إسرائيل.. زيارة الرئيس الأمريكي بين الرضا وخيبة الأمل
شعرت إسرائيل بعد انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بحالة من الرضا فيما يتعلق ببعض القضايا، لكنها أصيبت بخيبة أمل إزاء الملف النووي الإيراني.
ومما أعربت إسرائيل عن الرضا تجاهه القضية الفلسطينية والتطبيع العربي وترسيخ الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة التي تمثلت بـ”إعلان القدس” وكذا الوعود الأمريكية بمساعدتها في تطوير أنظمتها الدفاعية والهجومية.
وتنفس المستوى السياسي في إسرائيل الصعداء متفاجئا بعدم إثارة بايدن بعض المسائل التي كان متوقعا أن يطرحها خلال زيارته لإسرائيل ومن أبرزها تجميد توسيع المستوطنات في الضفة ومقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية.
وقالت صحيفة “هآرتس” العبرية، إن الرئيس بايدن “جعل الحياة سهلة بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، عندما لم يتطرق إلى قضيتي المستوطنات ومقتل أبو عاقلة خلال المؤتمر الصحفي في القدس”.
وحسب الصحيفة، فإنه حتى في مسألة حل الدولتين “لم يقدم الرئيس الأمريكي حلولا عملية بل تطرق إليها بشكل عام خلال المؤتمر الصحفي”.
ورأت أن لابيد “عندما أعرب خلال المؤتمر ذاته عن دعمه لحل الدولتين كان في سياق الرد على أسئلة الصحفيين تجنبا للإحراج، لا أكثر من ذلك”.
الهدية الكبرى
اعتبر الإعلام العبري أن “أكبر هدية” قدمها بايدن لإسرائيل خلال زيارته هي “التعهد الأمريكي بتقديم المساهمة المالية والتكنولوجية لتطوير منظومة الدفاع الجوي الليزرية الخاصة بإسرائيل”.
وقالت وسائل إعلام عبرية، منها “القناة 12” و”يديعوت أحرنوت”، إن “مسؤولين في إدارة الرئيس بايدن أبلغوا صحيفة وول ستريت جورنال بعزم الولايات المتحدة مساعدة إسرائيل في تطوير منظومة الدفاع الليزرية التي تعكف في السنوات الأخيرة على تطويرها”.
وفي السياق ذاته، قال المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، في مقال نشره في الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرنوت”، إن واشنطن “تعهدت بمساعدة إسرائيل في تطويرها لمنظومة الليزر إلى جانب الترويج أكثر لمنظومة القبة الحديدية لدفع الدول الأخرى إلى شرائها”.
تشكيل حلف “دفاع جوي إقليمي”
كما نقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن تقرير لصحيفة “وول ستريت”، أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس “أطلع الرئيس الأمريكي على اتفاقيات سرية مع دول عربية لا تربطها مع إسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية”.
ولفتت الصحيفة، إلى أن التقرير “أشار إلى أن محادثات جرت بين الاثنين حول إمكانية تشكيل حلف دفاع جوي إقليمي مشترك بين إسرائيل ودول عربية (لم تسمها) في المنطقة”.
وأوضحت أن “تشكيل هذا الحلف يشهد تباطؤا في هذه الأيام نظرا لوجود مخاوف لدى الدول العربية المعنية”، دون توضيح تلك المخاوف.
خطوات نحو التطبيع مع السعودية
قبل بدء بايدن بجولته في الشرق الأوسط والتي تشمل ثلاث محطات هي إسرائيل والضفة الغربية وأخيرا السعودية، رجحت التحليلات الإسرائيلية أن من أهم القضايا المدرجة في جدول زيارة بايدن هو “الدفع نحو التطبيع الرسمي بين تل أبيب والرياض”.
ورأت وسائل الإعلام والمراقبون في إسرائيل، أن “موافقة السعودية على فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الإسرائيلية ما هو إلا خطوة نحو التطبيع الرسمي بينهما”.
وكانت الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية، قد أعلنت الجمعة، فتح مجالها الجوي لجميع الناقلات الجوية التي تستوفي متطلبات الهيئة لعبور الأجواء، دون أن يستثني القرار الطائرات الإسرائيلية المدنية.
وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي على قرار السعودية فتح مجالها الجوي بقوله: “هذه هي الخطوة الأولى وسنواصل العمل لصالح الاقتصاد الإسرائيلي وأمن إسرائيل ومواطنيها”.
من جانبه، وصف وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ذلك بقوله: “خطوة مهمة في عملية إنشاء سوق مشتركة وجديدة للشرق الأوسط”.
وفي السياق ذاته، قالت وزيرة النقل الإسرائيلية ميراف ميخائيلي: “رسميا تم السماح للرحلات الجوية الإسرائيلية بالمرور في مجال السعودية، وهذه خطوة مهمة نحو علاقات أفضل وأقوى مع دول الشرق الأوسط”.
الملف النووي الإيراني
غير أن إسرائيل تشعر بخيبة أمل من موقف إدارة الرئيس الأمريكي تجاه الملف النووي الإيراني، إذ إن تل أبيب تفضل الخيار العسكري على الاستمرار في العملية الدبلوماسية وذلك على عكس الرغبة الأمريكية.
وبخصوص ذلك قال المحلل بن يشاي، إن ” الرئيس الأمريكي لم يرضخ للضغط الإسرائيلي بتفضيل الخيار العسكري على الخيار الدبلوماسي”.
وأضاف أن بايدن خلال زيارته لإسرائيل “لم يقدم أجوبة عملية للمخاوف الإسرائيلية فيما يتعلق بسعي إيران نحو الحصول على القنبلة النووية”.
ولفت بن يشاي، إلى أن بايدن “لم يحدد موعدا نهائيا للخيار الدبلوماسي عندما طلب منه لابيد ذلك خلال اللقاء الشخصي الذي جمع بينهما”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ذكرت في وقت سابق الجمعة، أن إسرائيل أجرت سلسلة من عمليات التخريب والاغتيالات السرية لإبطاء قدرة إيران على تخصيب الوقود النووي، بينما يصر بايدن على أن الدبلوماسية واستعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، هي أفضل طريقة لإيجاد حل دائم.
ووصل بايدن إسرائيل الأربعاء الماضي، وأجرى محادثات مع مسؤوليها كما التقى الجمعة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية قبل أن يتوجه إلى السعودية التي من المقرر أن تعقد فيها غدا السبت، قمة أمريكية مع قادة دول مجلس التعاون، إضافة إلى مصر والأردن ورئيس الوزراء العراقي.