“مساراتنا الجميلة”.. مبادرة تستكشف خبايا الضفة الغربية
انبهار وسعادة هما الشعور الذي يطغى على المشاركات في الرحلات التي تنظمها مبادرة “مساراتنا الجميلة” بتعدد الأماكن الأثرية والطبيعية المذهلة في فلسطين، خاصة في المناطق المصنفة “ج” والمهمشة من قبل الاحتلال الإسرائيلي رغم احتوائها على كنوز أثرية نادرة، وهذا الانطباع الإيجابي للمشاركين في تلك الرحلات يمثل وقوداً للقائمين على المبادرة للاستمرار فيها وتوسيع نطاقها.
بين أحضان الطبيعة..
فالبداية كانت مبادرة سابقة في 2020م تهدف إلى زراعة المناطق المصنفة “ج” شاركت فيها القائمتان على المبادرة جهاد زهور وأسماء أبو رحمة من محافظة رام الله والبيرة، اللتين اكتشفتا خلال تلك المبادرة التي كانت ترعاها وزارة شؤون المرأة بالضفة الغربية أن الضفة زاخرة بأماكن طبيعية وأثرية مجهولة بالنسبة لسكانها!
فقررت السيدتان تنظيم مسارات سياحية لتلك الأماكن تأخذ فيها النساء بشكل خاص والأطفال أيضاً في رحلات يتمتعون بها بجمال الآثار المتنوعة ومظاهر الطبيعة الخلابة خاصة الينابيع بعيداً عن الرحلات الرسمية المعتادة وأماكن الترفيه الحديثة لتعزيز السياحة الداخلية، ضمن مبادرة “مساراتنا الجميلة”.
وبرسوم رمزية من المشتركات استطاعت السيدتان تنظيم عدة رحلات لأماكن سياحية مختلفة، وصلتا إليها بعد بحث وتنقيب عبر الإنترنت، وتواصل مع المعارف في ربوع الضفة الغربية خاصة المجالس البلدية والقروية بحكم كون زهور عضوا في مجلس بلدي البيرة.
تقول: “نجمع رسوماً رمزية ونوفر باصات وتكون الدعوة عبر صفحاتنا الشخصية على الفيسبوك وصفحة المبادرة، وشهدنا إقبالاً كبيراً من نساء من مختلف الأعمار وأطفال أيضًا ما أشعرنا بالسعادة البالغة لرؤيتهم قد تركوا أجهزة الاتصال الحديثة ليوم كامل واندمجوا في الاستمتاع بأحضان الطبيعة وتعرفوا لجمال بلادهم فلسطين”.
وتبين زهو، أن أغلب المشاركين في تلك الرحلات لديهم شغف بالطبيعة ويأتون إليها لاكتساب طاقة إيجابية وتفريغ همومهم، فيفاجؤون بجمال الأماكن الأثرية والطبيعية في فلسطين خاصة الجيل الشاب الذي دائماً ما يبحث عن فرص سياحة خارجية لعدم معرفته بوجود أماكن سياحة داخلية تضاهيها جمالاً”.
وتقول، “ونحن القائمين على المبادرة نعيش الشعور ذاته برؤية أماكن أيضاً لم نزرها من قبل كـ”العين الزرقا” و”عابود “و”دير بلوط” و”بتير” … وغيرها”.
أماكن متعددة..
وتقول، “فالمسار السياحي الذي ذهبنا فيه إلى “بتير” قضاء بيت لحم حاز إعجاب كل من شارك فيه، خاصة عن زيارتهم كنيسة المهد التي هي لوحة فنية جميلة تحكي كل زاوية منها حكاية تاريخية، و”تزايد الشغف” بزيارة منطقة “الجيب” ضمن محافظة القدس التي تحتوي على منطقة أثرية تدعى بـ”الجورة” تحوي آثارًا وأنفاقاً من العصور القديمة، كما أننا زرناها في موسم الزيتون الذي تشتهر فيه وبزيتها المميز.
ورغم تركز المبادرة في محافظة رام الله والبيرة – بحكم إقامة القائمين عليها فيها- إلا أنها لا تترك مكاناً بالضفة إلا وتذهب إليه، فقد ذهبنا إلى الخليل والقدس وغيرها، “كما أن مدينة البيرة تحتوي على آثار متعددة كـ”كنيسة العائلة” وخان البيرة ومقامات لأولياء الله الصالحين يجهلها حتى أهلها”.
وتقول،” ففي مسارنا السياحي إلى قرية عابود التابعة لـ”البيرة” اصطحبتُ زوجي وعائلته الذين تفاجؤوا من الآثار الموجودة فيها وجمال الطبيعة، فهم لم يزوروها يوماً رغم قربها من مسقط رأسهم”، فكان حجم دهشتهم بحجم دهشتي تماماً لكوني من مواليد الأردن ولا أعرف أغلب الأماكن في الضفة”.
وتبين زهور، أن أغلب المناطق الأثرية تقع ضمن الأراضي المصنفة “ج” لذلك يهمشها الاحتلال الإسرائيلي ولا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تصلها، وهذا ما يجعل الوصول إليها محفوفاً بالمخاطر، كما حدث معنا في زيارتنا لـ”دير سمعان” فبعد قرابة الساعة من الصعود إليه تفاجأنا بوجود مستوطنين هناك فمنعنا الحراس الإسرائيليون من الدخول.
وتضيف، “اعتصر الألم قلوبنا لعدم قدرتنا على دخول مكان أثري فلسطيني خالص، فكان ردهم بأنه لا يمكننا الدخول سوى بتنسيق أمني مسبق معها.. نحن أولى وأجيالنا اللاحقة بهذه الأماكن، فهي فلسطينية خالصة، فكيف يحرمنا الاحتلال منها في حين يستمتع مستوطنوه بجمالها؟!”.
وخلال الرحلات تتواصل المبادرة مع المجالس القروية التابعة لها الأماكن الأثرية فيرشحون شخصاً مختصاً ليرافق المتنزهين ويشرح لهم تاريخ وطبيعة تلك الأماكن، “كما أن رحلاتنا تكون بين الساعة الثانية ظهراً وحتى الثامنة مساءً؛ ما يتيح الفرصة للنساء العاملات وطالبات الجامعة للالتحاق بنا (…) نرتب أمورنا لكي يلتحق أكبر عدد بتلك المسارات للتأكيد أن هذه أرضنا التي لن نسمح بتهويدها ولا مصادرتها ونعزز صمود أهلها بزيارتنا لها”.