بعد إقرار الدستور الجديد.. قيس سعيد: تونس دخلت مرحلة جديدة وواشنطن تدعوه لاحترام الفصل بين السلطات
قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن بلاده دخلت مرحلة جديدة بعد إقرار دستور جديد، في حين جددت واشنطن التعبير عن مخاوفها من تقويض الرئيس التونسي قيس سعيد للمؤسسات الديمقراطية في البلاد.
وأعلنت هيئة الانتخابات في تونس -مساء أمس الثلاثاء- قبول مشروع الدستور الجديد بعد نيله ثقة المصوتين في الاستفتاء عليه بنسبة 94.60%.
وقالت إن العدد الإجمالي للمشاركين في الاستفتاء بلغ مليونين و756 ألفا و607 ناخبين من أصل 9,3 ملايين يحق لهم التصويت، وقد صوت مليونان و607 آلاف و848 ناخبا بـ”نعم” على الدستور الجديد.
وفي كلمة وسط حشد من أنصاره بشارع الحبيب بورقيبة قبيل ظهور النتائج الأولية مساء الاثنين الماضي، قال الرئيس التونسي إن التوافد كان كبيرا على لجان الاقتراع، وإن تونس دخلت مرحلة جديدة.
وأكد سعيد أن أول قرار بعد الاستفتاء على الدستور سيكون وضع قانون انتخابي يغير شكل الانتخابات القديمة، واعدا بإجراء إصلاحات كبيرة تشمل جميع المجالات.
رفض متصاعد
يأتي ذلك في وقت جددت فيه أحزاب وقوى معارضة رفضها نتيجة الاستفتاء على الدستور، ودعت لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.
واتهمت “جبهة الخلاص الوطني” -وهي تحالف أحزاب معارضة في تونس- هيئة الانتخابات بـ”تزوير” أرقام نسبة المشاركة في الاستفتاء، مدعية أن استفتاء الرئيس قيس سعيد “فشل”.
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي إن “الأرقام التي خرجت من الهيئة المنظمة للانتخابات مضخمة ولا تتفق مع ما تم ملاحظته في الجهات ومن قبل مراقبين، هذه الهيئة لا تتحلى بالنزاهة والحياد، والأرقام مبنية على التزوير”.
وأضاف -في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء- أن “المرجع الوحيد للشرعية في البلاد هو دستور 2014. قيس سعيد لم يبق له أي مكان. خاب انقلابه، يجب أن يفسح المجال لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية حتى يسود الاستقرار”.
وأشار إلى أن الإقبال المنخفض على المشاركة في الاستفتاء -الذي قال الشابي إن “ثلثَي” الناخبين قاطعوه- يثبت “فشل انقلاب قيس سعيد”.
ووفقا للشابي، فإن أي التزام من جانب صندوق النقد الدولي مع السلطة الحالية سيؤدي إلى مزيد من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
يذكر أن تونس طلبت قرضا من صندوق النقد الدولي لمساعدتها في التعامل مع أزمة مالية حادة تفاقمت بعد احتكار الرئيس قيس سعيّد للسلطتين التنفيذية والتشريعية يوليو/تموز 2021.
توحيد المواقف
وإضافة لجبهة الخلاص، تعالت أصوات المعارضة لتوحيد المواقف وتعبئة صفوفها واستثمار ضعف عدد المصوتين في الاستفتاء ونسبة المشاركة التي لم تشهدها البلاد في جميع المحطات الانتخابية التي أعقبت الثورة.
وقال رئيس البرلمان التونسي المنحل راشد الغنوشي إن إجراءات الاستفتاء على مشروع الدستور باطلة.
وخلال مقابلة مع الجزيرة مباشر، أكد أن مشروع الدستور الذي تم الاستفتاء عليه يكرس نظاما فرديا، مشيرا إلى أن الرئيس قيس سعيد أخفق في تعبئة أنصاره وهو ما ظهر من نسبة المشاركة في الاستفتاء.
من جهتها، قالت نائبة رئيس البرلمان المنحل سميرة الشواشي إن الشعب التونسي رفض مشروع الدستور الجديد بمقاطعته الاستفتاء.
وأكدت أن جبهة الخلاص متمسكة بدستور عام 2014. وأضافت، في مؤتمر صحفي، أن التونسيين لن ينخرطوا في ما وصفته بالجريمة المرتكبة في حق بلادهم.
بدوره، قال الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي -للجزيرة في نشرة سابقة- إن الدستور التونسي الذي اقترحه الرئيس سعيد على التونسيين عملة مزيفة وإن العملة الحقيقية هي دستور 2014، وفق قوله.
من جانبه، شكك الأمين العام لحزب العمال التونسي حمة الهمامي في صحة الأرقام التي تقدمها الهيئة المستقلة للانتخابات بشأن الاستفتاء. وقال -في مقابلة مع الجزيرة- إن الاستفتاء على مشروع الدستور أفقد الرئيس قيس سعيد الشرعية. وأضاف أنه أمام رئيس لا يعترف بشرعيته، وأمام دستور استبدادي.
في المقابل، انتقد عميد المحامين التونسيين عضو الهيئة الاستشارية التي صاغت مشروع الدستور التونسي الجديد إبراهيم بودربالة دعوة جبهة الخلاص لسعيّد بالاستقالة، ووصف طلب الاستقالة بالعبثي وغير المقبول. وقال في لقاء إعلامي إن نسبة المشاركة في الاستفتاء كانت منتظرة ومعقولة.
مخاوف أميركية
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن واشنطن على علم بأن الدستور الجديد قلل من المراقبة وقلص الحريات، حسب قوله.
وأشار برايس -خلال مؤتمر صحفي- إلى القلق من احتواء الدستور التونسي الجديد على فصل ضعيف بين السلطات.
من جهته، رأى بيان أصدره رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وبوب منينديز، إضافة إلى أعضاء بارزين في اللجنتين، أن الاستفتاء على دستور تونسي جديد خطوة أخرى مقلقة يقوِّض بها الرئيس قيس سعيد المؤسسات الديمقراطية.
وأشار الموقعون إلى قلقهم بشكل خاص إزاء ما سموه انعدام حد أدنى للإقبال، وعدم كفاية النقاش العام والمشاركة من قبل التونسيين.
وقال البيان إن التقارير عن استخدام موارد الدولة التونسية للحث على التصويت بـ”نعم”، ومنع مراقبي الانتخابات المحلية والصحفيين من دخول مراكز التصويت تبعث على القلق أيضا.
وحث الموقعون على البيان الرئيس سعيد على العمل بشكل بناء مع جميع التونسيين، وإنهاء حالة الطوارئ، واتخاذ خطوات لاستعادة تونس الفصل بين السلطات والمؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون.