تقرير: 23% من إنفاق السلطة الفلسطينية في 2022 على الأمن.. “خرق للقواعد الدستوريّة”
واصلت الحكومة الفلسطينية خلال العام الجاري، تخصيص الإنفاق الأكبر من موازنتها على قطاع الأمن، بحسب ما أعلن “الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة”، والذي نشَر اليوم الأربعاء، تقريره حول “الملخص التنفيذي للتقرير النصف سنوي للموازنة العامة لعام 2022”.
وأوضح الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة، أن تخصيص الإنفاق الأكبر من موازنة السلطة الفلسطينية على قطاع الأمن، يأتي في الوقت الذي لم تحول سوى دفعة واحدة من مخصصات الأسر الفقيرة خلال الفترة ذاتها.
والفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، ممثل لعدد من المنظمات الأهلية القطاعية الفلسطينية، بالإضافة إلى بعض الخبراء الاقتصاديين، وقد أنشأه الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، ضمن جهوده الرامية لتعزيز مبادئ الشفافية ونظم المساءلة في العمل العام الفلسطيني.
وأكد الفريق الأهلي لدعم الشفافية في تقريره استمرار تفاقم عجز الموازنة العامة من سنة إلى أخرى، دون وجود حلول جدية تساهم في ردم العجز المالي. كما كشف أن تقارير وزارة المالية أظهرت وجود فجوة كبيرة بين ما تم تخصيصه للنفقات التطويرية، وما تم إنفاقه فعليًا، خلال النصف الأول من العام 2022. إضافة إلى وجود فجوة واسعة بين ما رصدته الحكومة للقطاع الزراعي وما تم إنفاقه خلال النصف الأول من العام على القطاع الزراعي بما فيه وزارة الزراعة، خاصة بند النفقات التطويرية.
وذكر الفريق الأهلي في تقريره، أن الإنفاق على قطاع الأمن في الشهور الستة الأولى من السنة الحالية، شكَّل 23% من إجمالي الإنفاق الحكومي، وقد ذهب 86% من إجمالي ما تم إنفاقه في قطاع الأمن إلى بند الرواتب والأجور.
وقال إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، صادق على قرار بقانون للموازنة العامة للعام 2022، في آخر يوم منحه القانون وبعد مضي ثلاثة شهور على بداية العام، وتم نشر الميزانية بشكل مختصر، وبدون أي توضيحات للإنفاق على مراكز المسؤولية، وبتجاهل مطلق لمنظمات المجتمع المدني، وباستمرار تجاهل دور المجلس التشريعي المنتخب ممثلا لدافعي الضرائب، ممولي أكثر من 85% من الموازنة.
وأكّد الفريق أن ذلك يُشكل خرقًا للقواعد النظامية والدستورية.
وجاء في تقرير الفريق الأهلي حول الموازنة العامة، أن الحكومة الفلسطينية خصصت 20% من إجمالي الموازنة في العام 2022، لقطاع الحماية الاجتماعية الذي يشمل: وزارة التنمية الاجتماعية، ومخصصات الأسرى، ومؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، ومخصصات وزارة المرأة، واللجنة الوطنية للمخيمات الصيفية، إضافة إلى 20% لقطاع التعليم، و14% للقطاع الصحي، مقابل 21% لقطاع الأمن.
ومن خلال تحليل التقارير والبيانات المالية الصادرة عن وزارة المالية والمنشورة في صفحة الوزارة بتاريخ 28 تموز/ يوليو 2022، ومقارنتها مع قانون الموازنة العامة 2022، فقد خرج الفريق الأهلي بخلاصة أن إدارة الموازنة العامة للنصف الأول من العام الحالي تظهر استمرار ضعف الشفافية في إدارة الموازنة العامة، وضعف تطبيق سياسات الإصلاح المعلن عنها.
كما تُظهر بقاء خطط الإصلاح المالي غير مفعلة، وخاصة في مجال ترشيد الإنفاق العام، واستمرار مخاطر مراكمة الأعباء على الأجيال القادمة، بدون إيجاد حلول جذرية للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة.
وخلص تقرير الفريق الأهلي أيضًا إلى استمرار حالة ضعف الشفافية والمشاركة في الموازنة العامة، إذ لم يتم نشر قانون الموازنة بشكل كامل، ولم يتم نشر أجندة الإصلاح التي تم تقديمها لاجتماع الدول المانحة المنعقد في شهر أيار/ مايو 2022 في بروكسل.
وكشف التقرير عن ارتفاع في الإيرادات المحلية وإيرادات المقاصة، وهذا الارتفاع، يرجع إلى التحسن الجزئي في توسيع القاعدة الضريبية، إضافة إلى ارتفاع الضرائب الناتجة عن ارتفاع الأسعار، وزيادة عدد العمال في مناطق 48، التي ترتب عنها زيادة في ضريبة الدخل الموردة للخزينة العامة عبر المقاصة، وفقًا للفريق الأهلي.
وذكر أنه “ما زال بند صافي الإقراض يستنزف الموازنة العامة ويشكل عبئًا على الخزينة العامة في ظل عدم قدرة الحكومة على تخفيضه على الرغم من وضع العديد من الإجراءات والتدابير لمعالجته (…) وأن بند الرواتب والأجور للموظفين العموميين، ما زال يشكل 50% من الموازنة العامة، ما يشير إلى أن الحكومة (الفلسطينية)، لم تتخذ إجراءات جادة لمعالجة بند الرواتب في الموازنة العامة”.
وجود مجلس تشريعي متطلب أساسي لتحقيق الإصلاح المالي
في السياق، عقد الفريق مؤتمره السنوي في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني برام الله، اليوم، تحت عنوان “سياسة الإصلاح المال وإدارة المال العام”، والذي استعرض فيه أداء الموازنة العامة للنصف الأول من العام 2022، بالإضافة إلى عرض مقارن ما بين سياسات الإصلاح المعلنة، بدءا من إستراتيجيات إدارة المال العام، وصولا إلى خطة الإصلاح التي أعلنت عنها الحكومة الفلسطينية، خلال مؤتمر المانحين للسلطة الوطنية الفلسطينية في بروكسل في أيار/ مايو 2022، والواقع الفعلي، مؤكدا أن وجود مجلس تشريعي، متطلب أساسي لتحقيق الإصلاح المالي.
وأكد الفريق أن المؤتمر شهد غياب مشاركة وزارة المالية الفلسطينية.
“الحكومة تتجاهل المجتمع المدني وتواصل التفرد في القرارات”
واستُهِلّ المؤتمر بكلمة من رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان (سكرتاريا الفريق الأهلي)، عبد القادر الحسيني، الذي عرّج بدوره على أهم المفاصل التي اتسمت بها المرحلة الحالية من؛ استمرار حالة تأجيل الالتزامات المالية، ودفع نسبة من رواتب الموظفين العموميين، وتراكم المتأخرات والديون المترتبة على الحكومة، وضعف التدابير والإجراءات المتخذة لإصلاح إدارة المال العام، والاستمرار بتجاهل ممثلي المجتمع المدني، والتفرد في القرارات المترافقة بضعف في الشفافية ونشر المعلومات للمواطنين، بالرغم من مطالبات الفريق الأهلي المستمرة بإشراك المجتمع المدني للمشاركة والنقاش حول سبل ضبط الانفاق، وضبط العجز المالي.
الفريق الأهلي يطالب باعتماد النهج التشاركي
وأكد الحسيني في كلمته أن أهمية مؤتمر الموازنة لهذا العام والمؤتمرات التي سبقته، تكمن في إطلاع المواطنين -ممولي الخزينة العامة- على الموازنة العامة وآليات الإنفاق، وسياسات إدارة المال العام، وبمشاركة ممثلي القطاع الحكومي وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص، وهو ما يعزز مبدأ المشاركة المجتمعية، وحق المواطن في الاطلاع والمشاركة في تحديد أولويات الانفاق.
كما جدد الحسيني مطالبة الفريق الأهلي للحكومة بضرورة التزامها باحترام العمل بموجب مبادئ الشفافية، وذلك بنشر المعلومات الخاصة بالموازنة العامة في الوقت المناسب، مطالبا بالانفتاح أكثر على المجتمع المدني، وتوفير التقارير والبيانات اللازمة، والتعامل مع توصيات الفريق الأهلي بشكل جدّي، مثمنا بدوره تعاون ديوان الرقابة المالية والادارية، ومشاركتهم المؤتمر.
تراجع في شفافية الموازنة العامة 2022
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر، استعرضت منسقة الفريق الأهلي، الباحثة لميس فراج، التقرير النصف سنوي حول أداء الموازنة العامة 2022، مشيرة إلى جملة من ملاحظات الفريق الأهلي في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، إذ تعهدت الحكومة الفلسطينية خلال هذا العام، بتبني سياسات بهدف تحقيق رزمة من الإصلاحات المالية، منها: فاتورة الرواتب والنظام الصحي (فاتورة العلاج في الخارج) وصافي الإقراض، إضافة إلى خطة الإصلاح التي تم تسليمها للدول المانحة خلال مؤتمر المانحين للسلطة الوطنية الفلسطينية في بروكسل في أيار/ مايو الماضي، والتي تضمنت العمل على إصلاحات مالية، إضافة إلى إصلاحات إدارية، واقتصادية، واجتماعية، وإصلاحات الأمن والنظام العام، وجميعها غير منشورة للمواطن، دافع الضرائب الأول.
وأشارت فراج إلى مصادقة الرئيس على قرار بقانون بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2022 في آخر يوم منحه القانون كحالة استثنائية لإقرار الموازنة العامة، أي بعد مضي 3 أشهر عن العام الجديد، حيث تم نشرها بشكل مختصر ودون أي توضيحات للإنفاق على مراكز المسؤولية، كما لم يتم أيضا نشر موازنة المواطن للعام 2022، بما شكل خرقا للقواعد النظامية والدستورية، إضافة أنه لم تقم وزارة المالية بإصدار تقرير مالي مفصل عن الشهور الستة الأولى من العام.
كما لم يتضمن مشروع الموازنة ما يتعلق بالحساب الختامي للفترة السابقة، إذ اكتفت وزارة المالية بنشر الحساب الختامي المدقق على موقعها فقط باللغة الإنجليزية عن الأعوام 2018-2019.