حراك الأسرى.. نضال متواصل بحاجة لإسناد شعبي ورسمي ضاغط
بدأت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني، يوم الاثنين الماضي، أولى خطواتها التصعيدية ضد إدارة السجون الإسرائيلية، رفضاً لإجراءات إدارة السجون القمعية والتعسفية المستمرة بحقهم.
وتركزت الخطوة الاحتجاجية الأولى للأسرى، برفض أكثر من 4600 أسير فلسطيني، الخروج للفحص الأمني، وإرجاع وجبات الطعام.
ودعت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة، الشعب الفلسطيني إلى إسناد الأسرى في معركتهم النضالية لنيل حقوقهم، من خلال الدعوة لأن يكون يوم الجمعة القادم 26/8/2022م يومًا للنصرة والنفير، وتخصيص خطب الجمعة للحديث عن أسرى الحرية، والخروج إلى نقاط التماس مع المحتل في محافظات الوطن كافة.
ومن المقرر أن تخوض الحركة الأسيرة إضراباً مفتوحاً عن الطعام، يبدأ في الأول من أيلول/ سبتمبر القادم، إذا لم تستجب إدارة مصلحة السجون الصهيونية لمطالبهم.
التفاف شعبي
واتفق المحللان السياسيان والمختصان بالشؤون الصهيونية محمود مرداوي، وصلاح الدين العواودة، أنّ حراك الأسرى في سجون الاحتلال بحاجة إلى دعم والتفاف شعبي كبير، يشكل ضغطاً حقيقيًّا على الاحتلال، وإدارة سجونه؛ للتراجع عن إجراءاته التعسفية بحق الأسرى.
وأكّد المحللان أنّ التجارب تؤكّد أن الدعم والإسناد الشعبي القوي لحراك الأسرى وحركتهم النضالية داخل السجون الصهيونية، يمكن أن تشكل حالة ضغط على الاحتلال، مؤكّدين أنّ هذا الخيار هو الأقرب للواقعية والتحقيق في هذا التوقيت.
يقول “مرداوي” وهو أسير محرر: “الحركة الأسيرة تواجه عدوا متغطرساً مجرماً ينقض العهود، ويتراجع عن الوعود، كان قد وعد في لحظة ضعف يمر بها، ولحظة قوة كانت تملكها الحركة الأسيرة مع التفاف الشارع الفلسطيني، فرضخ هذا المحتل”.
وبين أنّ الاحتلال سرعان ما أعاد سياسته القمعية تجاه الأسرى خاصة من أصحاب المؤبدات داخل الأسر، الذي أراد الإضرار بهم من خلال عملية تنكيل مستمرة، وعدم استقرار حياة، حياة وضنك فوق القمع، عدا عن المنع والحرمان من الزيارات، والغذاء والحركة وحرية التواصل بين الأسرى والغرف والسجون، “وكل ذلك يمثل عملية مبرمجة شهدها الواقع داخل السجون”، وفق قوله.
ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي في سجونه –وفق مرداوي-4700 أسير فلسطيني، منهم 21 أسيرا مريضا بالسرطان، 340 أسيرا بحالة الخطر بطريقة أو بأخرى يعانون من أمراض أهم أسبابها الإهمال الطبي، والظروف غير الصحية داخل السجون من التغذية والتهوية، عدا عن وجود 370 طفلا، 37 امرأة أسيرة، و740 معتقلا إداريًّا وهو العدد الأكبر منذ عقد من الزمان.
وشدد “مرداوي”، على ضرورة وجود تضامن شعبي ورسمي وفصائلي قوي مع الأسرى، مؤكِّداً أنّ هذا التضامن إن شعر به العدو سيتراجع فوراً.
وبين الأسير المحرر، أنّ أبرز الأدوات التي يمكن أن يضغط بها الفلسطينيون على الاحتلال، “تفعيل المواجهات في مناطق التماس بالضفة، وتفعيل المظاهرات شبه اليومية، عدا عن الأعمال الفدائية المؤثرة التي تربك حسابات الاحتلال، وتربط بين ما يجري في السجون بأرض الميدان في الضفة الغربية”، لافتاً إلى أنّ هذا الربط سيكون له دلالاته وتأثيره الكبير.
القرار فلسطيني فقط
ولم يعول المحلل “العواودة” على إمكانية وجود تحرك عربي رسمي تجاه قضية الأسرى، مبيناً أنّ القرار هو قرار فلسطيني بحت بتحريك المياه الراكدة، وتفعيل الأدوات الضاغطة على الاحتلال لتحريك الأنظمة العربية تجاه الاحتلال من أجل تحقيق مطالب الأسرى لتخفيف الاحتقان والتوتر في الشارع الفلسطيني.
وأعرب عن أسفه قائلاً: “للأسف، الأنظمة العربية لا تتحرك في أي قضية ولا تتبناها إلا إذا اشتكت إسرائيل، حينها يمكن أن تتحرك وتتفاعل، وهو مالا يمكن تحقيقه إلا بقرار فلسطيني”.
أما على الصعيد الدولي، فأكّد المحلل العواودة، أنّ النظام الرسمي الفلسطيني، وقيادات الفصائل الفلسطينية، مطالبة بالتحرك على كل المستويات، والتشبيك مع الجميع من أجل تدويل قضية الأسرى وإعادتها إلى الواجهة.
وأشار إلى ضرورة تفعيل الإمكانيات الحقوقية والقانونية التي يمكن أن تحرك العالم كله تجاه قضية الأسرى، “ولكن ينقصها قرار فلسطيني للبدء في العمل بكل هذه الاتجاهات” وفق قوله.
وتعد خطوات الأسرى في سجون الاحتلال، هي الأولى منذ أشهر، والتي ستصل تدريجيًّا إلى الإضراب المفتوح عن الطعام مع مطلع أيلول القادم؛ احتجاجا على تراجع إدارة سجون الاحتلال عن التفاهمات التي توصلوا إليها في آذار/ مارس الماضي، والتي على إثرها أوقف الأسرى حراكهم آنذاك.
وفي بيانها، دعت اللجنة الوطنية كل أبناء الشعب الفلسطيني وفصائله الحية والمقاومة، إلى الوقوف إلى جانب الأسرى في هذه المعركة.