في ظل انسداد سياسي وتوتر عسكري.. ماذا ينتظر الليبيين بعد 11 عاما على مقتل القذافي؟
تحل الذكرى الـ11 لمقتل معمر القذافي في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 في مسقط رأسه بمدينة سرت على يد قوات الثوار بدعم من الناتو، وليبيا تشهد حالة من الانسداد السياسي بين برلمانين اثنين وحكومتين تتنازعان السلطة بين طرابلس وبنغازي، وما ترتب على ذلك من احتقان وتحشيد مستمر بين الفصائل العسكرية المنقسمة بين المعسكرين.
صراع يدخل عقده الثاني بدون حسم على الصعيدين العسكري والسياسي، فاللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي أخفق في السيطرة على العاصمة طرابلس قبل عامين، هدد بلغة جديدة نسبيا قائلا “بلغنا المرحلة التي وجب فيها على الجميع الاعتراف بإخفاق كل المسارات، ولا مسار يؤدي للنجاح إلا المسار الذي يصنعه الشعب”.
البعض عد خطاب حفتر من سبها عاصمة الجنوب وخلال عرض عسكري، تلويحا بالقوة وعودة إلى التهديد بشن حرب جديدة على العاصمة طرابلس، بينما رأى آخرون أن الخطاب تغير كثيرا وبدا تحريضا للناس للخروج على السلطات القائمة أكثر منه تهديدا لها.
ويرى المحلل السياسي أسعد الشرتاع أن خطاب حفتر فيه رسائل للداخل الذي “لم يعد يشعر بوجوده في المشهد السياسي، ليأتي هذا الخطاب محاولة لتحريضهم واتخاذهم كغطاء لتحرك عسكري محتمل مدفوع من أطراف أجنبية لأهداف إستراتيجية، تتعلق بالوجود التركي والصراع على ثروات المتوسط”.
وأضاف الشرتاع، أن حفتر وجّه أيضا رسائل للخارج وللأطراف الداعمة له، والتي تراجع بعضها في الدعم؛ “محاولا إيهامها بأنه ما يزال قادرا على الفعل وصالحا للمراهنة عليه”، حين أعلن من سبها تحديدا أن القيادة العامة تفتح أبوابها للقوى الوطنية في كل الأوقات، ولن تتردد في تقديم ما بوسعها لمساندتها، والعمل معا لإنقاذ الوطن.
عرض عسكري مضاد
على الجانب الآخر أجرى “اللواء 444 قتال” -أكبر قوى المنطقة العسكرية بطرابلس وأكثرها تنظيما- مناورات قال المكتب الإعلامي الخاص به للجزيرة نت إن الهدف منها رفع جاهزية واستعدادات اللواء، ورفع مستوى التنسيق بين الألوية والكتائب العسكرية بالجيش الليبي.
وأكد المصدر ذاته للجزيرة نت أن “تحديد وقت مناوراته ليس له علاقة بأي رسالة لأطراف أخرى إنما هو عمل عسكري روتيني للجيش بشكل سنوي”، مضيفا أن مهام اللواء تتركز داخل حدود طرابلس العسكرية وتمددت إلى مدينة “بني وليد” جنوبا، وتتمثل في مكافحة الإرهاب وفض النزاعات العسكرية، وإجلاء المدنيين من مناطق الاشتباك.
توازن قوى
وقد أكدت مصادر عسكرية في المنطقة الغربية للجزيرة نت أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ماض في بناء تحالفات عسكرية وأمنية جديدة ضمت أهم القوى في العاصمة؛ آخرها التحالف مع قوات الأمن العام الذي توج بتعيين الدبيبة لآمرها عماد الطرابلسي وزيرا للداخلية قبل أيام.
لكن يبقى “اللواء 444 قتال” القوة الأبرز في صف حكومة طرابلس، وقد أكد مسؤولوه للجزيرة نت جاهزيته الكاملة واستعداده لأي طارئ أو خطر يمس أمن طرابلس وما جاورها.
تصريحات تأتي مع غياب الاتفاق بين حكومة الدبيبة، ورئيس الوزراء المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، وما تلاها من اتفاقات بين حكومة الدبيبة وتركيا تتعلق بترسيم الحدود البحرية واتفاقات النفط والغاز، والخلافات الإقليمية والدولية في ما يتعلق بالملف الليبي.
وهذا توازن قوى يفرض نفسه، إذ يرى المحلل الشرتاع أن خسارة حفتر حربه التي تلقى فيها كل أشكال الدعم، أضعفت من موقفه، متسائلا “كيف سيكون مصيره بعد أن تناقص الدعم وأحدثت الخسائر فعلها في صفوف قواته وأدانته قضائيا؛ خاصة أن الوجود التركي صار أكثر ثباتا وقوة من قبل ولن يسمح بأي بعثرة للأوراق في هذه المرحلة الحساسة والتي يتأجج فيها الصراع حول المتوسط؟”.
الحرب محتملة دائما
لكن عددا من المحللين لا يستبعدون أن يخوض حفتر مغامرة جديدة، قد تتمثل في محاولة استرجاع “قاعدة الوطية” الإستراتيجية جنوب طرابلس، في ظل انشغال القوات المسلحة في تلك المنطقة بحروب وانشقاقات داخلية منذ فترة.
تحركات وتحشيدات لم تتوقف في مدينة الزنتان ومناطق أخرى وفق مصادر عسكرية للجزيرة نت، منذ اشتباكات طرابلس الأخيرة، يقابلها استعدادات مضادة ورفع جاهزية بعض الألوية في منطقة طرابلس العسكرية على رأسها “اللواء “444” و”اللواء 53″ بالتنسيق مع جهات دولية بعد الاتفاقيتين الأمنيتين الموقعتين من قبل حكومة الوحدة الوطنية مع تركيا وبريطانيا.
وعلى ما يبدو، فإن قضايا السياسة والانتخابات بدأت تتراجع في سلم أولويات الليبيين الذين أثرت أوضاعهم الاقتصادية الصعبة في تطلعاتهم نحو التغيير، إلى جانب تضييق الخناق الأمني على النشطاء وأصحاب الرأي في الشرق والغرب وتصاعد موجة الاعتقالات والإخفاء القسري، وفق ما تؤكد عدة جهات حقوقية للجزيرة نت.