انتهاء مهلة عباس لانسحاب الاحتلال من الضفة الغربية: ما الذي تغيّر على الأرض؟
مضى عام كامل منذ أن أعطى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، في خطابه السابق بالأمم المتحدة، الاحتلال الإسرائيلي مدة عام كامل مهلة للخروج من الضفة الغربية المحتلة، دون أن يفعل أبو مازن أي شيء على الأرض لرحيل الاحتلال.
على المستوى الميداني لم يجر دعم المقاومة الشعبية ولا المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، ولم يعقد أي لقاء سياسي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي ترفض أي لقاءات سياسية مع عباس، وتقتصر لقاءاتها معه ومع القيادة على الشق الأمني فقط، مع استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال.
ولا يظهر الفلسطينيون على المستوى الشعبي أو الرسمي أي توقعات أو اهتمام بأن يحمل خطاب الرئيس الفلسطيني السنوي اليوم أي مفاجآت سياسية، بل على العكس باتت انتهاء المهلة اليوم، مصدراً للسخرية والنكات على السوشال ميديا.
وقال عباس في كلمته أمام الأمم المتحدة يوم 24 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، “إن أمام سلطات الاحتلال عام واحد لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وفي حال عدم تحقيق ذلك فلماذا يبقى الاعترافُ بإسرائيل قائماً على أساس حدود عام 1967؟”.
كوميديا سوداء
من جهته، يقول الخبير في العلاقات الفلسطينية الأميركية والمحاضر في جامعة النجاح حسن أيوب لـ”العربي الجديد”، “إن إعطاء مهلة للاحتلال للخروج من الضفة الغربية أصبح نكتة من باب الكوميديا السوداء التي لا تضحك، ولا أحد يأخذه على محمل الجد”.
وأضاف أيوب أن القيادة “تكرر نفسها كل سنة بالتهديدات ذاتها التي لا يأخذها أحد على محمل الجد، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، والرئيس عباس يعلم جيداً أن الأخيرة ليست بصدد عمل أي استثمار دبلوماسي أو استثمار في الوقت والجهد في الوضع الفلسطيني، وتعتبر أن الوضع الفلسطيني القائم هو أمر واقع وأفضل ما يمكن الوصول إليه”.
ووفق أيوب، فإن “كل السياسيين في أميركا منشغلون الآن بالانتخابات النصفية في نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل، واللوبي اليهودي الداعم لإسرائيل يعمل دون كلل في هذه الانتخابات للتأثير في القرارات الأميركية، وبالذات بالموضوع الفلسطيني الإسرائيلي”.
ويرى الخبير الفلسطيني “أنه مهما كان كلام الرئيس عباس أو قوة ما سيطرحه، فإنه لن يزحزح موقف الولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن ما يغير الموقف الأميركي “هو وجود إسرائيل بموقف دفاع، كما كان عليه الأمر في معركة (سيف القدس) في مايو/ أيار من العام الماضي، ووحدة الساحات الفلسطينية كلها”.
محاضر فلسطيني: ما يغير الموقف الأميركي “هو وجود إسرائيل بموقف دفاع
ورجّحت مصادر دبلوماسية فلسطينية أن الرئيس أبو مازن لن يقوم بتقديم طلب عضوية كاملة في الأمم المتحدة، لا سيما بعد تهديد الولايات المتحدة الأميركية بأنها ستقف بالمرصاد مستخدمة “الفيتو” ضد أي طلب فلسطيني لتقديم عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وقال مصدر دبلوماسي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه “لن يكون هناك تقديم لطلب العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، نتيجة التهديدات الأميركية”.
وتابع المصدر: “لا الظرف، ولا الطريقة تسمح بأن تتقدم فلسطين بطلب جديد لعضوية كاملة في الأمم المتحدة، حتى لو كان هناك تسعة أصوات مع فلسطين في مجلس الأمن، لأن هناك (فيتو) أميركي ينتظر رفض الطلب”.
وتساءل المصدر: “لماذا لا تذهب فلسطين نحو تفعيل الطلب الذي قدمته في الأمم المتحدة عام 2011؟ لأن الحديث عن تقديم طلب جديد يدخل في باب الاستعراض غير المجدي”.
ويتابع المصدر: “ماذا سوف تنجز العضوية؟ وماذا يمكن أن تحصل عليه فلسطين سياسياً من العضوية؟ هذه خطوة يائسة تعني أن القيادة لا تملك شيئاً لفعله”.
ثلاثة خطوط للخطاب
بدوره، يقول الدكتور غسان الخطيب، عضو الوفد الفلسطيني لمؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، والمفاوضات الثنائية الإسرائيلية الفلسطينية التي تلت ذلك في واشنطن من 1991 إلى 1993: “في هذه الظروف السياسية الصعبة يجب أن يكون للرئيس ثلاثة خطوط للتركيز عليها في الخطاب، أولاً الوضع المتفجر في الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي يشير إلى أن هناك إجماعاً لدى لشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال مهما كلف من ثمن، وهذا أمر يجب أن يفهمه العالم”.
ويتابع الخطيب: “لقد ربطنا استراتيجيتنا السياسية بالشرعية الدولية، وبالتالي المفروض على السياسة الفلسطينية الاستفادة من المنظمات الدولية مثل المحكمة الجنائية ومؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من الساحات الدولية، التي لدينا فيها متسع لكسب العالم ومحاصرة إسرائيل”.
ووفق الخطيب، “أما ثالثاً فإن السلطة نشأت لغاية معينة والسياسة الإسرائيلية تمنع هذه الغاية، وبالتالي يجب إعادة النظر في هذه الغاية، والانتقال إلى ترتيبات سياسية أخرى، لأن السلطة جاءت لأهداف ولفترة معينة، لكن إسرائيل حولتها إلى كيان من نوع آخر ولغايات أخرى، ولذلك يجب إعادة النظر في وجود السلطة من أساسه”.
تواصل انتهاكات الاحتلال
ميدانياً، تم رصد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، وفق معطيات رسمية للمؤسسات ذات العلاقة، من عمليات قتل وإصابات، واعتقالات، منذ الأول من سبتمبر/أيلول 2021 إلى 31 أغسطس/آب 2022.
استشهد منذ عام وحتى الآن 166 فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسجلت إصابة المئات.
سجلت خلال عام نحو 6200 حالة اعتقال لفلسطينيين على يد قوات الاحتلال.
صادقت سلطات الاحتلال على 97 مخططاً استعمارياً، وأودعت للمصادقة النهائية 81 مخططاً جديداً في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية.
طرحت سلطات الاحتلال عطاءات لبناء ما مجموعه 1191 وحدة استعمارية، ووافقت على 3 مخططات من أصل 103 قُدمت لتوسعة التجمعات الفلسطينية خلال السنوات العشر الماضية.
أقام المستعمرون 4 بؤر استعمارية في محافظات رام الله ونابلس والخليل، ما يرفع عدد البؤر الاستعمارية في الضفة الغربية إلى 177 بؤرة، وشرعنت بؤرتين استعماريتين.
صادرت سلطات الاحتلال ما مجموعه 22.426 دونما.
أصدرت سلطات الاحتلال 772 إخطاراً لهدم منشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص.
نفذت سلطات الاحتلال ما مجموعه 314 عملية هدم، تركزت معظمها في القدس.
قررت محكمة العدل العليا للاحتلال في 5 مايو/ أيار 2022، تهجير ثماني خرب بمسافر يطا جنوب الخليل، بما يسهل عملية الاستيطان.
بلغ عدد الاعتداءات التي نفّذها مستعمرون 894 اعتداء.
رصد 78 عملية تجريف أراض للمواطنين من قبل الاحتلال والمستوطنين، فيما بلغ عدد العمليات التي استهدفت الأشجار الفلسطينية 94 عملية.
جرى اقتلاع وتخريب ما مجموعه 2266 شجرة، في موسم حصاد الزيتون السابق.
تسجيل 312 عملية تخريب وحرق وسرقة لممتلكات مواطنين فلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال ومليشيا المستعمرين.
بلغ عدد عمليات مصادرة ممتلكات الفلسطينيين ما مجموعه 133 عملية مصادرة، بينما بدأت سلطات الاحتلال ببناء مقطعين في جدار الضم والتوسع بالضفة الغربية.