تقرير| الانتخابات الإسرائيلية.. الحل مع الفلسطينيين خارج حملات الدعاية
يغيب الحل السياسي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة عن الحملات الدعائية للانتخابات الإسرائيلية المقررة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ومع ذلك فإن نتائجها ستلقي بظلالها الثقيلة على الفلسطينيين.
فلا تخوض أي من الأحزاب الكبرى الانتخابات على أساس حل سياسي مع الفلسطينيين، وإن كانت عدة أحزاب تتخذ من مواقفها المتشددة إزاءهم وسيلة لاستقطاب أصوات اليمين الإسرائيلي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، قد قال في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس الماضي: “رغم كل العوائق، فإن اليوم أيضا الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين يدعمون رؤية حل الدولتين، أنا واحد منهم، لدينا شرط واحد فقط: أن الدولة الفلسطينية المستقبلية ستكون مسالمة”.
ولم يحدد لابيد حدود هذه الدولة التي يقول الفلسطينيون إنها يجب أن تكون على حدود 1967، مع تبادل طفيف بالقيمة والمثل للأراضي، وعاصمتها القدس الشرقية.
غير أن لابيد، الطامح للعودة إلى مقعد رئاسة الوزراء، لم يتخذ من فكرة “حل الدولتين” عنوانا لحملته الانتخابية.
وبالمقابل، فقد هاجمه علنا اليمين الإسرائيلي بما في ذلك وزراء اليمين في حكومته: وهم وزراء العدل جدعون ساعر، والداخلية أيليت شاكيد، والمالية أفيغدور ليبرمان.
حتى إن وزير الدفاع وزعيم حزب “أزرق أبيض” الوسطي بيني غانتس، أشار في عدة مقابلات صحفية إلى إنه لا يتفق معه بشأن فكرة حل الدولتين.
وقال غانتس في مقابلة مع القناة الإخبارية الإسرائيلية “12”، السبت: “أعتقد أن لابيد ألقى خطابا مهما وجيدا، نتفق على القضية التاريخية لدولة إسرائيل والقضية الإيرانية، لكننا منقسمون بشأن القضية الفلسطينية”.
وأضاف في إشارة إلى فكرة حل الدولتين: “أعتقد أنه لا يمكنك الاعتماد على الأحلام، نحن بحاجة إلى أن نبقى دولة يهودية وديمقراطية وآمنة، وبالتالي، يجب تنظيم العلاقات مع الفلسطينيين، نظرا لأنه من المستحيل حاليا التوصل إلى تسوية دائمة، فإننا ندعو إلى الحد من الصراع”.
وإلى حد ما تتفق الأحزاب الإسرائيلية، التي تخوض الانتخابات، على وجوب التعامل مع القضية الفلسطينية من منطلقات أمنية واقتصادية وحياتية، ولكنها ليست مستعدة للحديث عن حل سياسي مع الفلسطينيين.
ويشير يوني بن مناحيم، المحلل السياسي الإسرائيلي إلى أن موضوع الحل السياسي مع الفلسطينيين ليس مطروحا ولا يعتبر جزءا من الدعاية الانتخابية لأي من الأحزاب السياسية في إسرائيل.
وصرح بن مناحيم: “لابيد تحدث عن حل الدولتين في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لإظهار نفسه بموقف مختلف عن زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، وربما من أجل استقطاب أصوات من الوسط واليسار”.
ولم يأخذ بن مناحيم حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن “حل الدولتين”، بجدية.
وقال: “لابيد نفسه رفض اللقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحكومته تروّج أنه ليس هناك شريك للسلام في الجانب الفلسطيني”.
وأضاف: “بالإجمال فإن الأحزاب الإسرائيلية تتفق بالموقف بأن لا فرصة حاليا للتوصل إلى حل سياسي مع الفلسطينيين”.
وتابع: “الحل السياسي مع الفلسطينيين ليس على جدول أعمال الانتخابات وإنما الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار والخلاف حول نتنياهو كشخص”.
ومع ذلك، فقد استدرك بن مناحيم بأن الفترة حتى موعد الانتخابات في 1 نوفمبر قد تشهد تغييرا في التعامل مع الملف الفلسطيني في ضوء حديث المسؤولين الإسرائيليين عن إنذارات بشأن إمكانية تنفيذ فلسطينيين عمليات ضد إسرائيليين، بفترة الأعياد اليهودية.
وبدأت الأعياد اليهودية رسميا الاثنين الماضي (26 سبتمبر/ أيلول الجاري) بعيد رأس السنة العبرية، وتستمر 3 أسابيع، وتشمل يوم الغفران وأخيرا عيد المظلة.
وقال بن مناحيم: “في حال وقعت عمليات كبيرة سواء بالضفة الغربية أو داخل إسرائيل، فمن المؤكد أن هذا الأمر سيتصدر العملية الانتخابية”.
وأضاف بن مناحيم: “أعتقد أن فترة الأعياد اليهودية حساسة جدا، ووقوع عملية أو عمليات كبيرة سيجعل الموضوع الأمني مع الفلسطينيين يتصدر المشهد الانتخابي”.
ويكاد يكون حزب “ميرتس” اليساري هو الوحيد الذي يدعو في برنامجه السياسي للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
وترفض الغالبية العظمى من الأحزاب الإسرائيلية المطلب الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.
ويتابع الفلسطينيون الانتخابات الإسرائيلية عن كثب، ولكنهم لا يعلقون آمالا عليها بعد أن اختفى الحل السياسي عن جدول أعمالها منذ سنوات.
وينظر الفلسطينيون إلى الانتخابات باعتبارها تنافسا بين “اليمين والأكثر يمينية”.
وكانت المفاوضات السياسية الفلسطينية الإسرائيلية قد توقفت في أبريل/ نيسان 2014 دون أفق لتجددها قريبا.
وتخوض 40 قائمة انتخابات الكنيست في 1 نوفمبر المقبل، ولكن يُتوقع أن يتمكن رُبعها فقط من النجاح في تخطي العتبة الانتخابية البالغة 3.25%، ودخول الكنيست
وخلت القوائم من أي مفاجآت، باستثناء إعلان التجمع الوطني الديمقراطي، خوضه الانتخابات بقائمة منفصلة عن القائمة المشتركة، التي باتت تخوض الانتخابات ضمن قائمة مرشحين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والقائمة العربية للتغيير.
ويتوقع نجاح 11 قائمة في دخول الكنيست، وهي: “الليكود” اليميني، بزعامة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، و”هناك مستقبل” الوسطي بقيادة رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد، و”المعسكر الرسمي” برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس، و”الصهيونية الدينية” اليميني برئاسة بتسلئيل سموتريتش.
كما يتوقع فوز حزب “شاس” اليميني، و”يهودوت هتوراه” اليميني، و”إسرائيل بيتنا” اليميني، و”القائمة المشتركة”، و”العمل” الوسطي، و”ميرتس” اليساري، والقائمة العربية الموحدة بحسب استطلاعات.
والانتخابات القادمة هي الخامسة في غضون 4 سنوات، دون استبعاد إجراء انتخابات سادسة في ظل استعصاء وجود مرشح قادر على تجنيد 61 عضوا على الأقل من أعضاء الكنيست الـ 120 لتشكيل حكومة.
وتبدأ الدعاية التلفزيونية للانتخابات في 18 أكتوبر/ تشرين الأول، ويتم نشر آخر استطلاعات الرأي العام يوم 28 من الشهر نفسه استعدادا للانتخابات مطلع نوفمبر.