حتى تكون لجنة المتابعة طوق النجاة
الشيخ رائد صلاح
كنَّا ولا زلنا نؤكد ضرورة انتخاب مباشر للجنة المتابعة، رئاسة وعضوية، من قبل كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني، وقد أصبحت هذه الضرورة ملحة أكثر، قبل أن ندخل في مرحلة تيه قد نفقد فيها البوصلة، وتتحول فيها الخيانة إلى وجهة نظر، ويتحول فيها التنازل عن قيمنا الإسلامية العروبية الفلسطينية حنكة سياسية، ويتحول فيها خداع جماهيرنا والضحك على ذقونها وعقولها مباحا من باب أنه دعاية انتخابية، وكأن كلمة (دعاية انتخابية)، تبيح كل شيء، وكأنها تبيح صناعة ديماغوجية (الفزعة)، وديماغوجية (صناعة الخوف) وشرعنة التلقي على المكشوف من صناديق دعم صهيونية أمريكية، والجرأة على نشر الإشاعات السوقية التي أكل عليها الدهر وشرب من أجل عيون لعبة الكنسيت!!
وإن أخشى ما اخشاه أن يجد البعض منَّا نفسه أنه بات محرجا حرجا شديدا بسبب وجوده المشترك مع ممثلين لقوائمهم في لجنة المتابعة العليا، كانوا ولا يزالون يعتبرون أن الانخراط في ائتلاف حكومي إسرائيلي- بغض النظر عن خلفية هذا الائتلاف- يعتبرونها نهجا سياسيا ثابتا- في حساباتهم- سواء كانت خلفية هذا الائتلاف يمينية أو وسط أو يمين متشدّد (وفق هذه المسميات التي لا أؤمن بها أصلا)، وسواء وقف على رأس هذا الائتلاف بينت أو لبيد أو نتنياهو، وسواء شارك في هذا الائتلاف بن غفير و سموترش أو غيرهم، فإذا كان هذا الاحتمال سيقع في الأيام القادمة فنحن أمام تيه سياسي لا حدود له وسنجد أن ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية باتت في خطر، وهي ثالثة الأثافي التي هي أخطر من أي خطر يهدد أرضنا بالمصادرة، ويهدد بيوتنا بالهدم، ويهدد وجودنا بالتبادل السكاني، ولذلك نحن أمام مشهد ضبابي- سياسيًا- وستوضح لنا الأيام القادمة حقيقة هذا المشهد، والمطلوب ليس أن ننتظره حتى يقع (وأسأل الله تعالى ألا يقع)، ثمَّ نجتمع في لجنة المتابعة العليا بوضعها الحالي ونتساءل ما الحل؟ بل المطلوب من الآن استباق وقوع هذا المشهد، والالتقاء على خطوة مصيرية تحوّل لجنة المتابعة العليا إلى (طوق نجاة) لكل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وذلك لن يتحقق بساعات ولا أيام ولا أشهر بل سيحتاج الأمر إلى بضع سنين، وخلال هذه السنين، نحن مطالبون بما يلي قولًا وعملًا ناميا بلا توقف:
1- تحريك المياه الراكدة في لجنة المتابعة العليا كما هي عليه الآن، وذلك يتطلب التوجه إلى كل مركب من مركبات المتابعة والطلب منه النظر في ممثليه المنتدبين في لجنة المتابعة، هل يقرهم كما هم؟ أم يحدث تغييرا؟ وهذا يعني أنَّ علاقة كل مركب من مركبات لجنة المتابعة العليا، يجب أن تكون واضحة مع لجنة المتابعة العليا.
2- تحريك المياه الراكدة في كل اللجان المنبثقة عن لجنة المتابعة، والتَّوجه إلى كل مركب من مركبات لجنة المتابعة كي يعيد النظر في مندوبه الذي اختاره لرئاسة هذه اللجنة أو تلك، فإما أن يقرّ هذا المندوب وإمَّا أن يغيره، ثمَّ المطلوب بعد ذلك تبني مبدأ المحاسبة مع كل لجنة ورئيسها، فإذا كانت ناشطة فهو المطلوب، وإلا إذا مرَّ عليها سنوات ولم تجتمع لمرة واحدة، ولو على فنجان قهوة، فالمطلوب محاسبة هذه اللجنة ومحاسبة رئيسها، واستبداله برئيس آخر.
3- تحريك المياه الراكدة في المؤتمر العام للجنة المتابعة العليا وذلك يتطلب أمرين: الأول مضاعفة عدد مندوبي كل مركب من مركبات لجنة المتابعة العليا في المؤتمر العام، وليس الهدف تكثير سواد عدد أعضاء المتابعة، بل المطلوب توسيع رقعة الذين يمثلون لجنة المتابعة العليا في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، ما يعني أنَّه سيكون وزن لحضورهم في أي مؤتمر عام، وسيكون وزن أقوى لقرارات هذا المؤتمر العام، وسيكون وزن نوعي لأية قضية يجري عليها التصويت في المؤتمر العام، وسيكون ذلك بمثابة خطوة جادة وهامة نحو إعداد الأرضية لانتخاب مباشر للجنة المتابعة العليا من كل جماهيرنا، وفي ذلك بداية الاحتكام للغة الانتخابات في قضايانا الهامة. والأمر الثاني، عقد مؤتمر عام جاد في كل عام يقيّم ماذا كانت عليه لجنة المتابعة العليا وما هي سياستها وبرامجها القادمة.
4- تحريك المياه الراكدة في الأزمة المالية التي تعاني منها لجنة المتابعة العليا منذ بضع سنين، والتي باتت تحاصر لجنة المتابعة العليا وتمنعها من التطور والتقدم في دورها وأدائها وأهدافها!! والمطلوب فورا إقامة لجنة مالية من أهل الخبرة- وما أكثرهم- من أجل توفير الحد الأدنى من ميزانية لجنة المتابعة العليا سنويا، ثمَّ السعي الجاد إلى تنمية هذه اللجنة حتى تتحول في قادمات الأيام إلى صندوق مالي ذي وزن نوعي يتدارك معاناة لجنة المتابعة العليا المالية.
5- تحريك المياه الراكدة في الجامعات والعمل على إحياء لجان الطلاب العرب في الجامعات وفق مخطط مرحلي، بمعنى أن تقوم كل لجنة من هذه اللجان في كل جامعة بناء على التوافق كخطوة أولى ثم أن تعمل كل من هذه اللجان على تهيئة الأرضية لتجديد العهد مع انتخاب مباشر لكل من هذه اللجان في كل جامعة.
6- تحريك المياه الراكدة في مسيرة أهل التخصص في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، فإلى جانب وجود نقابة لأطباء الاسنان، واتحاد أولياء الأمور، يجب أن تسعى لجنة المتابعة العليا لإقامة نقابة لكل أصحاب تخصص، وأن يصبح في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني نقابة للأطباء، ونقابة للمهندسين، ونقابة للمحامين، ونقابة للمقاولين، ونقابة للمزارعين … الخ، فإذا ما خطت لجنة المتابعة هذه الخطوة فستعزز في مجتمعنا الاحتكام إلى لغة التصويت في كثير من جوانب حياته، وسيواصل مجتمعنا بناء مسيرة حياته وتنظيمها خطوة بعد خطوة محتكما إلى لغة التصويت.
7- إن كل الخطوات السابقة هي ضرورية، ويوم أن تقوم بها لجنة المتابعة العليا فستمهد الأرضية الجادة لانتخاب مباشر للجنة المتابعة العليا- رئاسة وعضوية- وقد يتحقق ذلك بعد بضع سنين.
8- المهم أن تحدّد لجنة المتابعة العليا لنفسها أين تقف اليوم؟ وماذا تريد غدا؟ وما هي العقبات التي قد تعترض طريقها؟! وما هي حزمة الأسئلة الصعبة التي يجب أن تجيب عليها.