تقرير| الصومال.. تحذيرات رسمية وأممية من الانزلاق نحو المجاعة
ـ مبعوث الرئيس الصومالي لشؤون الجفاف: نواجه أزمة صعبة وسط غياب الدور العربي في جهود الاستجابة الإنسانية للحيلولة دون تحول الأزمة إلى مجاعة
ـ مدير برنامج الغذاء العالمي في الصومال: البلاد تستورد 80 بالمئة من حاجاتها الغذائية وهو ما جعلها أول المتأثرين بالحرب الروسية الأوكرانية
ازدادت التحذيرات الرسمية والأممية من تدهور الأوضاع الإنسانية في الصومال والوصول إلى “المجاعة” نتيجة غياب الاستجابة الفعلية للمساعدات إلى جانب مخاوف من فشل موسم الأمطار المقبل ما يجعل البلاد والمنطقة برمتها عرضة لأسوأ مواسم الجفاف منذ 70 عاما.
وقبل أيام، قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، معلقا على الحالة الإنسانية في البلاد خلال كلمة بمقديشو، إن الوضع “بات ينزلق إلى الأسوأ وقد يصل إلى الحالة التي كنا نحذر منها وهي المجاعة حيث يتم تسجيل حالات الوفيات في بعض المناطق”.
والأسبوع الماضي، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من أن الصومال “يقترب من مجاعة حقيقية نتيجة قلة وقحط الأمطار، وهو ما قد يعرض الملايين للخطر”.
غياب الدور العربي
وبحسب مكتب المبعوث الخاص للرئيس الصومالي لشؤون الجفاف عبد الرحمن عبد الشكور، فإن بلاده “تواجه أزمة إنسانية صعبة وسط غياب الدور العربي في جهود الاستجابة الإنسانية للحيلولة دون تحول الأزمة إلى مجاعة”.
وقال عبد الشكور، إن “الوضع الإنساني يبدو متأزما بسبب غياب الاستجابة الفعلية للمساعدات نتيجة انشغال العالم بأزمة أوكرانيا إلى جانب المعوقات الاقتصادية التي تواجهها دول العالم”.
وأضاف أن “حضور الدعم العربي في جهود المساعدات الإنسانية للصومال لا يزال شبه غائب، لأن الجهود تتطلب على مستوى الدول لا الهيئات”.
ولفت إلى أن “الغياب العربي في مؤتمر المانحين في جنيف في أبريل (نيسان) الماضي أثر سلبا على تراجع الاستجابة الفعلية للمساعدات الإنسانية للصومال”، محذرا في الوقت نفسه من “أزمة مجاعة في حال استمرار الوضع على هذا المنوال”.
وأشار إلى أن “الهيئات الإنسانية غير قادرة على احتواء الأزمة”، مضيفا أن الأمر “يتطلب تدخلا على مستوى الدول”.
وناشد عبد الشكور، “الدول العربية توجيه إمكاناتها لدعم الصومال وإنقاذ ملايين من الشعب الصومالي الذين يواجهون خطر الموت”.
والأحد الماضي، أكد البرلمان العربي، أن “الأزمة الإنسانية التي يمر بها الصومال تتطلب تحركا فوريا لدعمه من المجتمع الدولي والمؤسسات المانحة”.
وبخصوص الدور العربي، قال مدير برنامج الغذاء العالمي في الصومال الخضر دلوم، للأناضول، إن “حجم المساعدات التي قدمتها الدول العربية حتى الآن لا يرقى إلى مستوى الكارثة”، داعيا إلى “رفع آلية المساعدات للصومال”.
ازدياد خطر المجاعة
وأشار دلوم، إلى أن وكالات الأمم المتحدة “أعلنت في مايو/ أيار الماضي وجود خطر حدوث مجاعة في الصومال نظرا لتفاقم أزمة الجفاف وارتفاع الأسعار الغذائية بشكل قياسي بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية”.
وأضاف أن “حدوث خطر المجاعة ازدادت مستوياته في يوليو/ تموز الماضي نتيجة عوامل عدة، مثلا أن الصومال يستورد 80 بالمئة من حاجاته الغذائية وهو ما جعله أول المتأثرين بالحرب الروسية الأوكرانية إلى جانب قلة حجم المساعدات التي تقدم له حتى الآن”.
وأردف أن “7 ملايين صومالي يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينهم 3 ملايين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها، فيما يواجه 1.5 مليون طفل حالة سوء التغذية الحاد، إلى جانب 248 ألفا من النساء الحوامل والرضع يعانون أيضا سوء التغذية”، لافتا إلى أن “كل هذه المؤشرات تعزز احتمال حدوث أزمة المجاعة”.
وأكد أنه “يمكن إعلان المجاعة في بلدنا حال توفرت ثلاثة شروط وهي ازدياد سوء التغذية، وارتفاع عدد الوفيات وخاصة للأطفال، إلى جانب انعدام الأمن الغذائي”.
وتابع دلوم أن “كل هذه العوامل موجودة في الصومال لكن حسب تقديراتنا لم تصل بعد إلى مرحلة المجاعة رغم تزايد الخطر يوما بعد الآخر”.
التغير المناخي
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن الصومال “على الخطوط الأمامية مع تغير المناخ في ظل تزايد عدم القدرة على التنبؤ بأنماط الطقس عاما بعد عام”، مشيرة إلى أن “أزمة المناخ تتفوق على بعض الجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح”.
وقال عبد الشكور، إن الصومال “فقد خلال السنوات العشر الماضية نحو 10 ملايين شجرة بسبب القطع الجائر في بعض الأقاليم، وهو ما يهدد البيئة ويتسبب في التصحر وانعدام الأمطار”.
وتشير أحدث التوقعات الصادرة عن مركز التنبؤات المناخية التابع للهيئة الحكومية الإفريقية للتنمية “إيغاد”، إلى أن “فشل موسم الأمطار للعام الخامس على التوالي في جميع أنحاء المنطقة بما فيها الصومال ينذر بتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل مخيف”.
من جهته، قال آدم عبد المولى نائب الممثل الخاص للأمين العام، منسق الشؤون الإنسانية في الصومال، خلال وقت سابق، إن “بعض المناطق في البلاد شهدت أمطارا معتدلة ومتفرقة في الآونة الأخيرة، لكنها لم تكن كافية للتخفيف من ظروف الجفاف القاسية ما يعني احتجاب الأمطار للموسم الخامس”.
ويعد الصومال أحد أكثر الدول معاناة من المجاعة في العالم، بسبب وجوده في مجال مناخي جاف يتميز بتناقص حاد في معدل الأمطار السنوية لسنوات متتالية، ما يؤثر على الأنهار والآبار فيجعلها تجف، إضافة إلى نفوق الماشية التي تعتمد عليها نسبة مهمة من السكان.
وعانى الصومال لنحو قرن كامل من مجاعات قاسية قتلت وشردت ملايين الأشخاص، من أشهرها مجاعات 1964 و1992 و2011.