لوائح اتهام محتملة ضد جنود الاحتلال الضالعين باستشهاد المسن أسعد
استدعت نيابة الاحتلال الإسرائيلي العسكرية، مساء أمس الخميس، الجنود الضالعين في جريمة التنكيل التي تعرض لها الفلسطيني عمر أسعد (80 عاما)، إلى جلسة استماع حول اعتقالهم للمسن الذي يحمل الجنسية الأميركية في منزل مهجور فجر الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، في قرية جلجليا شمالي مدينة رام الله، الأمر الذي أدى إلى استشهاده.
وأخطرت نيابة الاحتلال العسكرية، محامي الجنود الضالعين في الجريمة التي أدت إلى استشهاد المسن الفلسطيني، أنه يم النظر في إمكانية تقديم لائحة اتهام ضد الجنود الذين يخدمون في كتيبة “هناحال هحَريدي” في جيش الاحتلال الإسرائيلي، المعروفة أيضا بتسمية “نيتساح يهودا”.
وجاء في بيان صدر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الخميس، أن تحقيق الشرطة العسكرية خلص إلى كشف عن “تجاوزات في سلوك قائد قوة التفتيش وقائد القوة التي عملت على حراسة المعتقلين”. ومع ذلك، زعم الاحتلال أنه “من غير الممكن إثبات علاقة سببية بين هذه التجاوزات ووفاة المتوفى”.
ووجه مسؤولون في جيش الاحتلال، في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، اتهامات لأسرة الشهيد أسعد بعدم التعاون مع التحقيق ورفض تسليم الوثائق الطبية ذات الصلة. وزعم المسؤولون الإسرائيليون أنه “في غياب (الوثائق)، لا يمكن إثبات علاقة سببية بين سلوك الجنود ووفاة” الشهيد أسعد.
وشكلت جريمة التنكيل بالمسن الفلسطيني، عمر محمد عبد المجيد أسعد (80 عاما)، والتي أدت إلى استشهاده في بلدته جِلجْليا، نموذجا عن الجرائم المتكررة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، بدوافع انتقامية عنصرية مصدرها الخلفيات السياسية – الأيديولوجية لعناصر جيش الاحتلال.
استشهاد أسعد؛ تسلسل زمنيّ:
- 03:00 فجرًا: توقيف المسن الفلسطيني، عمر أسعد، من قبل الجنود إثر نصب حاجز طيار في جِلجْليا، خلال طريقه للعودة إلى منزله بعد زيارة لمنزل أصدقاء في البلدة.
- 03:05: أسعد يعترض على اعتقاله ويرفض إجراءات الاحتلال.
- 03:20: اقتياد أسعد إلى ساحة منزل قيد الإنشاء، فيما جرى تكبيله وتكميمه وتغطية عينيه بقطعة قماش.
- 03:25: اقتياد معتقل آخر إلى مكان توقيف أسعد؛ أحد جنود الاحتلال يرصد الشهيد أسعد ملقى على بطنه دون حراك.
- 03:45: اقتياد معقتلين إلى مكان توقيف (ساحة المنزل المهجور/ قيد الإنشاء)؛ فيما الشهيد أسعد على حالته الأولى.
- 04:00: عناصر الاحتلال يطلقون سراح المعتقلين ويفكون القيد من يد أسعد، ويغادرون المكان وهو ملقى على الأرض دون حراك.
- 04:09: أحد الموقوقين يستدعي طبيبا بعد فشله في التأكد من نبض قلب المسن الفلسطيني.
- 04:10: وصول طبيب من عيادة قريبة، يجري عمليات إنعاش في محاولة لإنقاذ حياة الشهيد أسعد.
- 04:20: نقل أسعد إلى عيادة محلية.
- 04:40: إقرار وفاة أسعد.
وكانت المصادر الفلسطينية قد أكدت أن القوة الإسرائيلية التي اقتحمت القرية، احتجزت المسن عقب الاعتداء عليه بالضرب، وتقييد يديه وتكميم فمه وتغطية عينيه فجرا. وبينما كانت درجة الحرارة تكاد لا تتجاوز الصفر والأجواء شديدة البرودة، انسحبت قوات الاحتلال، وتركت المسن أسعد ملقى على الأرض داخل منزل قيد الإنشاء، حيث فارق الحياة.
ويسعى الاحتلال إلى إغلاق ملف التحقيق في استشهاد المسن الفلسطيني – الأميركي، وعرض على العائلة تعويضا بقيمة 500 ألف شيكل، وذلك وسط ضغوط أميركية على سلطات الاحتلال منذ وقوع الجريمة في 12 كانون الثاني/ يناير الماضي في بلدة جلجليا بالضفة الغربية وحتى الآن.
وفي بداية الأمر، نفى جيش الاحتلال الإسرائيلي أي علاقة له باستشهاد المسن الفلسطيني، ولكن بعد إلحاح أميركي أصدر تصريحا قال فيه، إن الاستشهاد “سببه فشل أخلاقي للقوة العسكرية”. ولم يكن الرد الإسرائيلي كافيا لواشنطن التي طالبت بـ “تحقيق جنائي شامل ومساءلة كاملة في هذه القضية”.
وكان تقرير الطب الشرعي، الذي أجراه 3 أطباء فلسطينيون قد أظهر أن استشهاد اسعد نتج عن “التوقف المفاجئ في عضلة القلب، الناجم عن التوتر النفسي بسبب العنف الخارجي الذي تعرض له”. وأشار التقرير إلى أن الشهيد “عُثر عليه متوفيا في ساحة منزل مهجور في منطقة جلجليا، وذلك بعد قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتقييده وتعصيب عينيه، في حوالي الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم الأربعاء 12 يناير/كانون الثاني، حيث تم نقله بعد ذلك إلى المركز الطبي العربي في جلجليا، وتم إجراء محاولات إسعافية وإنعاش وأعلن عن وفاته”.
وقال التقرير، الصادر في ذات يوم الاستشهاد إنه “شاهدنا رباط بلاستيكي أسود اللون (يتم استخدامه عادة في عمليات الاعتقال في تقييد المعتقلين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي) ملفوف حول منطقة الرسغ الأيمن”. وأضاف “كان مرفق مع الجثة، قطعة قماشية منتظمة الشكل بطول حوالي 30 سنتمترا وعرض حوالي 6 سنتمترات وبلون أبيض مخطط بخطوط طولية بلون أحمر فاتح (يتم استخدامها عادة في عمليات الاعتقال في تعصيب العينين للمعتقلين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي)”.
ولفت التقرير إلى أن الأطباء شاهدوا “سحجات” واحمرارا على مرفقي الشهيد. ومع انتشار نتائج تقرير الطب الشرعي، الذي جرى في معهد الطب العدلي في جامعة القدس، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي لأول مرة بيانه، وقال فيه إنه “نظرا لعدم تعاون أسعد، الذي استمر لعدة دقائق في المعارضة والمقاومة، وُضعت قطعة قماش على فمه لفترة من الوقت وتم تقييد يديه، واقتادته القوات إلى ساحة مبنى قريب حيث تواجد 3 فلسطينيين كانت قواتنا قد أوقفتهم أيضا”.
وأضاف أنه “في نهاية النشاط وبعد مرور نحو نصف ساعة، أقدمت القوات على إطلاق سراح الفلسطينيين فيما حررت يدا أسعد من الأغلال”. وتابع “أوضح التحقيق أن القوات لم تلاحظ أي علامات أو أعراض تُظهر وضعه الصحي. ونتيجة لمعارضته، اعتقد الجنود أن أسعد كان نائمًا، ولم يحاولوا إيقاظه ليتم الإعلان عن وفاته بعد عدة ساعات”.
وقال جيش الاحتلال، حينها، إن تحقيقه خلص إلى أن “الحادث خطير ومؤسف، سببه فشل أخلاقي للقوة العسكرية وخطأ في تفعيل القدرة في اتخاذ القرار على المستوى المهني والانضباط مع إلحاق الضرر بقيمة احترام كرامة الإنسان”. وقرر الاحتلال “توبيخ” قائد كتيبة “نتساح يهودا” من قبل قائد قيادة المنطقة الوسطى، قال إنه سيتم “اتخاذ إجراءات الفصل الفوري، بحق كل من قائد السرية وقائد الفصيلة، ولن يشغلا مناصب قيادية لمدة عامين”.
غير أن واشنطن قالت إنها لا تكتفي بهذا التصريح الإسرائيلي، مطالبة بتحقيق شامل في ظروف استشهاده ومساءلة كاملة. وجاء على لسان الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، أنه “ما زلنا نشعر بقلق بالغ إزاء ظروف وفاة السيد عمر أسعد، وهو مواطن أميركي، وجد ميتا بعد أن احتجزه جنود إسرائيليون في الضفة الغربية”.
اقرأ/ي أيضًا | الاحتلال يعرض تعويضا مقابل إغلاق ملف الشهيد عمر أسعد
وأضاف أنه “نلاحظ البيان العلني بشأن تقرير التحقيق الذي أجراه قادة الجيش الإسرائيلي في القضية والنتائج الذي توصل إليها، بما في ذلك تحديده بأن الحادث قد أظهر ‘زلة واضحة في الحكم الأخلاقي‘ وفشلا في ‘حماية قدسية أي حياة بشرية‘”.
وأشار برايس إلى أن الولايات المتحدة تتوقع “تحقيقا جنائيا شاملا، ومساءلة كاملة في هذه القضية، ونرحب بتلقي معلومات إضافية حول هذه الجهود في أقرب وقت ممكن. ونواصل مناقشة هذا الحادث المقلق مع الحكومة الإسرائيلية”.