لاجئون من نوع جديد بسبب المناخ.. هذه أكثر الدول التي سيغادرها أهلها بسبب الكوارث الطبيعية
مخطئ من يعتقد أن أزمة اللاجئين قد تتوقّف بتوقّف الصراعات المسلحة في الدول الفقيرة، فالعالم مقبل على نوع جديد من اللجوء بات ضحاياه يُعدّون بالملايين، وسيتحوّلون في السنوات القليلة المقبلة إلى عشرات الملايين، ويتعلّق الأمر بالمهاجرين واللاجئين بسبب التغيرات المناخية، الذين سيضطرون لمغادرة منازلهم ومدنهم وحتى دولهم؛ بسبب الفيضانات، أو موجات الجفاف الطويلة، أو درجات الحرارة المرتفعة.
وحسب أرقام المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن حوالي 21.5 مليون شخص عبر العالم يغادرون حاليًا منازلهم بسبب الكوارث الطبيعية، ويتوقّع العلماء أن موجة الهجرة هذه سوف ترتفع بشكل كبير مع ارتفاع درجات حرارة الأرض.
ويتوقّع تقرير حول التغيرات المناخية -صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة- أن حوالي 143 مليون شخص هربوا من أراضيهم خلال الـ30 سنة الماضية؛ وذلك بسبب الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، والحرائق، والكوارث الطبيعية.
ويظهر من خلال الأرقام -الصادرة عن المفوضية السامية للاجئين- أن هناك علاقة وطيدة بين ظاهرة اللجوء حاليًا والتغيرات المناخية؛ ذلك أن 90% من اللاجئين -في الوقت الراهن- ينحدرون من دول مصنّفة بأنها تعاني من وضع مناخي خطير، وتحتاج لتدخل عاجل.
الهجرة الكبيرة
تتوقّع المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن يصل عدد من يُطلق عليهم المهاجرين بسبب المناخ، إلى مليار شخص خلال الـ30 سنة المقبلة، وهذه الهجرة قد تكون من مدينة إلى أخرى، أو من بلد لآخر، أو من قارة لأخرى، وتتوقّع أن يرتفع هذا الرقم إلى 1.4 مليار شخص خلال سنة 2060، كما تشير إلى ارتفاع هذا العدد -بعد هذه السنة- بشكل أكبر؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، ولتزايد تعداد السكان في العالم أيضًا.
وتتصدّر 3 مناطق في العالم قائمة الأماكن التي ستشهد أكبر الهجرات بسبب التغيرات المناخية؛ وهي: أميركا اللاتينية، ودول أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا، وفي سنة 2018 اضطر 68.5 مليون شخص في هذه المناطق إلى الهجرة القسرية من أماكن سكناهم بسبب التغيرات المناخية، وهو أعلى رقم تسجّله البشرية في تاريخها.
ومن بين أكثر الدول التي ستتأثر بالتغيرات المناخية: بنغلاديش، حيث تشير التوقعات إلى أن ثلث السكان -حوالي 55 مليون شخص- يعيشون على طول ساحل منخفض مهدّد بالغرق، وهي منطقة أصبحت غير صالحة للعيش، كما أن 13 مليون مواطن من بنغلاديش من المتوقّع أن يغادروا البلاد بحلول سنة 2050؛ بسبب التغيرات المناخية.
وحسب بوابة بيانات المناخ (migrationdataportal.org)؛ فإن هناك 5 دول تتصدّر دول العالم، من حيث أعداد المواطنين الذين يغادرونها بسبب التغيرات المناخية، ويعيشون حالة لجوء مناخي، وفي المقدمة: هناك أفغانستان (1.4 مليون شخص)، ثم الصين (943 ألف شخص)، ثم الفلبين (700 ألف شخص)، ثم إثيوبيا (579 ألف شخص)، ثم جنوب السودان (527 ألف شخص).
أما على صعيد النزوح الداخلي بسبب التغيرات المناخية، فهناك خمس دول تتصدّر هذه الظاهرة؛ وهي: الصين (6 ملايين شخص) غادروا من مدينة لأخرى في الصين، ثم الفلبين (5.7 مليون شخص)، ثم الهند (4.9 مليون شخص)، والكونغو الديمقراطية (880 ألف شخص)، ثم فيتنام (780 ألف شخص)، وتتصدّر موجات الجفاف، وارتفاع درجات الحرار أسباب مغادرة الناس لمدنهم نحو مدن أخرى.
وحسب المصدر نفسه، فقد تسبّبت الكوارث في عام 2021 في حدوث أكثر من 60% (23.7 مليون) من حالات النزوح الداخلي الجديدة المسجّلة في جميع أنحاء العالم، وهو رقم أقل من المسجّل في سنتي 2019 و2020، وهذا راجع لتراجع حدّة الأعاصير في أميركا وأمريكا اللاتينية، ومواسم الأمطار القوية في آسيا لم تتسبّب في فيضانات الكبرى.
الهجرة نحو الشمال
بدأت العديد من الدول وضع (تأشيرات) خاصة بضحايا التغيرات المناخية، وأول الدول التي قامت بهذه الخطوة هي الأرجنتين، لاستقبال المواطنين من منطقة الكاريبي المتأثرين بالكوارث الطبيعية، وهو الأمر نفسه الذي قامت به البرازيل.
وبينما وصل تعداد سكان الأرض إلى 8 مليارات شخص، فمن المتوقّع أن يصل هذا العدد إلى 10 مليارات شخص بحلول سنة 2060، غير أن الزيادة في عدد السكان سيهمّ الدول المهددّة بالكوارث الطبيعية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، وفي المقابل فإن دول الشمال -خاصة أوروبا وكندا- ستكون المناطق الباردة في العالم، مقارنة ببقية مناطق الكرة الأرضية، ما يعني أن الهجرات واللجوء المناخي سيكون نحو هذه الدول.
والمختلف هذه المرة أن دول الشمال ربما ستحتاج لهذه الهجرات؛ بسبب حالة العجز الديمغرافي في الدول المتقدمة من بالدول الأوروبية، وصولًا إلى كندا والولايات المتحدة، ففي سنة 2050 سيكون هناك أكثر من 300 مليون شخص في هذه الدول تفوق أعمارهم 65 سنة، ما يعني الحاجة إلى الشباب والعاملين، وهو ما يمكن أن توفره دول الجنوب والمهاجرين واللاجئين الفارّين -هذه المرة- من التغيرات المناخية، وليس من أهوال الحروب.