تقرير| لبنان.. تجميد تشكيل الحكومة هل يرتبط بمصير الرئاسة؟
– لم يتم تشكيل الحكومة المكلف بها نجيب ميقاتي منذ 23 يونيو الماضي.. وولاية ميشال عون الرئاسية تقترب من الانتهاء أواخر أكتوبر المقبل وسط مخاوف من فراغ رئاسي.
– الصحفي منير الربيع: عون يرفض تحديد موعد للقاء ميقاتي ما لم يُدخل تعديلات على تشكيلته الحكومية.. و”حزب الله” يتحضر للانخراط أكثر في بنية الدولة.
– الصحفي الان سركيس: إذا دخلنا في فراغ رئاسي فستتسلم حكومة تصريف الأعمال مهام رئيس الجمهورية وندخل في شبه فوضى.. و”حزب الله” له مصلحة في ذلك.
– المحللة الاقتصادية محاسن مرسل: تأثيرات سلبية كثيرة لتأخر تشكيل الحكومة.. والفراغ الرئاسي سيعمق الأزمة الاقتصادية ولن يكون هناك أفق لأي خطة إنقاذية.
وسط جمود على مستوى تشكيل الحكومة وزيادة الطوابير أمام المخابز وانقطاع التيار الكهربائي، طفت إلى سطح الأزمات في لبنان الانتخابات الرئاسية مع قرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وكلف عون، في 23 يونيو/ حزيران الماضي، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة بناء على استشارات نيابية نال فيها الأخير 54 صوتا مقابل 25 لصالح نواف سلام، السفير السابق لدى الأمم المتحدة، فيما امتنع 46 نائبا عن تسمية أحد.
وبعد فراغ دام 13 شهرا، يترأس ميقاتي الحكومة الحالية منذ سبتمبر/أيلول 2021، وتحولت إلى حكومة تصريف أعمال في مايو/أيار الماضي عقب الانتخابات البرلمانية.
وتفيد مصادر مطلعة بأن القطيعة الحالية بين الرئيسين المعنيين بتشكيل الحكومة، عون وميقاتي، تجعل ظروف التشكيل أصعب.
وينتظر الجميع، على المستويين الرسمي والشعبي، هوية رئيس الجمهورية الجديد مع قرب انتهاء ولاية عون، حيث تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل.
وبحسب الدستور، يمكن المباشرة بعملية انتخاب رئيس جديد مع بداية سبتمبر/ أيلول القادم، تلافيا للوصول إلى فراغ رئاسي يحذر منه المجتمعان المحلي والدولي، في ظل استمرار الأزمة المعيشية والانهيار الاقتصادي منذ أكثر من عامين، إضافةً إلى عدم تشكيل الحكومة حتى الآن.
ويجمع محللون صحفيون، في أحاديث مع مراسل الأناضول، على أن تشكيل الحكومة وسط تراكم الأزمات سيزيد الوضع سوءا على المستويات كافة وسيزيد من انهيار البلد ويعمق الأزمة ما قد يؤدي الى انفجار اجتماعي.
** تأخر التشكيل
لا تزال مشاورات تأليف الحكومة تراوح مكانها في ظل الخلاف المستمر حول توزيع الوزارات، لا سيما وزارة الطاقة، فيما لا يبدو أن هناك أي بوادر للحل في الأيام المقبلة، وفق ما تقول مصادر وزارية مطلعة للأناضول.
ولفتت المصادر، إلى أن المشكلة لا تزال عند مطالبة الرئيس عون بإبقاء وزارة الطاقة من حصته وحصة التيار الوطني الحر أو استبدال وزارة الداخلية بها، وهو ما يرفضه ميقاتي الذي منح الطاقة لشخصية سنية في التشكيلة التي قدّمها لعون والمؤلفة من 24 وزيراً، وأبقى وزارة الداخلية مع الطائفة السنية.
وقال الصحفي في جريدة “المدن” منير الربيع للأناضول إن “تأخر تشكيل الحكومة حتى اليوم يعود إلى الشروط التي يضعها الرئيس عون لأسباب سياسية، إذ يعتبر أنه شريك في عملية تشكيل الحكومة ولم يوافق على المقترح (تشكيلة الحكومة) الذي قدمه ميقاتي”.
وتابع: “عون يرفض حتى الآن تحديد موعد (اجتماع) لميقاتي ما لم يلتزم الأخير بإدخال تعديلات على التشكيلة، وهذا يظهر عدم رغبة جدية لدى عون لتأليف حكومة جديدة”.
متفقا مع الربيع، قال الصحفي قاسم قصير، وهو قريب من “قوى 8 آذار” بقيادة “حزب الله”، إن “تشكيل الحكومة يواجه مشاكل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حول توزيع الحقائب، وعدم وجود حكومة ينعكس سلبا على الوضع العام”.
** أهداف عون
ووفق الربيع، فإن “استحقاق انتخاب رئيس للجهورية في ظل الضياع القائم والأزمة السياسية المستمرة والصراع بين أطراف السياسية يؤشر إلى أن الرئيس عون يتحضر لمشكلة دستورية، وهي أنه لا يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تتسلم صلاحيات الرئيس المنتهية ولايته”.
وأضاف: “هناك هدفان يراد تحقيقهما من وراء ذلك إما تبرير عدم خروج الرئيس عون من القصر أو الخروج عند انتهاء ولايته في ظل وجود حكومة تصريف أعمال مما سيشكل ضغطا على القوى السياسية المسيحية من قبل التيار الوطني الحر (حزب عون)”.
وتابع أنه “قد يكون من الأهداف أيضا جراء عدم التشكيل ذهاب البلد إلى حالة من الانهيار المستمر للوصول إلى فرض وقائع سياسية ودستورية جديدة بالجلوس على طاولة والبحث عن إعادة تركيب الصيغة (النظام) اللبنانية بالكامل”.
أما الصحفي قاسم قصير فاعتبر أنه “في حال لم يتم تشكيل حكومة ولم يتم انتخاب رئيس للبلاد سندخل في العصفورية (حالة جنون) كما قال الرئيس ميقاتي”.
فيما حذر سركيس من أن “الوضع في لبنان مهتز ويعيش انهيارات متتالية سياسية واجتماعية واقتصادية وعدم تشكيل الحكومة سيزيد هذه الأمور”.
وأردف أن الحاصل حاليا هو “تجميد الوضع اللبناني على ما هو عليه وعدم الذهاب إلى مواجهات مفتوحة، بل بالعكس الكل مترقب انتخاب رئاسة الجهورية وخاصة أن المهلة الدستورية ستبدأ أول أيلول المقبل”.
واستطرد: “الدستور واضح بالنسبة لحكومة تصريف الأعمال فستبقى في تصريف الأعمال وتستطيع العمل على القضايا الطارئة والملحة إلى حين تشكيل حكومة جديد بعد انتخاب رئيس للبلاد”.
واعتبر سركيس أن “المشكلة الكبرى تبدأ إذا دخلنا في فراغ رئاسي، فحكومة تصريف الأعمال تستطيع وفق الدستور استلام مهام رئيس الجمهورية ويذهب الوضع اللبناني إلى شبه فوضى في حل لم يُنتخب رئيس للبلاد”.
** تحضيرات “حزب الله”
ووفق الربيع، فإن “حزب الله يتحضر لكل الخيارات، ومنها قد مؤتمر خاص بلبنان لترتيب النظام اللبناني أو إدخال تعديلات على الدستور، وهو جاهز لإعداد وثيقة سياسية تتعلق بالخطط الاقتصادية والانخراط أكثر في بنية الدولة وتركيبتها”.
ورأى سركيس أن “حزب الله (حليف إيران والنظام السوري) له مصلحة ليس فقط بفشل تشكيل الحكومة بل بفراغ رئاسي أيضا، لأنه بذلك تنهار مؤسسات الدولة وهو ما بات واضحا أنه كلما قويت دويلة حزب الله ضعفت الدولة اللبنانية”.
واعتبر أن “الحزب يحاول منذ فترة فرط مؤسسات الدولة لكي تتوسع سيطرته ويحل مكان الدولة وقد صادر قرار الدولة ويستطيع فتح حرب مع إسرائيل ويذهب للقتال بسوريا وغيرها من الدول دون إذن أحد”.
وينفي “حزب الله” اتهامات قوى سياسية لبنانية وعواصم إقليمية وغربية له بالسيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية لصالح حليفته طهران.
** تعميق الأزمة الاقتصادية
أما المحللة الاقتصادية محاسن مرسل فحذرت من أن “التأخر بتشكيل الحكومة له الكثير من التأثيرات السلبية، وخاصة سيرورة الأعمال التنفيذية، لا سيما وأن لبنان وقع اتفاقا مبدئيا مع صندق النقد الدولي”.
وأضافت مرسل للأناضول أن “برنامج التعاون مع صندوق النقد (للحصول على حزمة مساعدات مالية) يتطلب حكومة قادرة على متابعة الخطة المالية المطلوبة للخروج من الأزمة”.
وأشارت إلى أن “لبنان لم يقر حتى اليوم موازنة عامة للعام الحالي، فكيف سيتعاطى مع زيادة رواتب القطاع العام وتوحيد سعر صرف الدولار وزيادة مداخيل الدولة وكلها مطالب صندوق النقد (؟!)”.
وتابعت: “الحكومة هي السلطة التنفيذية فكيف لبلد يمكنه أن يدوم وسط هذه الأزمات العالمية من دون حكومة مكتملة الصلاحيات (؟!)”.
وأردفت أن “لبنان سيبقى في الفراغ في السلطة التنفيذية لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد”.
وحذرت من “الدخول في الفراغ الرئاسي لأن الأزمة الاقتصادية ستتعمق أكثر ولن يكون هناك أفق لأي خطة إنقاذية”.