حرب أوكرانيا تعيد الألمان لعصر الحطب
– العديد من الأسر الألمانية للحطب كمصدر للتدفئة استعدادا للشتاء، حيث يخشى الكثيرون من شتاء مظلم وبارد بسبب ارتفاع تكاليف إمدادات الطاقة.
تشهد ألمانيا إقبالا كبيرا، على شراء الأخشاب والحطب، حيث أبلغ الموردون ارتفاع مبيعات هذه السلعة، في محاولة للتغلب على تكاليف التدفئة الناتجة عن الزيادة الشديدة في أسعار الغاز والكهرباء.
وخلال السنوات الأخيرة، تعتمد تدفئة نصف منازل ألمانيا تقريبا على الغاز الطبيعي، في حين تستخدم 25 بالمئة من المنازل زيت التدفئة، وأقل من 6 بالمئة لا يزالون يعملون على الحطب.
بيد أن التغيرات الحالية في سوق إمدادات الطاقة وتأثره بالحرب الروسية في أوكرانيا، جعل موردي المواد الخام من الخشب يكافحون من أجل مواكبة هذا التغير، لاسيما في ظل ندرة أيضا يشهدها هذا القطاع.
وفي وقت سابق من الصيف الماضي، قال الاتحاد الفيدرالي الألماني لتجارة الحطب إن السوق كله “نفد من الخشب”.
وأعلن الاتحاد أيضا أن المجتمع الألماني أمام موجة سرقات تقدر بالملايين، طالت المواطنين الضحايا الباحثين عن بدائل لحل أزمة الطاقة، بالإشارة إلى ظهور “سوق وهمي” للحطب في ألمانيا يستغل حاجة الناس.
ووقع الكثير من الألمان ضحية لعدد من الباعة المحتالين والوهميين على مواقع الإنترنت، وذلك عند بحثهم عن بدائل رخيصة تعالج أزمة الطاقة المتوقع ازدياد حدتها مع قدوم فصل الشتاء.
العودة إلى الحطب
وعلى هذا النحو، لجأت العديد من الأسر الألمانية إلى اعتماد الحطب في التدفئة.
وقالت هايك التي تعيش مع عائلتها في العاصمة الألمانية برلين، إنها تستخدم هذا الشتاء الحطب للتدفئة.
وأضافت: “لم يعد استخدام الغاز فعالًا اقتصاديا بعد الآن، حيث تضاعفت الأسعار تقريبًا بالنسبة للكثيرين في جميع أنحاء البلاد”.
وأشارت هايك إلى أنها لاحظت زيادة في أعداد الأشخاص الذين يستخدمون الحطب للتدفئة، هذا الشتاء في ألمانيا.
وتابعت: “أود أن أقول إن أنظمة التدفئة البديلة أصبحت أكثر شيوعًا في الوقت الحالي، بينها العودة إلى الخشب الذي ينمو دائما حتى وإن قمت بقطعه من الغابة”.
وفي السياق، لفتت هايك إلى تقلص إمدادات الأخشاب أيضا في الأسواق “يتجه بعض الناس إلى الغابات والأخشاب القريبة من منازلهم”.
وأردفت: “رأيت بالفعل أشخاصًا يذهبون إلى الغابة ويقطعون الأخشاب هناك لتدفئة منازلهم. أعتقد أن هذا هو مستقبلنا أو على الأقل المستقبل القريب”.
واستدركت: “لا نعرف إلى متى ستستمر هذه الأزمة؟ وما إذا كان سيتم تغيير نظام التدفئة بعد ذلك”.
وتوقف موردو الأخشاب في ألمانيا عن تلقي الطلبات في يوليو/تموز الماضي ولبقية العام، بينما يحاول بعض الموردين ترتيب عمليات التسليم لفصل الشتاء المقبل.
ورغم تضاعف سعر الخشب أيضًا، ولكنه لا يزال أقل بكثير من سعر أنظمة التدفئة بالغاز أو الكهرباء.
وتعيش ألمانيا حالة من الطلب المرتفع على إمدادات الأخشاب في الشتاء، خوفا من نفاذ الغاز أو تقنين استخدامه بحيث يكون موجها للاستخدام الصناعي في المقام الأول.
ويخشى الألمان أن يكون شتاءهم “باردا ومظلما”.
وفي هذا الشأن، مضت هايك قائلة: “نعيش صراع كبير، لا نعرف كيف سيكون الشتاء. أعتقد أنه سيكون وقتًا صعبًا”.
وخفضت روسيا إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وأوقفت الضخ من عديد الخطوط بصدارة “نورد ستريم 1” المتجه إلى ألمانيا، والبالغة طاقته 55 مليار متر مكعب سنويا.
وتسابق ألمانيا حاليا الوقت لتأمين ما يكفي من مواد الطاقة مع قرب حلول فصل الشتاء البارد، كما أنها أعادت تشغيل محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم.
ومطلع سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت ألمانيا عن حزمة إجراءات اقتصادية بقيمة 65 مليار يورو للحد من ارتفاع تكاليف الطاقة، وشملت الحزمة الجديدة مدفوعات لمرة واحدة لبعض الفئات من المواطنين، وإعفاءات ضريبية للشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
ويعد الحفاظ على انخفاض استهلاك الغاز جزءا أساسيا من خطة أوروبا لمواجهة “فصل الشتاء”.
ورغم امتلاء مخزونات الغاز في أوروبا لأكثر من 90 بالمئة من الطاقة الاستيعابية، إلا أن الكميات لا تكفي لعبور فصل الشتاء، خاصة إذا شهدت القارة طقسا شديد البرودة.
ويشار أن الغاز الروسي يمثل حاليا 6 بالمئة فقط، من إمدادات الغاز للقارة الأوروبية، وذلك بانخفاض بنسبة 30 بالمئة تقريبا عما كان قبل حرب أوكرانيا، التي اندلعت في 24 فبراير/ شباط الماضي.
وعلى هذا النحو، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن برلين ستوجِد “الأسس القانونية” اللازمة لتمديد عمل المحطات النووية الثلاث الأخيرة في البلاد حتى منتصف نيسان/أبريل، لمواجهة أزمة الطاقة هذا الشتاء.
الحكومة وافقت سابقاً على تمديد عمل اثنتين من المحطات الثلاث إلى ما بعد موعد وضعها خارج الخدمة نهاية العام، في خضم مساع تبذلها أكبر قوة اقتصادية في أوروبا للاستغناء عن استيراد الطاقة الروسية.