عد عكسي لانتخابات الرئاسة اللبنانية: مرشحون كثر بانتظار التسوية
انطلقت المهلة الدستورية لالتئام البرلمان اللبناني بناءً على دعوة رئيسه نبيه بري لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، أمس في 1 سبتمبر/أيلول، في ظلّ خشية شعبية من تكرار مشهديتَي الفراغ الرئاسي مع غياب التوافق السياسي حتى الساعة على شخصية رئاسية وتشتت التكتلات النيابية، كما وإرجاء بري الجلسات بذريعتَي النصاب القانوني والمقاطعة النيابية، إلى حين نضج تسوية لن يكون الخارج بعيداً منها.
وتنتهي ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعد ست سنوات في الحكم كانت حافلة بالأزمات وتعطيل المؤسسات.
وانتُخب عون بعد تسوية سياسية تلت فراغاً رئاسياً دام سنتين ونصف سنة، فرضه تمسّك “حزب الله” بمعادلة “عون أو لا أحد”، ومقاطعته مع “التيار الوطني الحر” (حزب عون، يرأسه صهره النائب جبران باسيل) بشكل أساسي جلسات البرلمان التي تخطت الثلاثين، متسلّحين بأكثريتهما النيابية ونصاب أكثرية الثلثين، أي 86 نائباً من أصل 128، الذي قرّر بري اجتهاده لعقد جلسة انتخاب رئيس واعتبارها قانونية.
وانتُخب عون في 31 أكتوبر 2016، في جلسة عجز في جولتها الأولى عن تأمين نصاب الثلثين، ليتمكّن من الجولة الثانية من حصد 83 صوتاً نيابياً من أصل حضور 127 نائباً. وبحسب الدستور اللبناني، يُنتخب الرئيس بالاقتراع السري بغالبية الثلثين في الدورة الأولى والغالبية المطلقة في الدورة الثانية.
وعلى الرغم من تمسك “حزب الله” بعون، وحيازة محورهما الأكثرية النيابية حينها، بيد أن انتخاب عون لم يحصل إلا بعد تأييد ترشيحه من قبل رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، ورئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع، انطلاقاً من أن هذا الاستحقاق يحكمه التوافق السياسي الذي يسبق العملية الديمقراطية، كما والتسويات الخارجية.
هذا الأمر حصل عند انتخاب ميشال سليمان رئيساً عام 2008 بعد فراغ لأكثر من سنة، سجل بعد نهاية عهد إميل لحود الذي يعد رجل النظام السوري، ومدد له نصف ولاية (1998 إلى 2007)، فكانت “تسوية الدوحة”.
أفرزت الانتخابات النيابية الأخيرة، كتلاً برلمانية عدّة متفرقة
مرشحون كثر للرئاسة اللبنانية قبل نضج التسوية
واليوم، تتجه الأنظار إلى الموعد الذي سيدعو فيه رئيس البرلمان إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، التي كان ربطها في تصريحٍ سابقٍ له، بأن “يقرّ المجلس النيابي إصلاحات تمثل شروطاً مسبقة لبرنامج إنقاذ من صندوق النقد الدولي”.
فيما تربط الأوساط السياسية الموعد بحصول اتفاق مسبق على اسم الرئيس، وهو اتفاق قد يطول بالنظر إلى كثرة المرشحين غير الرسميين، وعدم وجود أكثريات صريحة متحالفة قادرة على إيصال مرشحها بشكل محسوم إذا ما خيضت اللعبة “ديمقراطياً” بالانتخاب، ولو أن قوى “8 آذار” استطاعت في استحقاقي رئاسة البرلمان ونيابتها استعادة المنصبين.
وأفرزت الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/أيار 2022، كتلاً برلمانية عدّة متفرقة، أبرزها كتلة “الجمهورية القوية” (19 نائباً وتمثل حزب القوات اللبنانية)، “تكتل لبنان القوي” برئاسة باسيل (17 نائباً)، كتلة “التنمية والتحرير” برئاسة نبيه بري (15 نائباً)، كتلة “الوفاء للمقاومة” (15 نائباً وتمثل حزب الله)، “اللقاء الديمقراطي” (يمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط ويضم 8 نواب)، كتلة التغييريين (13 نائباً)، حزب “الكتائب اللبنانية” برئاسة النائب سامي الجميّل (4 نواب)، عدا عن الكتل الصغيرة التي تضم مستقلين، ومعارضين.
وتعجّ الساحة المحلية في لبنان بأسماء مطروحة للرئاسة، على الرغم من أنها لم تُعلن رسمياً بعد. يتقدّم هذه الأسماء رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، حليف “حزب الله” الأبرز، وخياره الحالي بعدما كان الحزب قد دعم وصول عون إلى سدة الرئاسة عام 2016 على حساب حليفه الآخر فرنجية. والأخير بدأ يتحضّر رئاسياً من البوابة الإعلامية، بعد دعوته أخيراً وفداً إعلامياً إلى مقرّه للحديث عن آخر التطورات السياسية.
كذلك ترتفع أسهم قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يُدرَج في خانة المقرّبين من الولايات المتحدة. مع العلم أن قادة الجيش في لبنان يعدّون من المرشحين الدائمين لرئاسة الجمهورية، آخرهم في الحقبة الحديثة، إميل لحود (تولى الرئاسة بين 1998 – 2007)، وميشال سليمان (2008 – 2014)، وميشال عون، خصوصاً أن الواقع الأمني يحكم البلاد، والاستحقاق الرئاسي غالباً ما يتم بعد أحداث أمنية.
كذلك، يبرز اسم جبران باسيل، على الرغم من تراجع حظوظه بعد خسارته الأكثرية البرلمانية، ولا سيما المسيحية، وتحميله جزءاً كبيراً من الأزمات التي شهدها عهد عون، وعدم قدرته على نيل دعم “حزب الله” لترشحه، باعتبار أن الأخير سبق أن أعلن دعمه لفرنجية بعد انتهاء ولاية عون.
كذلك يُطرح في السباق الرئاسي، اسما النائبين ميشال معوض ونعمة افرام، المنضويين في دائرة المستقلين المعارضين، وهو ما يعوّلان عليه، إلى جانب علاقاتهما الخارجية الحسنة.
من جهته، يعتبر رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع نفسه مرشحاً طبيعياً، لكنه يقول إنه منفتحٌ على الانسحاب لأي مرشح يلبي مواصفات حزبه. وهو سيناريو فعله يوم تراجع وأيّد عون التزاماً بتفاهم معراب (وُقّع بين القوات والتيار الوطني الحر في يناير/كانون الثاني 2016)، مع الإشارة إلى أن الظروف لا تسمح بوصول جعجع، لعدم حيازته التوافق السياسي المطلوب على اسمه، عدا عن أن “حزب الله” يضع فيتو عليه.
وكان لافتاً إعلان ترايسي شمعون، التي كانت مقرّبة من عون، ترشحها رسمياً لرئاسة الجمهورية، وهي ابنة زعيم حزب “الوطنيين الأحرار” الراحل داني شمعون وحفيدة الرئيس الراحل كميل شمعون. لكن حظوظها تُعتبر شبه معدومة، ولو أنها تعوّل على أصوات المستقلين والتغييريين بعد تغيير خطابها السياسي في الفترة الأخيرة.
هاشم: الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس، تتوقف على ما سيملكه بري من معطيات لتأمين التوافق
التوافق قبل الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس؟
ويقول النائب في كتلة بري البرلمانية “التنمية والتحرير” قاسم هاشم، إن الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، تتوقف بشكل واضح على ما سيملكه الرئيس بري من معطيات وإمكانات لتأمين التوافق والتفاهم حول الاستحقاق، وبعدها لن يكون هناك عائق في الدعوة للجلسة.
ويلفت هاشم إلى أن هناك أسماءً متقدمة، منها فرنجية، لكن حتى الآن كما هو واضح من خلال مجريات الاستحقاق ومساره، ليس هناك من شخصيات محسومة. ويضيف: “اعتدنا في مراحل سابقة واستحقاقات تاريخية أن تكون الأسماء وليدة ساعتها ونتاج معطيات وتفاهمات على أكثر من مستوى محلي وإقليمي ودولي، من هنا فإن موضوع الاستحقاق الرئاسي تتداخل فيه عوامل عدة، وقد تظهر أسماء غير منتظرة تتصدر المشهد في لحظاتٍ معينة”.
ولا يعتقد هاشم أن أحداً يمكن أن يدّعي أنه قادر على فرض إرادته ومرشحه وتصوّره، مشدداً على أنه “لن يكون هناك رئيس تحدٍّ، فالمرحلة لا تحتمل ذلك، بل تحتاج إلى تفاهمات وتوافق وتلاقٍ حول مساحات مشتركة، فالظروف التي تمرّ بها البلاد استثنائية وغير طبيعية وتتطلّب التقليل من التوتر”.
ويتوقف هاشم عند اللقاء الأخير بين “حزب الله” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” (يتزعمه وليد جنبلاط)، الذي يعتبره مطلوباً بين كل المكوّنات، فالأهم التفاهم والحوار، لا التباعد والاختلاف، وفق قوله.
محاولات لتوافق بين قوى المعارضة
من جهته، يشير رئيس جهاز الإعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” شارل جبور، إلى أن “القوات على تواصل وتفاعل وتنسيق مع شخصيات معارضة، وتُجري لقاءات في البرلمان مع أكثر من نائب، وكذلك خارجه على مستوى الزيارات، ولكن حتى اللحظة لم نتوصل إلى تصور مشترك، سواء لجهة توصيف أو تشخيص واقع الأزمة أو الاتفاق على مرشح رئاسي”.
جبور: حزب “القوات” لم يتوصل حتى اللحظة لتصور مشترك مع الشخصيات المعارضة
ويلفت إلى أن “جعجع مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية انطلاقاً من ثلاث ركائز أساسية، تمثيله الحيثية الأكبر على المستوى المسيحي، الأمر الذي أظهرته الأصوات التفضيلية في الانتخابات النيابية، وحيازته التكتل البرلماني الأكبر، وكونه يشكل رأس حربة في مشروع سياسي سيادي عنوانه استعادة لبنان بمكوناته السياسية ويشكل استمرارية للخط اللبناني التاريخي المسيحي ويحافظ على أفضل العلاقات العربية والدولية”.
في المقابل، يقول جبور إن “القوات تدرك أن الأولوية اليوم لاتفاق مكونات المعارضة، التي إذا اتفقت على ترشيح جعجع فهذا عظيم، ولكن إذا أرادت شخصية أخرى ضمن المواصفات الإصلاحية السيادية، فسنكون منفتحين عليها، لأن الأولوية ليست في الترشيح بقدر ما تكمن في وحدة صف المعارضة التي من خلالها يمكننا أن نهزم الفريق الذي أوصل اللبنانيين إلى هذه المأساة”.
ويشدد على أن “الاستحقاق الرئاسي يجب أن يكون محطة لطيّ صفحة “8 آذار” المأساوية في الحكم، خصوصاً أنه فريق خارج عن المؤسسات، ويجب أن يبقى خارجها ونخرجه منها من طريق الانتخابات الرئاسية”، مضيفاً: “همّنا في هذه المرحلة منع هذا الفريق من دخول عتبة القصر الرئاسي، وإخراجه بلا عودة”.
ويرى جبور أن نتائج الانتخابات النيابية لم تكن حاسمة، ولكن على الرغم من ذلك، فهي انتزعت من “حزب الله” أكثريته، وهذا إنجاز مهم، لكنها في الوقت نفسه أنتجت تعددية على صعيد المعارضة، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الجهود بين مكوّناتها لتتمكن من توحيد صفوفها على رؤية مشتركة باستحقاقات مفصلية، على رأسها رئاسة الجمهورية التي تنسحب أيضاً على الحكومة التي نريدها بطعم السياديين.
من ناحية أخرى، لا يرى جبور لقاء “حزب الله” و”التقدمي الاشتراكي” مقدّمة للاتفاق على شخصية رئاسية، “فجنبلاط قال إنه ضد وصول رئيس من “8 آذار” إلى سدة الرئاسة، ولكن له مقاربته للأمور وتكتيكه السياسي المختلف عنا”.
وبحسب المعلومات، فإن اللقاءات التي يُعمل عليها تشمل شخصيات معارضة لـ”حزب الله”، أبرزها النائب أشرف ريفي، وحزب “الكتائب اللبنانية” برئاسة النائب سامي الجميّل، ونواباً مستقلين. ويحاول حزب “القوات” أن يشمل التنسيق “كتلة التغييريين” التي تضم 13 نائباً، من بوابة عدم تكرار خطأ انتخابات رئاسة البرلمان ونيابتها، وقطع الطريق أمام وصول مرشح “حزب الله”.
القعقور: القوى التغييرية ستقدّم اسم مرشح أو مرشحة، ولن تكتفي بتأييد مرشحين معلنين
مرشح للقوى التغييرية
في هذا الإطار، تقول النائبة في كتلة التغييريين حليمة القعقور،”لا نؤمن بالاصطفافات التقليدية بين 8 و14 آذار، ولا يمكن أن نكون جزءاً منها، لكننا منفتحون على التنسيق مع كل القوى السياسية وفق أجندة واضحة ومعايير وصفات المهمّ أن نلتقي عليها”.
وتشير القعقور، التي تنتمي إلى حزب “لنا” (حزب ديمقراطي اجتماعي)، إلى أن “المواصفات التي حددناها للرئيس المقبل، هي أن يكون سيادياً وفق المعنى الكامل للسيادة، وبوجه كل الدول والسفارات، وغير تابع لأي محور، وأن يكون إصلاحياً، يدرك الخلل الموجود بالنظام ويحمل مشروعاً سياسياً واضحاً لإصلاحه، وأن يكون علمانياً يؤمن بالدولة العلمانية التي نطمح إليها، وليست له توجهات طائفية”.
وتردف بالقول: “وفق هذه المواصفات، يُتداوَل عدد من الأسماء، وسيستمرّ التنسيق حتى الوصول إلى اسم محدد لديه مشروع سياسي نعرفه ومطلعون عليه يلبي طموحاتنا، وسيعلن اسم المرشح قريباً”. وتؤكد “أننا سنقدّم اسم مرشح أو مرشحة، ولن نكتفي بتأييد مرشحين معلنين سواء من جانب المعارضة أو السلطة، لوعينا بأهمية الاستحقاق”.
سيناريوهات جلسة انتخاب الرئيس اللبناني
وفي قراءة للمشهد القائم، يقول الكاتب السياسي جوني منيّر، إن بري سيمسك باللعبة في الأول من سبتمبر، وسيتمهّل بداية في الدعوة لانتخاب الرئيس، فالتفاهم أولاً قبل الدخول بشكل قاسٍ على الاستحقاق.
ويلفت إلى أنه في حال عدم حصول توافق على اسم، سيدعو بري لجلسة أولى، لكن النصاب لن يتأمن لانعقادها، سواء من قبل فريق المعارضة والتغييريين إذا لمسوا أن حظوظ فرنجية مرتفعة، أو العكس من جانب “حزب الله” وبري، وسيتكرر ذلك إلى حين حلول موعد رحيل عون عن قصر بعبدا.
ويرى منيّر أن المرشحين الجدّيين الوحيدين لرئاسة الجمهورية هما فرنجية وقائد الجيش، مشيراً إلى أن فرصة فرنجية ستكون الأقوى في فترة الشهرين المقبلين، لكن بعدها وعندما يطول الفراغ الرئاسي سترتفع أسهم قائد الجيش.
ويشير إلى أن الاستحقاق الرئاسي مرتبط أيضاً بتفاهم أو اتفاق دولي، تحديداً بين الأميركيين والإيرانيين و”حزب الله”، وسيكون الفرنسيون قناة الوصل مع الأخير، كذلك سيكون للسعودية دور أيضاً، بيد أن الجوهر الأساسي بين الأميركيين والإيرانيين.
ويستبعد منيّر بقاء عون في القصر الرئاسي بعد انتهاء ولايته، ويرى أن “كل الكلام الذي يثار في هذا السياق هو في إطار الضغط الإعلامي، فعون لن يبقى دقيقة واحدة، لأن هناك محاذير دولية وعقوبات تلوح في أفقه”.
ويلفت إلى أن باسيل لا يؤيد فرنجية وهو يراهن على الفراغ الرئاسي، فبعد تجاوز مدة الشهرين سيعاد خلط الأوراق وفق حساباته، من هنا يقاتل على الثلث المعطل في الحكومة الجديدة، ليتمكن من فرض نفسه مرشحاً أساسياً في السباق الرئاسي.
ويشير إلى أن حسابات باسيل هذه، تعوق تشكيل الحكومة، مع الإشارة إلى أنّ التنسيق في المواضيع الحالية عالٍ بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبري، ومعهما جنبلاط.
لعبة النصاب البرلماني
دستورياً، يقول منسق اللجنة القانونية في “المرصد الشعبي” (مجموعة حقوقية سياسية تتعاطى الشأن العام) المحامي جاد طعمة لـ”العربي الجديد”، إن المادة الـ73 من الدستور اللبناني تنص على أنه قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهرين على الأقل أو شهرين على الأكثر، يلتئم مجلس النواب بناءً على دعوة رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد.
ويضيف: إذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض، فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس، وتالياً، يُعتبر البرلمان بعدها بحال انعقاد حكمي لانتخاب رئيس للجمهورية.
طعمة: في حال حصول فراغ في سدة الرئاسة، تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً
ويتوقف طعمة عند مسألة النصاب المطلوب، شارحاً أن المادة الـ34 من الدستور تنص على أن اجتماع مجلس النواب كي يكون قانونياً يجب حضور أكثرية الأعضاء، أي النصف زائداً واحداً (عدد النواب 128)، فيما تنص المادة الـ49 على أن رئيس الجمهورية يُنتخب بالاقتراع السري بغالبية الثلثين في الدورة الأولى والغالبية المطلقة في الدورة الثانية، وهنا الحديث عن نصاب التصويت لا الحضور.
ويشير إلى أن أهل السياسة وبري وسّعوا تفسير هذه المادة للقول إنه لتنعقد الجلسة بشكل قانوني لا بد أن يحضرها ثلثا أعضاء البرلمان، وهنا يبرز الانقسام في وجهات النظر، علماً أن الخروج عن القاعدة العامة خروج شاذ، ولا بد من تفسير المادة الـ49 بحرفيتها من دون توسع.
ويشدد طعمة على أنه في “حال حصول فراغ في سدة الرئاسة لمطلق سبب، تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، سواء أكان بكامل المواصفات، أم عبارة عن حكومة تصريف الأعمال، وذلك عملاً بمبدأ استمرارية المرفق العام”، مضيفاً أنه “يمكن حكومة ميقاتي أن تتولى صلاحيات الرئيس عون بعد انتهاء ولايته، ولو كانت بحالة تصريف أعمال”. مع الإشارة إلى أن عون عبّر صراحة عن عدم جواز تسليم صلاحيات الرئيس لحكومة تصريف أعمال.
ويأسف طعمة لوجود كمّ كبير من الثغرات الدستورية التي تستغلها السلطة لتنفيذ أجنداتها والاجتهاد تبعاً لمصالحها، وخصوصاً على صعيد غياب أي مهل ملزمة لانتخاب رئيس، أو على صعيد مدة التكليف المطلوبة لتشكيل حكومة، الأمر الذي يعبّد طريق التعطيل والفراغ الطويل.