وصف توقيتها بالغريب.. ماذا وراء زيارة الرئيس الإسرائيلي للولايات المتحدة؟
وصل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى العاصمة الأميركية صباح أمس في زيارة تمتد يومين، يجتمع خلالها مع عدد من كبار المسؤولين الأميركيين، إضافة لكبار قادة المنظمات اليهودية الأميركية، كما سيلقي كلمة بالمجلس الأطلسي حول تطورات عملية التطبيع العربي مع إسرائيل.
وسيلتقي هرتسوغ اليوم نظيره الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، ويمثل توقيت الزيارة الأولى للرئيس الإسرائيلي إلى واشنطن لغزا لعدد من الخبراء ممن تحدثت إليهم الجزيرة نت، إذ تأتي قبل 4 أيام من الانتخابات البرلمانية في إسرائيل، وقبل أسبوعين من الانتخابات النصفية الأميركية.
وتتابع واشنطن عن كثب الانتخابات الإسرائيلية، مع شعور المسؤولين الأميركيين بالقلق من أن تشكيل حكومة جديدة يمكن أن يشمل أحزابا يمينية متطرفة، ورغم محدودية الدور السياسي للرئيس الإسرائيلي واقتصار مهامه على دور رمزي وشكلي بالأساس، فإنه يمكن أن يلعب دورا أكبر إذا لم يكن هناك فائز واضح في الانتخابات المقبلة، من خلال تدخله لجعل الأحزاب المختلفة تشكل حكومة وحدة.
وبسبب توقيت الزيارة الغريب، أكدت تقارير تنسيق الرئيس الإسرائيلي المسبق مع رئيس الوزراء يائير لبيد ووزير الدفاع بيني غانتس، كما تم إطلاع زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو على الزيارة.
هرتسوغ ويهود أميركا
وبصفته الرئيس السابق للوكالة اليهودية، كان هرتسوغ على دراية طويلة بأحوال الجالية اليهودية الأميركية والكونغرس، وسيستخدم هذه الاجتماعات أيضا لتعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين. ورغم أهمية زيارة البيت الأبيض في سياق العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فإن الرحلة ستكون رمزية أكثر منها جوهرية من حيث تأثيرها، وستركز على دعم التواصل مع اليهود الأميركيين.
وقبل أيام، كتب الرئيس السابق دونالد ترامب في منشور له على تطبيق “تروث” Truth، “لم يفعل أي رئيس أميركي لإسرائيل أكثر مني، ومن المدهش إلى حد ما أن الإنجيليين الرائعين لدينا أكثر تقديرا لهذا من الأشخاص الذين ينتمون إلى الديانة اليهودية، وخاصة أولئك الذين يعيشون في الولايات المتحدة”، وأضاف ترامب “يجب على يهود الولايات المتحدة توحيد جهودهم وتقدير ما لديهم في إسرائيل، قبل فوات الأوان”.
وأغضبت كلمات ترامب العديد من رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية، وقال جوناثان غرينبلات، رئيس منظمة مكافحة التشهير، “لسنا بحاجة إلى الرئيس السابق، الذي يجامل المتطرفين والمعادين للسامية، لإلقاء محاضرة علينا حول العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.
جدير بالذكر أن ترامب أثناء وجوده في منصبه قدم الكثير من الدعم لإسرائيل، فقد نقل السفارة الأميركية إلى القدس بعدما اعترف بها عاصمة موحدة لإسرائيل، كما اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية.
ولا يتوقع أن يلتقي الرئيس الإسرائيلي بترامب، ولا بكبار زعماء الكونغرس، لانشغال الكثير منهم في الحملات الانتخابية في دوائرهم.
إسرائيل واليهود والانتخابات النصفية الأميركية
يصوت أكثر من 75% من يهود أميركا عادة للحزب والمرشحين الديمقراطيين، وبسبب انتشار الناخبين اليهود الأميركيين في عدد من الدوائر، لا يمثل اليهود كتلة تصويتية كبيرة ترجح فوز مرشح أو حزب هنا أو هناك، وربما يكون الاستثناء دائرة انتخابية واحدة في مجلس النواب تغطي منطقة واسعة تقطنها أغلبية يهودية في بروكلين بولاية نيويورك.
ويرى مارتن إنديك أن حسابات الزيارة بالنسبة للبيت الأبيض قد “تتعلق بالرئيس بايدن وبانتخابات التجديد النصفي، أكثر من هرتسوغ والانتخابات الإسرائيلية. ربما تساعد زيارة هرتسوغ في مساعدة الديمقراطيين في الحصول على المزيد من أصوات اليهود بعدما يشاهدون الرئيس بايدن إلى جوار رئيس إسرائيل الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الجالية اليهودية الأميركية”.
قلق من عودة نتانياهو
وأكد ديفيد ماك، السفير السابق ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، أن هرتسوغ ربما يشعر بالقلق من أنه إذا فقد الائتلاف الحاكم بقيادة يائير لبيد أغلبيته في الكنيست، فإن علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة ستتدهور.
ويرى ماك أن إدارة بايدن تخشى من عودة نتنياهو للسلطة، وهو ما قد يرفع من تكلفة العودة للاتفاق النووي مع إيران، وقال ماك للجزيرة نت “من المرجح أن يُظهر بايدن ترحيبا عاما حارا بهرتسوغ، لكنه قد يحذره في جلسة المحادثات الخاصة المغلقة بينهما من اتخاذ خطوات من شأنها أن تعزز المعارضين اليمينيين للمرشحين الديمقراطيين في الانتخابات الأميركية”.
زيارة رمزية أكثر منها سياسية
وأشار مارتن إنديك، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، ومبعوث عملية السلام السابق في عهد باراك أوباما، إلى أن “مكانة رئيس إسرائيل فوق السياسة الإسرائيلية لذلك لا أعزو أي أهمية سياسية لهذه الزيارة”.
ويتفق آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي السابق، والخبير حاليا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، مع ما قاله إنديك، وذكر أنه “عندما زار بايدن إسرائيل الصيف الماضي، وجه دعوة إلى الرئيس هرتسوغ لزيارة واشنطن. وقد اكتسبت الزيارة أهمية جديدة منذ الاتفاق على إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل. لكن هذه لن تكون رحلة سياسية”.
غير أن ذلك لن يمنع أن يتبادل الرئيسان الآراء حول قضايا سياسية هامة لدولتيهما، وأشار ميلر إلى أنه “يجب أن ينظر إلى هرتسوغ على أنه يبقى فوق المعركة وغير حزبي، ولا يحمل الرئيس الإسرائيلي أي سلطة تنفيذية حقيقية، وكانت الرحلة بحاجة إلى موافقة رئيس الوزراء لبيد، ومع ذلك فإنه سيعطي هرتسوغ فرصة لإطلاع بايدن على الانتخابات المقبلة والوضع الداخلي، فضلا عن فرصة لتبادل وجهات النظر حول دبلوماسية هرتسوغ الخاصة مع تركيا والخليج وحول قضايا تتراوح من فلسطين إلى الاتفاق الأخير مع لبنان إلى إيران وأوكرانيا”.
أما ديفيد بولاك، المسؤول السابق بوزارتي الدفاع والخارجية، والخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فقد ذكر أنه “من المفترض أن يكون هرتسوغ فوق السياسة الحزبية الآن، وحتى الآن وقبل أقل من أسبوعين على الانتخابات النصفية، بالكاد يذكر أحد المرشحين قضية الشرق الأوسط، هنا أيضا لا توجد علامة على أن إسرائيل هي قضية انتخابية الآن”.
في حين عبر دانيال كرتزر، السفير الأميركي السابق لدى مصر وإسرائيل، والأستاذ حاليا بجامعة برنستون، عما يراه من عدم أهمية هذه الزيارة، وقال “هذا توقيت مثير للاهتمام لمثل هذه الزيارة، ولكن لا أعتقد أنه سيكون لها أي تأثير على الانتخابات الأميركية أو الإسرائيلية”.