غوتيريس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: العالم يعيش انقسامات ووضعاً خطيراً
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الثلاثاء، إن العالم يعيش انقسامات ووضعاً خطيراً، مشدداً على الحاجة الملحة للتحرك وعلى ضرورة التشبث بالأمل.
جاء ذلك خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في افتتاح اجتماعاتها رفيعة المستوى والتي يحضرها مئات القادة والمسؤولين رفيعي المستوى وتستمر حتى الإثنين القادم.
وشدد على أن الانقسامات الجيوسياسية تقوض “عمل مجلس الأمن، والقانون الدولي، وثقة الناس وإيمانهم بالمؤسسات الديمقراطية، كما تقوض جميع أشكال التعاون الدولي”، وأضاف “لا يمكن الاستمرار على هذا النحو”.
وقال “حتى المجموعات التي تم إنشاؤها خارج النظام متعدد الأطراف، من قبل بعض أعضاء المجتمع الدولي، كمجموعة العشرين على سبيل المثال، وقعت هي الأخرى في فخ الانقسامات الجيوسياسية”.
وحذّر من أن عدم التعاون وعدم الحوار لن يؤديا إلى حل المشاكل، مضيفاً أنه “لا يمكن حل التحديات التي يواجهها العالم إلا بتعاون دولي، ولن تتمكن أي دولة من مجابهتها وحدها”.
وشدد على ضرورة أن تعمل قيادات الدول على التوصل لسلام دائم في عدد من مناطق الصراعات، مضيفاً “انتباه العالم ما زال مصوبا على اجتياح روسيا لأوكرانيا، حيث خلفت الحرب دمارا واسعا وخروقات لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني.
وذكر بشكل مقتضب عددا من الصراعات حول العالم، بما فيها أفغانستان، وفلسطين، وليبيا، وسورية، مشيراً إلى انهيار الاقتصاد الأفغاني، محذرا من الانقسامات الداخلية في ليبيا.
وفي ما يخص العراق، قال إن التوتر المستمر يهدد استقراره. وبشأن الأراضي الفلسطينية، قال “تستمر موجات العنف في إسرائيل وفلسطين تحت الاحتلال، في الوقت الذي نبتعد فيه أكثر عن حل سلمي على أساس حل الدولتين”، وأضاف “إن العنف والمعاناة في سورية ما زالا مستمرين”.
وأكد على ضرورة “توسيع دور المجموعات الإقليمية، وتعزيز عمل قوات حفظ السلام، وتكثيف نزع السلاح وعدم الانتشار، ومنع الإرهاب ومكافحته، وضمان المساءلة”، وقال إن ذلك يعني أيضاً “الاعتراف بحقوق الإنسان كحقوق محورية للوقاية”.
أزمة الغذاء
وبشأن أزمة الغذاء في العالم، قال الأمين العام للأمم المتحدة “إنه من أجل التخفيف من أزمة الغذاء، يجب أن نعالج الآن أزمة سوق الأسمدة”، لافتاً إلى وجود ما يكفي من الغذاء في العالم للجميع وفي الوقت الحالي، إلا أن سوق الأسمدة غير مستقرة وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة العالم خلال العام القادم مشكلة إمدادات غذاء”.
وأكد في هذا السياق على “ضرورة الاستمرار في إزالة جميع العوائق المتبقية أمام تصدير الأسمدة الروسية ومكوناتها، بما في ذلك الأمونيا. حيث لا تخضع هذه المنتجات للعقوبات، ونحن نحقق تقدمًا في القضاء على الآثار غير المباشرة (للعقوبات)”.
وأشار إلى مصدر قلق آخر يتعلق بتأثير أسعار الغاز على إنتاج الأسمدة النيتروجينية، محذرا من أن عدم التحرك قد يؤدي إلى أن تتحول ازمة الأسمدة إلى أزمة غذاء، ثم توقف عند الهوة في تمويل عمليات الاستغاثة الإنسانية، وقال إنها تصل إلى 32 مليار دولار.
خطاب الكراهية
وتوقف غوتيريس عند وسائل التواصل الاجتماعي والأضرار الناجمة عن انتشار خطاب الكراهية، والسلبية، والمعلومات المضللة، وسوء المعاملة الذي يطاول بشكل خاص الشرائح المستضعفة كالنساء والأقليات.
وانتقد الشركات المسؤولة عن تلك المنصات دون أن يسميها بالاسم، وقال “تباع وتشترى بياناتنا للتأثير على سلوكنا، في حين أن برامج التجسس والمراقبة خارجة عن السيطرة، وكل ذلك دون أي اعتبار للخصوصية”، ثم أشار إلى “الذكاء الاصطناعي وتعريضه سلامة أنظمة المعلومات ووسائل الإعلام للخطر، والديمقراطية نفسها”.
التغير المناخي والاحتباس الحراري
وتوقف غوتيريس عند التغير المناخي والاحتباس الحراري، وقال إن “هناك معركة أخرى يجب أن ننهيها، حربنا الانتحارية ضد الطبيعة”، ووصف أزمة المناخ بأنها قضية عصرنا الحاسمة”، وقال إنه على الرغم من الدعم الجماهيري الساحق في جميع أنحاء العالم إلا أن العمل المناخي لا يأخذ الأولوية المطلوبة.
وشدد على ضرورة خفض “انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030 من أجل الوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050″، وأضاف “مع ذلك، فإن الانبعاثات آخذة في الارتفاع بمستويات قياسية، في طريقها إلى زيادة بنسبة 14 في المئة هذا العقد. لدينا موعد مع كارثة مناخية”.
واعتبر أزمة المناخ مثالا على الظلم الأخلاقي والاقتصادي الذي يعيشه الكثيرون، وضرب مثالاً بقوله إن “مجموعة العشرين مسؤولة عن 80 بالمئة من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، في الوقت الذي تتحمل فيه الدول الأكثر فقرا وضعفا، والتي ساهمت بشكل أقل في هذه الأزمة، الآثار الوحشية بشكل أكبر.
وانتقد “صناعة الوقود الأحفوري التي تجني مليارات الدولارات من الأرباح في الوقت الذي يحترق فيه الكوكب وتعاني الأسر من تقلص ميزانياتها”.
وأنهى غوتيريس خطابه أمام قادة العالم في الحديث عن عدد إضافي من الأزمات بما فيها أزمة الغذاء وأزمة تكاليف المعيشة والأزمة الاقتصادية والطاقة والتداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا وعدم المساواة، والتضخم وعدم القدرة على الوصول إلى التمويل، وقال إن تلك الأزمات تعصف بشكل خاص بحياة قرابة 1.6 مليار شخص، يعيشون في حوالي 94 دولة.