ما مصير العملية التركية في سوريا عقب “قمة طهران”؟
جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التلويح ببدء عملية عسكرية في الشمال السوري، تستهدف قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، المدعومة من الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
وارتفعت حدة تصريحات أردوغان عقب قمة طهران الثلاثية التي جمعته مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني إبراهيم رئيسي، حيث طالب الرئيس التركي الولايات المتحدة بالانسحاب من مناطق شرق الفرات، والتوقف عن دعم “الجماعات الإرهابية” في المنطقة، في إشارة إلى الوحدات الكردية.
قمة بدون توافقات
ورجح محللون عسكريون وسياسيون أن تكون تركيا حصلت خلال قمة طهران على ضمانات من حلفاء النظام السوري، روسيا وإيران، لإلغاء العملية العسكرية، لكن الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات، فراس الفحام، استبعد أن تكون تركيا قد تراجعت عن رغبتها في شن عملية عسكرية شمال سوريا.
وقال في تصريح لموقع عربي21، إن تركيا تحاول ترطيب الأجواء السياسية، ومن الواضح أن “قمة طهران” لم تحمل أي توافق أو تفاهم بين الأطراف الثلاثة حول الواقع الميداني في سوريا ولا تزال الخلافات في وجهات النظر مستمرة.
وأشار إلى أن التصعيد بين الدول الثلاث امتد إلى العراق وهناك اتهامات من الفصائل المحسوبة على إيران بأن تركيا تؤجج الوضع في العراق وهذا مؤشر على عدم حصول توافقات في القمة الثلاثية.
وحول دعوة الرئيس التركي لانسحاب الولايات المتحدة من سوريا، رأى الباحث السياسي أن أردوغان أراد استثمار “قمة طهران” من أجل توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة، موضحا أن التصريحات سببها عدم تجاوب واشنطن بشكل مطلق مع المخاوف الأمنية والسياسية التركية، لا سيما أن واشنطن لا تزال تمانع عمليات عسكرية ضد “قسد”.
وأضاف: “يبدو أن الرئيس التركي أردا الإيحاء لواشنطن أن القمة الثلاثية حملت نوعا من التوافقات للعمل ضد النفوذ الأمريكي في سوريا على أمل أن تغير الولايات المتحدة موقفها من تنظيم قسد”.
قمة مساومات
الباحث والمحلل العسكري، حاتم الراوي، ربط توقيت انعقاد “قمة طهران” مع الأحداث العالمية، معتبرا أن القمة جاءت كمحاولة لجلب تركيا إلى جانب المعسكر الشرقي بقيادة روسيا، ضد المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة، أو تحييدها على الأقل.
وأضاف، “بعد تنشيط المعسكر الغربي من قِبل أمريكا، والمعسكر الشرقي من قِبل روسيا وارتماء إيران في الحضن الروسي، اتخذت الصين موقف المراقب بحذر لنشاط المعسكر الشرقي، حتى إذا رأت أنه في حال انضمامها إليه يصل إلى الدرجة الكافية للتكافؤ مع المعسكر الغربي ستعلن انضمامها وإلا فلن تتورّط برهانٍ خاسر”.
وتابع: “لذلك كانت قمة طهران عبارة عن قمة مساومات وتقديم تنازلات لتركيا وخاصّةً في سوريا. وقد انتهت القمة دون الوصول إلى نتائج واضحة”.
خيار عسكري محدود
وترتبط “قمة طهران” بشكل مباشر مع مسار “أستانا” المتعلق بشكل رئيس بالشأن الميداني أكثر من أي شأن آخر إنساني أو سياسي في سوريا، وهو ما أبرز القضية السورية على طاولة اجتماعات روسيا وتركيا وإيران في طهران.
وأكد الباحث السياسي السوري، وائل علوان، أن العملية التركية في الشمال السوري، كانت الملف الأبرز على طاولة “قمة طهران”، لافتا إلى أن تركيا تحضر للعملية المرتقبة في سوريا سياسيا وعسكريا.
وأوضح، أن إيجاد سيناريوهات لوقف العملية التركية شمال سوريا، يتعلق بما تستطيع روسيا وإيران أن تقدماه، في مجال ضمان أمن تركيا القومي.
ورجح أن لا تقبل تركيا بالضمانات الروسية السابقة، والتي شملت إرسال مجموعات من قوات النظام إلى الحدود التركية، مؤكدا أن أنقرة تحتاج لضمانات أكثر في حال جرى الحديث عن خيار غير عسكري.
وتوقع أن تشن تركيا عملية عسكرية محدودة في محيط تل رفعت بريف حلب، على أن يكون هناك تفاهم على باقي المناطق، بحيث تكون هناك إجراءات تختبرها تركيا لتراقب تأمين عدم تسلل المجموعات التي تصنفها تركيا على أنها إرهابية إلى الأراضي التركية، أو إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري شمال سوريا.
العمليات التركية في سوريا
وبدأت العمليات التركية في سوريا بتاريخ 24 آب/ أغسطس 2016، وتمكن خلالها الجيش التركي من الدخول إلى جرابلس والباب ودابق، بعد معارك مع تنظيم الدولة.
وفي 20 كانون الثاني/يناير 2018، بدأ الجيش التركي عملية “غصن الزيتون”، التي استهدفت وحدات حماية الشعب التركية وحزب العمال الكردستاني، وتم خلالها السيطرة على عدد من المناطق السكنية أبرزها مدينة عفرين بريف حلب.
وبتاريخ 9 تشرين أول/أكتوبر 2019، استهدفت القوات التركية وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني في منطقتي تل أبيض ورأس العين شرق الفرات، وتوقفت العملية بعد توقيع تركيا اتفاقية أنقرة مع الولايات المتحدة الأمريكية واتفاقية سوتشي مع روسيا.
ونفذت القوات التركية في 27 شباط/فبراير 2020، عملية استهدفت قوات النظام السوري، على خلفية مقتل أكثر من 30 عسكريا تركيا بقصف لقوات النظام في إدلب شمال سوريا.