مقال في هآرتس: بهذه المسائل الأربع يمكن لإسرائيل حتى التستر على اغتيال شيرين أبو عاقلة
كقاعدة عامة، لا يصدق الإسرائيليون الفلسطينيين وهم مقتنعون بأن جيشهم دائما على حق. ولكن في حالة الصحفية بقناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، لم تكن الضحية شخصا بسيطا، غير أن ذلك لم يمنع الجيش الإسرائيلي من السعي للتستر على ما حدث.
هكذا قدمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية لمقال للكاتبة أميرا هاس حددت فيه 5 مسائل تمكن من التستر على قتل أو إصابة المدنيين الفلسطينيين على يد جنود الجيش الإسرائيلي بهدوء ودون أي تعقيدات إعلامية، لكن في حالة مقتل أبو عاقلة لم يكن هناك سوى 4 من الشروط الخمسة.
أولا: هناك تصديق الجمهور الإسرائيلي الرواية التي تتحدث عن أن جنود الجيش الإسرائيلي قد أُرسلوا لخوض معركة في الضفة الغربية ضد قوى معادية متكافئة ليس لها أي سبب أو مبرر لمقاومة التدخل العسكري في منطقتهم، وأن المدرعة التابعة للجيش التي كان الجنود يجلسون فيها قد تعرضت لوابل من رصاص المقاومين الفلسطينيين.
غير أن مقاطع الفيديو التي تم تصويرها في الوقت الحقيقي للأحداث، والتي حصلت عليها وبثتها وسائل إعلام دولية (مثل “سي إن إن” ونيويورك تايمز) تظهر أنه لم تكن هناك معركة أثناء أو قبل إطلاق الجندي النار على الصحفيين، وإذا كانت رصاصات قد أصابت السيارة الجيب الإسرائيلية فذلك لم يحدث تلك اللحظة، إذن ما هي المعركة التي يتحدث عنها محققو الجيش الإسرائيلي؟ تتساءل الكاتبة.
ثانيا: حتى تمر وفاة مدني فلسطيني دون أن يثير ذلك اهتماما يذكر لا بد أن يظل الجمهور الإسرائيلي يكذب الفلسطينيين، ولا يقبل شهادة شهود عيان فلسطينيين ولا التحقيقات المستقلة سواء من قبل وسائل الإعلام الأجنبية أو منظمات حقوق الإنسان.
وحتى بعد نشر هذه التحقيقات الصحفية المستقلة، سيظل بإمكان الجيش الإسرائيلي الاختباء وراء مصطلحات مثل “خطأ، احتمال كبير” وهذا على وجه التحديد لأنه يشعر بأنه محمي من نفس التشويه الإسرائيلي لمصداقية أي نتائج لتحقيقات فلسطينية.
ثالثا: هناك تجاهل جماعي ومتواصل من قبل الإسرائيليين للقائمة المتزايدة للمدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا أو أصيبوا على أيدي جنود الجيش أو ضباط شرطة الحدود، مما يكشف عن نمط من قواعد الاشتباك المتساهلة للغاية، فالأعداد المتزايدة من الضحايا بين الفلسطينيين لا تدق ناقوس الخطر لا بين الجمهور الإسرائيلي ولا داخل الكنيست، ولا تؤدي لملاحقة قضائية، وعليه لماذا يغير الجيش نفسه أو يجري تعديلات على بروتوكولاته؟
رابعا: يعتبر الجمهور الإسرائيلي ما تقوم به قوات الأمن بأنه واجب طبيعي لأن قوات الأمن من جيش ومخابرات وشرطة هم الأوصياء على مشروع الاستيطان وهم حماته، ونظرًا لأن هذا المشروع يتوسع دون معارضة دولية، فإن المزيد والمزيد من الإسرائيليين يستفيدون منه بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن الطبيعي أن يعطله أحيانًا الفلسطينيون المتظاهرون العزل.
أما المسألة الخامسة فهي عدم الكشف عن هويات الضحايا الفلسطينيين، فعندما يتأذى إسرائيلي في أي هجوم فلسطيني يتم التعرف عليه فورًا وتشتهر قصته بين الإسرائيليين (ولكن الأمر يختلف) عندما يكون القتلى أو الجرحى فلسطينيين، فحتى لو تم نشر أسمائهم فسيظلون غرباء ولا يمكن لأي من التفاصيل القليلة التي تكشف عنهم أن تثير تعاطف الإسرائيليين.
وهذا الشرط بالذات لا يتوفر في قضية أبو عاقلة فهي مواطنة أميركية وأيقونة إعلامية لمئات الملايين من مشاهدي قناة الجزيرة الفضائية، وقد أصبحت مشهورة حتى بين من لم يكونوا يعرفونها. ومع ذلك، لا يزال هذا كله غير كاف لجعل الجيش الإسرائيلي يحجم عن التستر على هذه القضية، حسب هاس.