الاستيطان يتسبب بعرقلة التوقيع على اتفاقية أوروبية مع الاحتلال
مع استئناف مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي بعد تجميد امتد عشر سنوات، تجري جهود من الطرفين لتوقيع الاتفاقية الثقافية والأكاديمية المشتركة، وسط خلافات كبيرة بسبب رفض الاتحاد الأوروبي أن تشمل الاتفاقية المؤسسات الثقافية والفنية الإسرائيلية العاملة في مستوطنات الضفة الغربية، مما أظهر أصواتا إسرائيلية تطالب بتعليق التوقيع على الاتفاقية، من أجل تجنب ما وصفتها بـ”عبثية” اعتراف دولة الاحتلال بمقاطعة نفسها.
يوجين كونتوروفيتش الكاتب في صحيفة “مكور ريشون” شن هجوما قاسيا على وزير الثقافة حيلي تروفر، لأنه ينوي توقيع الاتفاقية رغم التحفظات السابقة، في حين أن الموقف الإسرائيلي في العموم يعتبر موقفه خاطئا، ويطالب ليس فقط بتعليق التوقيع على الاتفاقية، بل إزالتها من جدول الأعمال الإسرائيلي بالكامل.
وأضاف في مقال أنه “بعد الإعلان في الصيف الماضي أن الحكومة الحالية قررت المضي قدمًا في الاتفاقية، لكن القرار يتعلق فقط بتعقيد المفاوضات فعليًا، وتحت ضغط سياسي أكبر بكثير وقعت إسرائيل على برنامج هوريزون 2020 للبحث العلمي مع أوروبا، وهو أيضًا يميز ضد المستوطنات، فلا تستطيع جامعة أريئيل في الضفة الغربية تلقي تمويل من الاتحاد الأوروبي، ويمكن للحكومة تعويض هذا الضرر، لكن لا يوجد سبب لتكرار الأخطاء”.
وأشار إلى أن “الاتفاقية الثقافية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي تجعل كل مؤسسة فنية وثقافية إسرائيلية تعمل داخل المستوطنات غير قادرة على العمل في البلدة القديمة في القدس المحتلة مثلا، فضلا عن الضفة الغربية أو مرتفعات الجولان، بزعم أن هذا من شأنه أن يخلق تمييزًا يحظره القانون الإسرائيلي”.
وينطلق الغضب الإسرائيلي من هذه الاتفاقية الثقافية مع الاتحاد الأوروبي باعتبارها انتكاسة عما تعتبرها “إنجازات” حققتها مع دول أوروبية وولايات أمريكية مثل تمرير قوانين ضد حركة المقاطعة العالمية BDS التي تحظر مقاطعة المستوطنات، والاعتراف الأمريكي بالقدس ومرتفعات الجولان المحتلة، وموافقة بعض الولايات الأمريكية على تمويل المؤسسات البحثية في مستوطنات الضفة الغربية.
في الوقت ذاته، فإن التوقيع على الاتفاقية الأوروبية الجديدة من شأنه، وفق الموقف الإسرائيلي الرافض، أن يعيد دولة الاحتلال إلى الوراء عقدا من الزمن على الأقل، ويضعف القوانين ضد BDS وإجراءات مكافحتها، لأنه كيف يمكن للنشطاء الأمريكيين أن يطالبوا بمعاقبة شركة “Ben & Jerry’s” لرفضها البيع خارج الخط الأخضر، إذا كانت إسرائيل ذاتها توافق على أن الأوروبيين سيدفعون أموالا للمسارح داخل حدودها فقط، وليس خارجها.
ويعود الاعتراض الإسرائيلي على الاتفاقية الأوروبية في جذوره إلى رفض تحرك الاتحاد الأوروبي بترسيخ الفصل بين المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، وفلسطين المحتلة منذ 1948، استنادا إلى القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي، ولقي من دولة الاحتلال إدانة واسعة النطاق، مما يعني أن توقيع الحكومة الحالية على الاتفاقية الأوروبية تنفيذ فعلي لقرار الأمم المتحدة.
الخلاصة الإسرائيلية الرافضة للاتفاقية الأوروبية تصل إلى حجم التمويل المالي، ففي حين أن التمويل الذي تحصل عليه دولة الاحتلال من الاتحاد الأوروبي هو 50 مليونا على مدى سبع سنوات، فإنها مطالبة بدفع 33 مليون يورو، أي أنها في المحصلة تحصل على 17 مليون يورو فقط، فضلا عن أن التوقيع على الاتفاقية، وفق الموقف الإسرائيلي، سيضر بمؤيدي الاحتلال الذين يقاتلون BDS، ويستهدف 800 ألف مستوطن، رغم أنهم يقيمون مستوطناتهم على أنقاض أراضي الفلسطينيين.