواجد التركي وإنشاء مناطق آمنة هناك مفيد لها.
وبعد سيطرة النظام السوري على ثلثي البلاد، وحصر المعارضة في مناطق تسيطر عليها تركيا، تبقى أمامها معضلة حزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم من الولايات المتحدة، ويشير الأكاديمي إركمن إلى أن دمشق لا تستطيع وحدها مهاجمة الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا.
وأشار ساريكايا، إلى أن الضغط العملياتي في المنطقة، دفع الوحدات الكردية المسلحة للجوء إلى دمشق، وقام حزب الاتحاد الديمقراطي خلال الأيام الماضية برفع علم النظام السوري في عين العرب.
وتدرك دمشق، أنه بعد انتهاء التهديد، يختفي علمها مع عودة الهيمنة الفعلية للولايات المتحدة للمنطقة، وفي الوقت ذاته تبدي انزعاجا أيضا من المليشيات الإيرانية في تل رفعت ومنطقة الزهراء، وتبحث عن طريقة لكي تسيطر على تلك المناطق.
ورأى أن تحقيق الاستقرار في سوريا يمر عبر أنقرة، والديمغرافيا تلزم العاصمتين بالتحالف رغما عنهما.
ولا يستبعد الكاتب ساريكايا تنفيذ دمشق وأنقرة عملية مشتركة شمال تل رفعت، مما يعطي فرض هيمنة أكبر في شمال دير الزور/ الرقة للنظام السوري.