أكذوبة التهديدات بين إسرائيل وإيران.. العداء للعرب قاسم مشترك
الإعلامي أحمد حازم
تتكاثر التهديدات بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي في الآونة الأخيرة، ولا سيما بعد الحديث عن اتفاق نووي بين ايران والولايات المتحدة. فمرة نسمع تصريحات من ايران مفادها ان دولة فارس تستطيع تسوية إسرائيل بالأرض، وتارة أخرى نسمع مثيلًا لهذه التصريحات من إسرائيل، ولكن بأسلوب مختلف. والتهديدات التي تصدر عن الجانبين هي مجرد بالونات هوائية. فلا إيران تستطيع التورط في حرب مباشرة مع إسرائيل ولا الدولة العبرية قادرة على فعل ذلك. وأنا أعتقد بأن أحدهما أكذب من الآخر، لأن القواسم المشتركة بينهما أكثر من الخلافات. وأهم قاسم بينهما العداء للعرب.
قليلون هم الذين يعرفون وجود مجلس وطني إيراني- أميركي أسسه السياسي الأمريكي تريتا بارسي، المعروف بدبلوماسيته الثعلبية، والذي قام تلاميذه بتشكيل فريق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بإعداد النسخة الأولى من الاتفاق النووي مع إيران.
تريتا بارسي قال ذات يوم: “إنَّ إيران هي الصديقة الحميمة لإسرائيل، ولذلك علينا أن نحافظ على هذه الصداقة”. وهذا يعني وجود تحالف ثلاثي بين واشنطن وطهران وتل ابيب، والذي أسماه بارسي ذات يوم “الحلف الغادر”. وهذا الحلف، حسب بارسي، لا يمكن أن ينهار، لأنَّ انهياره سيلحق ضررًا كبيرًا بالولايات المتحدة وإسرائيل قبل إيران.
التاريخ يذكر في صفحاته، والتاريخ لا يكذب، أنَّ خبراء أمريكيين قاموا بتأسيس النووي الإيراني في عهد الشاه في سنوات الخمسينيات، بهدف تخويف وإضعاف الدول العربية المحيطة بإسرائيل وإيران. إذًا هناك تلاق مهم في الهدف وتحقيقه يعود بالفائدة للطرفين. ولذلك لا داعي لاصطدام بين إسرائيل وايران، لأن أي اصطدام مباشر يعني نهاية التحالف.
إيران في عهد الشاه، كان ينظر إليها كـ “بعبع” ينشر الرعب في قلوب الجيران العرب لأنها الدولة الأقوى عسكريًا في المنطقة، خصوصا وأن إيران في عهد الشاه كانت تؤمن بعقيدة “الدولة المتفوقة” على جيرانها العرب. وهنا تأتي نقطة التقاطع مع إسرائيل التي تحمل نفس العقيدة.
إيران حتى بعد ثورة الخميني في العام 1979 ظلت متمسكة بنفس العقيدة حتى بنفس الكره والحقد على العرب. حدثني القيادي الفلسطيني الراحل محمد عودة (أبو داوود) أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات اصطحب معه وفدًا لتهنئة الخميني بالثورة. وخلال اللقاء رفض الخميني بشدة التحدث باللغة العربية علما بأنه يجيدها بطلاقة لفظًا وكتابة وقراءة. هذا الموقف من الخميني يظهر بوضوح مدى كره ايران للعرب لدرجة أنَّه لا يريد التحدث بلغتهم. الكاتب الخليجي حسين سنا الباحث في العلاقات الدولية، ذكر في مقال له في موقع “منشور” في 27 يونيو/حزيران العام الماضي نقلًا عن بارسي “أن التحولات في العلاقات الإيرانية الإسرائيلية أشد ارتباطا بالتغيير في موازين القوى بعد الحرب الباردة، منها بالثورة الإسلامية لعام 1979”.
ويقول الباحث إنَّ إيران ألقت بثقلها ضد عملية بناء السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مخافة تهميشها في هذه العملية، وفي المنطقة، بينما سعت إسرائيل إلى منع أي حوار أمريكي إيراني مخافة أن تخون الولايات المتحدة المصالح الأمنية الإسرائيلية في حال باشرت إيران وأمريكا اتصالات مباشرة.
ويبدو بشكل واضح أنَّ تركيبة الشرق الأوسط دفعت بإيران وإسرائيل الى الالتقاء في المصالح، إن كان ذلك في السابق أو في الوقت الحالي، رغم التباين الكبير بين الصهيونية وولاية الفقيه لأن المصالح هي التي تتحكم بالسياسة.