تقرير| “لم الشمل”.. مبادرة لمصالحة الداخل ومواجهة تحديات الجزائر
– بدأ الحديث عن مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون في مايو/ أيار الماضي، دون الكشف عن مضمونها.
– برلماني سابق: لم الشمل أصبح حتمية سياسية واجتماعية في الجزائر بالنظر إلى التحديات التي أصبحت تحيط بالبلاد.
– رئيس حزب سياسي: فرص نجاح أي مبادرة سياسية تكمن في تهيئة الظروف والأجواء وإرادة من كل الأطراف.
اتفق سياسيان جزائريان صرحا لوكالة الأناضول، أن مبادرة “لم الشمل” التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون رغم عدم الكشف عن مضمونها الكامل، هدفها معالجة تبعات أزمات شهدتها البلاد سابقا وتعزيز الصف الداخلي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ومنذ مايو/ أيار الماضي، بدأ الحديث في الساحة السياسية الجزائرية عن مبادرة جديدة للرئيس تبون اسمها “لم الشمل”، عبر مقال نشرته وكالة الأنباء الرسمية، قالت فيه إنه “يمد يده للجميع بصفته رئيسا جامعا”.
وساد ترقب لمضمون المبادرة بالتزامن مع شروع تبون في استقبال قادة أحزاب وشخصيات سياسية ومجتمعية دون الكشف عن مضمون المبادرة.
الوحدة الوطنية
في 21 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت الحكومة الجزائرية في بيان، أن وزير العدل عبد الرشيد طبي، وبتوجيهات من الرئيس تبون، “قدم مشروعا تمهيديا لقانون يتضمن تدابير خاصة للمّ الشمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، آخذا بعين الاعتبار التجربة الوطنية خلال مختلف مراحل المصالحة الوطنية التي عرفتها بلادنا”.
ولم تكشف الحكومة عن تفاصيل المشروع الذي سيعرض لاحقا أمام البرلمان للتصويت عليه قبل دخوله حيز التنفيذ، وهي خطوة متوقعة في سبتمبر/أيلول المقبل، مع افتتاح الدورة البرلمانية السنوية الجديدة.
وتعليقا على هذه التطورات، قال الرئيس تبون في 31 يوليو، في مقابلة نقلها التلفزيون الرسمي، أن المبادرة “بدأت منذ سنة تقريبا (..) وستعني الجزائريين الذين تم تغليطهم والذين فهموا أخيرا بأن مستقبلهم مع بلادهم وليس مع السفارات الأجنبية”.
وأوضح أنها ستشمل أيضا أولئك الذين “ابتعدوا عن الركب نتيجة تعرضهم لسوء المعاملة”.
كما كشف أنها “ستكون امتدادا لقوانين الرحمة (1995) والوئام المدني (1999) والمصالحة الوطنية (2005) التي تم إقرارها سابقا لمعالجة المأساة الوطنية (أزمة التسعينيات)، غير أنها كانت محدودة في الوقت وآجال الاستفادة منها كانت ضيقة”.
ومطلع تسعينيات القرن الماضي اندلعت أزمتان أمنية وسياسية في الجزائر، إثر إلغاء قيادة الجيش نتائج انتخابات برلمانية فاز فيها الإسلاميون، ودامت الأزمة سنوات مخلفةً نحو 200 ألف قتيل، حسب أرقام رسمية.
ولاحقا أصدرت السلطات الجزائرية، ثلاث مبادرات لإنهاء تلك الأزمة، هي قوانين الرحمة (1995) والوئام المدني (1999) والمصالحة الوطنية (2005)، كانت وراء ترك آلاف الأشخاص للعمل المسلح.
المصالحة
وقال البرلماني السابق عز الدين جرافة، إن “موضوع لم الشمل هو شعار مطروح على الساحة السياسية وهناك تفاعلات عديدة معه ولحد الآن لا توجد وثيقة تتحدث عن المضمون”.
وأضاف السياسي ذو التوجه الإسلامي: “لم الشمل أصبح حتمية سياسية واجتماعية في الجزائر بالنظر إلى التحديات التي أصبحت تحيط بالبلاد، يعني سواء منها الداخلية أو الخارجية”.
واستطرد: “فالهدف الأسمى من لم الشمل أو المصالحة الوطنية وهي المعنى الأدق للمشروع هو ترميم الجبهة الداخلية”.
وأردف: “أعتقد أنه لا يمكن أن يثق المجتمع في شعار اسمه المصالحة دون إطلاق سراح كل السجناء السياسيين وسجناء الرأي وفي مقدمتهم سجناء التسعينيات كما يسمون”، في إشارة إلى الأشخاص المسجونين مطلع التسعينيات مع بداية الأزمة الأمنية.
واعتبر أن هدف المبادرة هو “تمتين الجبهة الداخلية من أجل فسح المجال لتفجير كافة الطاقات لهدف واحد هو تحقيق نهضة حقيقية على كافة المستويات”.
السر في التنازلات
من جهته، أفاد جيلالي سفيان، رئيس حزب “جيل جديد” (علماني)، بأن “فرص نجاح أي مبادرة سياسية تكمن في تهيئة الظروف والأجواء وإرادة من كل الأطراف”.
وقال : “أظن وصلنا الآن إلى مرحلة أن كل الأطراف وهي السلطة من جهة والمعارضة بصفة عامة والمجتمع المدني من جهة أخرى لديهم رغبة بأن نخرج بالجزائر إلى بر الأمان”
وتابع: “يبقى على كل طرف أن يقوم بتنازلات وجهد لتجاوز بعض العراقيل ونحن في حزب جيل جديد المعارض نسعى إلى تفاهم شامل لكي نكرس دولة القانون والديمقراطية في الممارسات السياسية”.
وأوضح سفيان الذي التقى الرئيس تبون في إطار هذه المبادرة، أن “لم الشمل هو محاولة لإعادة التوافق داخل المجتمع والكل يعرف أن الجزائر مرت بمراحل كان بعضها صعبا جدا مثل التسعينيات حتى وصلنا إلى شبه حرب أهلية خلفت آثارا كبيرة حتى أن بعض المواطنين الذين كانوا متورطين في الأحداث بقوا على الهامش في المجتمع”.
وأضاف: “في 2019 كان هناك حراك شعبي قوي كان من نتائجه إسقاط نظام بوتفليقة ودخول مرحلة جديدة ولكن نفس الشيء هناك مخلفات منها وجود سجناء البعض يقول عنهم أنهم سجناء رأي والبعض الأخر مثل السلطة تقول أنهم قاموا بأعمال مخلة بالنظام العام”.
وختم بالقول: “حان الوقت لمعالجة هذه المخلفات بالحوار من أجل أن تخرج الجزائر من حالة التشنج والصدام إلى الحوار والذهاب نحو بناء دولة ومنظومة اقتصادية وتطوير البلاد وطي صفحات الماضي”.