الشيخ كمال خطيب يواصل شهادته على أحداث في تاريخ شعبنا وأمتنا
- رابطة العالم الإسلامي في السعودية لعبت دورا مباركا في الماضي وتحوّلت اليوم إلى عنوان للتطبيع وتنفيذ اجندات محمد بن سلمان والنظام السعودي
- الحركة الإسلامية نظّمت مهرجان “القدس أولا” ردا على أوسلو ومشروع “غزة أريحا أولا”
طه اغبارية، عبد الإله معلواني
واصل الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، ونائب رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، استدعاء محطات تاريخية في حياته وحياة شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، متطرقا إلى مواقف الحركة الإسلامية من الأحداث السياسية المختلفة التي شهدتها المنطقة، وذلك ضمن حلقة أخرى من سلسة “هذه شهادتي”، مع الإعلامي عبد الإله معلواني، عبر شاشة “موطني 48”.
النظام السعودي والتحولات
توقف الشيخ كمال خطيب عند مسألة السماح لحجاج الداخل بزيارة الديار الحجازية لأداء فريضة الحج والعمرة، والتي بدأت عام 1978، وكان قد استعرضها في كتابه “نبش الذاكرة – سيرة داعية ومسيرة دعوة”. وقال “منذ النكبة حدث شبه انقطاع بين أبناء الداخل من بقوا في أرض الوطن وبين عمقهم الفلسطيني والعربي والإسلامي، وبرز هذا بعدم استطاعتهم الحج. فكانت مبادرة أردنية من خلال المرحوم الملك حسين عام 1978″، مشيرا إلى أنّ “ظروف السفر إلى الحج لم تكن سهلة في السنوات الأولى بسبب ظروف الحياة في السعودية”.
ثمّ تحدث عن رحلته الأولى وزوجته إلى الحج عام 1993، ورحلاته الأخرى في الأعوام 99 و2000 و2002، ومشاركاته مع الشيخ رائد صلاح وغيرهما في مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي في السعودية، وتطرق إلى الظروف المريحة التي كانت سائدة في تلك الفترة في السعودية، وكيف سمح للمشاركين في تلك المؤتمرات، بإلقاء المحاضرات وعقد ندوات حتى في خيام الحجاج السعوديين، وكيف سلّطت اللقاءات الضوء على المخاطر التي يتعرض لها المسجد الأقصى لا سيّما بعدما طرحت في المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي مسائل هددت المسجد الأقصى المبارك عبر طروحات تقاسمه بين المسلمين واليهود.
وأضاف “كانت هذه اللقاءات مباركة، وكان دور رابطة العالم الإسلامي محمودا، التقينا العديد من الشخصيات السعودية والعربية. لكن اليوم- للأسف- تحولت رابطة العالم الإسلامي إلى عنوان للتطبيع وتنفيذ سياسات محمد بن سلمان. اليوم تلعب الرابطة دورا يتناقض مع مصالح الأمة”.
ورأى الشيخ كال خطيب أن النظام السعودي، كان في السنوات الماضية، يحرص على التعاطي مع قضايا الأمة، لكن سرعان ما بدأت تظهر تأثيرات أمريكا والغرب على رأس النظام. وأضاف “دعم وتمويل النظام السعودي للانقلابي السيسي من أجل تحييد الشهيد محمد مرسي، ثمّ موقف محمد بن سلمان من التطبيع كلها سياسات ضد مصالح الأمة، لكن يبقى الشعب في بلاد الحرمين أصيلا كريما محبا لدينه”.
ولفت إلى أن سياسات النظام السعودي المحابية لإسرائيل بدأت منذ سنوات، أيام زيارات الجنرال أنور عشقي للبلاد.
وتابع “الشعب في بلاد الحجاز لا يمكن أن يتلهى عن نصرة قضايا الأمة، والمسألة قضية وقت حتى يدرك النظام أن محمد بن سلمان يسير باتجاه معاكس للشعب الخيّر في بلاد الحرمين”.
وأكمل حديثه عن لقاءات شارك فيها خلال رحلاته إلى الحج، من بينها لقاءات مع مفكرين ودعاة من السعودية والعالم العربي، مثل لقاء الشيخ محمد قطب، شقيق الشهيد سيد قطب، ولقاء الشيخ سفر الحوالي ولقاء أحد الأمراء هو الأمير خالد بن طلال ووصفه بالملتزم المحب لفلسطين.
الخير فيما يقدر الله
في سياق آخر، تطرق الشيخ كمال خطيب إلى حادثة أثّرت في نفسه حين تعرض ابنه عاصم لحادث دهس وهو ابن 3 سنوات، وقال “لا شك أمام هذا المشهد يتغير كل شيء في حياتك للإيجاب، خاصة انك رهنت نفسك لله فكان هذا الحادث بمثابة اختبار وكان دافعا للمزيد من العطاء خدمة لدين الله”.
ونصح في أن “يكون المسلم على قناعة أن في كل ما يقدره الله خير، حتى لو كان ظاهره غير ذلك، فالإيمان يهون على المسلم. حتى في القضايا الكبرى علينا أن نؤمن بالخير رغم ظاهرها السيء، فلولا الانقلاب في مصر عام 2013، ما كنا سنعلم طبيعة النظام السعودي ولا طبيعة الدولة العميقة في مصر”.
المستجدات في تونس
تطرق الشيخ كمال خطيب إلى المستجدات في تونس وإجراءات قيس سعيد الانقلابية، وقال “ما يحدث هناك من إجراءات قام بها المهرج سعيّد يتم بتمويل جهات إماراتية وسعودية تسعى إلى وأد منجزات ثورة تونس”.
وأضاف “حين اتيحت الفرصة للشعب التونسي فاز الإسلاميون في الانتخابات، رغم حظر حركة النهضة على مدار عشرات السنين ورغم تغلغل الأحزاب العلمانية في هذا البلد. أنا على يقين أن الشعب التونسي سيتجاوز هذه المرحلة والمهرج قيس سعيد سيكون مصيره كمصير كل طاغية”.
القدس أولا والأقصى في خطر
كذلك تناول خطيب في حديثه المرحلة التي وقّعت فيها منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو عام 93، وما سمي حينها بـ “غزة اريحا أولا”، وقال “كانت تلك مرحلة كارثية، كان يفترض انه بعد 5 سنوات من أوسلو، تقام دولة فلسطينية، ونحن الآن في عام 2022، لم تقم دولة طبعا والاستيطان ابتلع الأرض الفلسطينية”.
وقال إن الحركة الإسلامية وبعد أن جرى تأخير المفاوضات حول قضية القدس وردا على مشروع “غزة اريحا أولا”، نظمت مهرجانا عام 1994 تحت شعار “القدس أولا”، متابعا “أردنا أن نقول إن الحق الأول للقدس وكان ما قلناه صوابا، فبعد عامين من “غزة اريحا أولا” عام 95 كشف الشيخ رائد صلاح عن أول نفق تحت المسجد الأقصى المبارك، يومها جرى تكذيبنا حتى جاء نتنياهو عام 96 وافتتح ما يسمى “نفق الحشمونييم”، والذي اندلعت على اثره هبة شعبية ارتقى خلالها 106 شهداء من أبناء شعبنا، ثم بعدها في العام 96 أعلنا عن المهرجان الأول تحت شعار “الأقصى في خطر””.
وزاد أن مهرجان “الأقصى في خطر” ساهم في رفع منسوب الوعي عند شعبنا والأمة تجاه المخاطر التي تتهدد القدس والاقصى، مشيرا إلى أن “المهرجان تحول إلى حدث عالمي، ومعه واكبنا أعمال واسعة في المسجد الأقصى مثل ترميم الأقصى القديم والمصلى المرواني، إلى أن اندلعت الانتفاضة الثانية ومنعنا من مواصلة الترميمات، بل اتهمنا- زورا- بالمسؤولية عن اندلاع الانتفاضة”.
وقال إن الحركة الإسلامية بعد الانقسام، قادت العديد من المبادرات المنتصرة للقدس والاقصى والمحذرة من المخططات الإسرائيلية، ومن بين هذه المبادرات كان مشروع البيارق ومهرجان “طفل الأقصى”، إلى جانب مؤسسات أخرى اقامتها الحركة لدعم صمود المقدسيين.
واعتبر الشيخ كمال خطيب أن قرار حظر الحركة الإسلامية يوم 17/11/2015، كان مرتبطا بالأساس بدور الحركة الإسلامية في القدس والاقصى، مشيرا إلى أن قرار الحظر اتخذ فيما سميت “قمة اليخت” وفق ما كشفت صحيفة “هآرتس” وكان ذلك بتاريخ 25/10/2015، حين اجتمعت شخصيات إسرائيلية وسعودية وأردنية ومصرية وقررت انه لا بد من حظر الحركة الإسلامية وهذا ما كان بعد أسابيع من تلك القمة المشؤومة.
وتطرق إلى الاقتحامات الأخيرة التي تعرض لها المسجد الأقصى والعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، قائلا “علينا أن لا ننسى أن من صرّح بأنه سيسمح لثلاثة آلاف مستوطن باقتحام الأقصى هو رئيس “حكومة التغيير” لبيد شريك منصور عباس وحزب القائمة العربية الموحدة، كما علينا أن لا ننسى أن الحرب التي يديرها غانتس قد أوصى عليه أيمن عوده هو ومن معه من الأحزاب العربية عام 2019، نسأل الله تعالى أن يعرف شعبنا كيف يتعاطى في الانتخابات القادمة مع هذه الطروحات البائسة”.