“الموساد” خطّطّ لاغتيال عرفات رميًا بالرصاص
يعرِض التلفزيون العبريّ الرسميّ (كان) سلسلة من الأفلام الوثائقيّة الاستقصائيّة تحت اسم (الأعداء) يستعرِض فيها من وجهة النظر الصهيونيّة سيرة حياة عددٍ من الزعماء العرب.
وبحسب التلفزيون العبريّ فإنّ سلسلة “الأعداء” تتناول سيرة الزعماء: جمال عبد الناصر، أنور السادات، الذي وقّع اتفاقية (كامب ديفيد) مع اسرائيل، صدّام حسين، الإمام الخميني، وحافظ الأسد وياسر عرفات.
وتتناول مجموعة الأفلام الإسرائيليّ سيرة حياة الزعماء المذكورين، ليقتلهم مرّةً أخرى في قبورهم، بهدف إقناع المُشاهدين بأنّ الحديث يجري عن قادةٍ عادوا شعوبهم، وبالتالي فإنّ العداء لــ”إسرائيل”، هو تحصيل حاصل، والأخطر من ذلك أنّ الفيلم لا يُورِد، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، ردّ فعل الزعماء الذين أتى على ذكرهم في الفيلم، ليتحوّل بذلك لفيلمٍ دعائيٍّ هدفه إظهار وحشية العرب والمُسلمين، وذلك ضمن الحرب النفسيّة المسعورة التي تخوضها ماكينة الدعاية الصهيونيّة ضدّ الناطقين بالضاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ رجال الموساد والمُستشرقين الذين أدلوا بشهاداتهم عن الزعماء الراحلين “كشفوا” عن جوانب خفيّةٍ في سيرة الزعماء العرب، لا يُمكِن بأيّ حالٍ من الأحوال التأكّد من صحتها، مثل الزعم بأنّ والدة الرئيس العراقيّ الراحِل صدّام حسين، كانت تقول وهي حامل إنّها تحمِل في أحشائها (الشيطان)، أيْ أنّ الرسالة واضِحة: عندما تتكلّم الأم عن جنينها، صدّام، بهذه الصورة، فإنّه لا حاجة لشهادات أخرى، لإثبات وحشية الرجل، طبعًا من وجهة النظر الإسرائيليّة.
وليلة أمس الثلاثاء عرض التلفزيون حلقةً جديدةً من سلسلة (الأعداء) تناولت حياة الزعيم الراحِل ياسر عرفات، حيثُ كشف الجنرال المُتقاعِد عوزي دايّان، الذي شغِل منصب نائب قائد هيئة الأركان العامّة بجيش الاحتلال الإسرائيليّ، كشف أنّ مخابرات الكيان أقامت منذ منتصف الستينات من القرن الماضي وحدةً خاصّةً لجمع المعلومات عن عرفات، لافتًا إلى أنّ جميع أجهزة المخابرات قامت بتحويل المعلومات عن الزعيم الفلسطينيّ إلى الوحدة الخاصّة، التي درستها وقامت بتحويلها إلى المُستوى السياسيّ.
رافي سيطون، المسؤول الأسبق عن تفعيل وتشغيل العملاء في جهاز (الموساد)، زعم أنّه في أواخر الستينيات أمر رئيس الوزراء آنذاك، ليفي إشكول، بإعداد خطّةٍ لاغتيال عرفات، الذي كان يتخّذ من العاصمة الأردنيّة، عمّان مقرًا له، وأوكلت المهمة إليه،أيْ بـ(سيطون).
وفعلاً، وفق رواية سيطون، بدأ الموساد بجمع المعلومات عن عرفات، وتمكّن من تجنيد عميلٍ، رفض حتى ذكر لقبه الحركيّ، والذي قام باستئجار شقةٍ سكنيّةٍ بالعاصمة الأردنيّة عمّان، مُقابِل المقّر الذي كان يُقيم فيه عرفات، وبعد مراقبة تحركّات الزعيم الفلسطينيّ، أضاف سيطون، أنّ بإمكانه إطلاق النار من شقته على عرفات وقتله على الفور.
سيطون زعم أيضًا في حديثه للتلفزيون العبريّ أنّه بعد أنْ باتت الخطّة جاهزةً، توجّه رئيس (الموساد) إلى رئيس الوزراء إشكول وطلب منه الموافقة على عملية اغتيال عرفات، إلّا أنّ إشكول، بحسب المسؤول الأسبق عن العملاء، تراجع في اللحظة الأخيرة، وأوضح لرئيس الموساد، أنّه يرفض المصادقة على العملية، خشيةً من أنْ يقوم الفلسطينيون كردّ فعلٍ بقنص وزراء إسرائيليين ونوابٍ في الكنيست الصهيونيّ، وهكذا وُضِعَت الخطّة على الدرج، كما قال.
18 عامًا وما زال الجرح ينزِف: مَنْ قتل عرفات؟ مَنْ سممه؟
جديرٌ بالذكر أنّه في الحادي عشر من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) 2004 استُشهد القائد الفلسطينيّ، ياسر عرفات، وحتى اليوم ما زالت ظروف وفاته غيرُ معروفةٍ. 18 عامًا وما زال الجرح ينزف: مَنْ سممه؟ مَنْ قتله؟ سؤال ما زال مفتوحًا، وبحسب كلّ المؤشّرات سيبقى من دون إجابة.
الصحافيّ الاستقصائيّ الإسرائيليّ، رونين بيرغمان، من صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أصدر كتابًا جديدًا “بَكّرْ بقتله قبل أن يقتلك” تطرّق فيه للأمر الذي ألغي فيه باللحظة الأخيرة أمر اغتيال عرفات؟ يقول المؤلّف: “إنّه بعد مرور شهر على انتهاء حرب لبنان الأولى 1982، كانت الخطة الإسرائيليّة تقضي باغتيال عرفات، لافتًا إلى أنّ كل شيء كان حاضرًا في ذلك الحين، لكنه أُوقف في اللحظة الأخيرة”.
كتابٌ إسرائيليٌّ: عرفات شكّل الهدف الرئيسيّ للاغتيال منذ الستينيات وحتى استشهاده
الكتاب يروي تاريخ أهداف الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل، وكانت صحيفة (نيويورك تايمز)، التي يعمل فيها الكاتب الإسرائيليّ، قد نشرت مقطعًا منه، يروي كيف تأجلّت في اللحظة الأخيرة خطة لاغتيال عرفات الذي شكلّ الهدف الرئيسيّ لإسرائيل.
يروي بيرغمان، وهو الابن المُدلّل لدى المؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال الإسرائيليّ كيف وصلت، ظهر 22 تشرين الأول (أكتوبر)، معلومات إلى مكاتب الموساد من مصدرين من داخل منظمة التحرير بأنّ عرفات سيسافر جوًا يوم غد من أثينا في طائرةٍ خاصّةٍ إلى القاهرة، وذهب عميلان من الموساد من شعبة قيساريا إلى مطار أثينا كي يشاهدا بأعينهما عرفات وهو يصعد إلى الطائرة.
ووفقًا للكتاب، في تلك الفترة، مارس وزير الأمن أريئيل شارون ضغطًا كبيرًا على رئيس الأركان في تلك الفترة رفائيل إيتان، والمعروف لقبه “جزّار صبرا وشاتيلا”، من أجل تنفيذ العملية، وكانت طائرتان من طراز F16 مستعدتين للانطلاق من القاعدة الجوية في تل نوف، والشخص المسؤول في النهاية عن وقف العملية كان قائد سلاح الجو آنذاك الجنرال دافيد عيفري، الذي قال لواحد من الطياريْن الاثنيْن: “لا تُطلق النار دون موافقتي، حتى لو تعطلّ الاتصال ولم تسمع أمري، يجب عليك ألاّ تطلق النار أبدًا”.
يُشار إلى أنّ المؤلّف كان أجرى مقابلةً مع عيفري في أثناء إعداده للكتاب، الذي قال: “لم أفهم القصة كلها. لم أفهم لماذا خطّط عرفات للذهاب إلى القاهرة. لقد قالت الاستخبارات يومها إنّ ليس لديه ما يفعله هناك، لذا كان من الضروري التأكّد من أنّه هو فعلاً على متن الطائرة، وطلبت من الموساد التأكّد من أنّ المقصود هو الإرهابيّ”.
واستمرّت محاولات “إسرائيل” التخلّص من عرفات حتى استُشهِد في العام 2004، وما زال القتِل “مجهولاً”.