أنصار الترحيل وإغلاق الحدود.. وزراء داخلية من أصول مهاجرة متشددون مع المهاجرين وطالبي اللجوء في بريطانيا
لا تدخر الحكومة البريطانية أي جهد في سن قوانين متشددة مع استقبال المهاجرين وطالبي اللجوء، وذلك بهدف تقليص تدفق هؤلاء على المملكة المتحدة، والمثير أن من يقف وراء هذه السياسات هم وزراء داخلية كلهم من أصول مهاجرة، ووصل آباؤهم للبلاد بصفة مهاجرين.
ومنذ تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست” (British exit) عام 2016، والحكومات التي يقودها حزب المحافظين تسابق الزمن لإقرار قوانين تجعل من الحصول على تأشيرة الهجرة أو حق اللجوء أمرا صعبا، وخلال هذه الفترة تعاقب 3 وزراء داخلية جميعهم من أصول مهاجرة، وجميعهم أظهروا حماسة منقطعة النظير لكل جميع الإجراءات والقوانين التي تهدف للحد من وصول طالبي اللجوء إلى بريطانيا.
ويتعلق الأمر بكل من ساجيد جافيد، وهو من أصول باكستانية ووالداه مسلمان، وبريتي باتيل وسويلا برافرمان، وكلاهما من أصول مهاجرة، وتحديدا من الهند، ولم يسبق أن كانت وزارة الداخلية البريطانية أكثر تشددا في التعامل مع المهاجرين واللاجئين كما هي عليه في عهد الوزراء الثلاثة.
حلم ترحيل اللاجئين
أثارت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان الكثير من الجدل عندما صرحت، على هامش المؤتمر السنوي لحزب المحافظين، بأن حلمها أن تشاهد صورة لطائرة تنقل طالبي اللجوء إلى رواندا على صفحات الجرائد البريطانية، متعهدة بأنها سوف تقاتل من أجل تحقيق هذا الحلم.
طريقة تعبير الوزيرة الجديدة التي لها أصول هندية ووصل والداها إلى بريطانيا من كينيا وموريشيوس، أثارت استغراب كثيرين من كيف أن وزيرة لها أصول مهاجرة تعلن أن حلمها هو ترحيل اللاجئين خارج البلاد.
أكثر من هذا فإن سويلا برافرمان هاجمت خطة رئيس الوزراء ليز تراس لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع الهند، وقالت الوزيرة إن من شأن هذا الاتفاق أن يرفع من أعداد الهنود الذين سيصلون إلى بريطانيا.
ويظهر أن وزراء الداخلية ينافسون بعضهم بعضا في التشدد مع ملف المهاجرين، ذلك أن الوزيرة الحالية انتقدت خطة سلفها في المنصب بريتي باتيل في إعادة المهاجرين من الهنود خصوصا والذين انتهت تأشيراتهم وظلوا بطريقة غير قانونية في البلاد، ووصفتها بأنها كانت خطة غير فعالة، وتعهدت بالتشدد مع من هؤلاء أكثر، وحسب معطيات وزارة الداخلية فإن هناك حوالي 20 ألف مهاجر هندي انتهت تأشيراتهم وظلوا في البلاد خلال العام 2022.
وتبرر الوزيرة هذه المواقف بأن البريطانيين صوتوا من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي للتحكم في حدودهم، وتقليص أعداد المهاجرين في البلاد.
ابنة المهاجرين ضد الهجرة
تعتبر وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل عرابة قانون “الجنسية والحدود”، وهو قانون مثير للجدل، وما زال لحد الآن يراوح مكانه في البرلمان بسبب مضامينه غير المسبوقة، منها سحب الجنسية البريطانية من صاحبها دون إخباره بالأمر إذا تبيّن لوزارة الداخلية أنه يشكل خطرا على الأمن القومي.
كما أن هذا القانون الذي دافعت عنه بريتي باتيل، ينص على حرمان أي شخص يصل لبريطانيا بطريقة غير شرعية من حق اللجوء، وعلى منح صلاحيات لحرس الحدود من أجل إعادة قوارب المهاجرين قبل أن تصل المياه البريطانية.
أما أكثر خطة وقفت خلفها بريتي باتيل وأثارت ضجة عالمية، فهي خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، والتي واجهت فيها بريتي باتيل العالم وليس فقط بريطانيا، وأكدت الوزيرة السابقة أنها مستعدة لخوض معركة من دون توقف إلى حين ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا قبل أن تغادر منصبها في انتظار قرار المحكمة العليا في هذه الخطة.
ورغم أن بريتي باتيل من أبوين مهاجرين من أصول هندية، هاجرا إلى أوغندا قبل الوصول إلى بريطانيا، فإنها هي من وضع النظام الجديد للهجرة، الذي ينص على أن طالب الحصول على تأشيرة عمل في بريطانيا أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط، منها إتقان اللغة الإنجليزية والتوفر على شهادات علمية عالية، والهدف من هذه الخطة هو تقليص أعداد تأشيرات العمل التي تمنحها بريطانيا.
يعتبر ساجيد جافيد أول وزير من أصول مسلمة يتولى منصب وزارة الداخلية، فوالداه مسلمان من باكستان، وصلا إلى البلاد مع بداية الستينيات، إلا أن جافيد أعلن منذ البداية أنه يعتبر نفسه بريطانيا، ولم يكن يقدم جوابا واضحا حول هويته المسلمة.
ومنذ وصوله إلى وزارة الداخلية عام 2018 في حكومة بوريس جونسون، بدأ جافيد وضع الحجر الأساس لكل القوانين التي تهدف لتقليل أعداد المهاجرين الذين يصلون البلاد، وكان جافيد يعلن أن دعمه لتشديد شروط الهجرة إلى بريطانيا هو تنفيذ لما أراده البريطانيون بعد البريكست.
وكان جافيد يؤمن بالشعارات نفسها التي يؤمن بها المؤيدون للبريكست، من استعادة السيطرة على حدود المملكة المتحدة، وإيقاف حرية تنقل الأشخاص بين أوروبا، ولهذا فهو يعتبر عراب قانون الهجرة المثير للجدل، الذي ما زال لحد الآن لم يمرره البرلمان رغم مرور 4 سنوات تقريبا على مناقشته، بسبب مضامينه المثيرة للجدل، والتي تقول منظمات حقوقية إنه يخرق التزامات المملكة المتحدة الدولية.