غارديان: محطات التلفزة البريطانية تخذل المسلمين بتدمير أعمال مبدعيهم الدرامية
نشرت صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية تقريرا عن تعامل محطات التلفزة البريطانية مع الأعمال الدرامية التي تتناول حياة المسلمين والقصص التي يكتبها مبدعون مسلمون، موضحا أن المحطات تتردد في عرض هذه الأعمال بمبررات عديدة.
يقول التقرير -الذي كتبه سامي جيكسلر- إن محطات التلفزة البريطانية أخفقت في تقديم صورة حقيقية عن المسلمين وعن حياتهم، وتميل للاعتماد على الصورة النمطية لدى الرجل الأبيض عن المسلمين، وذلك على الرغم من العروض الناجحة لأعمال مثل “ميس مارفيل” (Ms. Marvel) في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن المبدعين المسلمين يتحدثون عن أن المنتجين أخبروهم بأن “قيمهم مملة” وأنهم “لا يمكن أن يكونوا إيجابيين جنسيا”.
ويضيف أن هناك أمثلة للمبدعين المسلمين الذين يساعدون التلفزيون على تجنب الروايات المسيئة والمؤذية بشكل صريح لصالح قصص مثيرة ومتعددة الأوجه عن المسلمين، لكن نهج الدراما البريطانية في التعامل مع قصص المسلمين لا يزال أمامه طريق طويل ليقطعه؛ فعلى سبيل المثال، عندما قامت قناة “آي تي في” (ITV) بتصوير جريمة الشرف التي كانت باناز محمود، رُويت القصة من منظور المحققة البيضاء التي تحقق في القضية، وليس من منظور المرأة صاحبة الشخصية الرئيسية في القصة.
دراما بها جو من الإجرام
وفي كثير من الأحيان، تختار محطات التلفزة البريطانية الدراما عن المسلمين من ذلك النوع الذي به جو من الإجرام، مثل فضيحة الرجل في روتشديل. ففي أثناء محاكمة دارين أوزبورن، الإرهابي الذي قاد شاحنته تجاه المصلين المسلمين خارج مسجد “فينسبري بارك” شمالي لندن، تم الكشف عن أن تصوير قناة “بي بي سي” (BBC) لدراما “3 فتيات” عن جرائم الجنس ضد الأطفال في روتشديل هو ما دفع ذلك المجرم إلى أن يصبح “مهووسا” بالمسلمين.
ونقل التقرير عن فيصل قرشي -كاتب السيناريو والمنتج الذي عمل في الصناعة لأكثر من 20 عاما- قوله إن الهيئات المسؤولة عن الموافقة على الأعمال الدرامية بمحطات التلفزة البريطانية تميل إلى البحث عن الأعمال التي تتناسب مع تصوراتهم المسبقة “المحدودة”، إذ قالوا له خلال جلسة تطوير أحد النصوص، إنه يجب عليه جعل هذا الأمر يتعلق بجرائم الشرف، لكنه رفض ولم يخرج المشروع إلى النور.
تدمير القصص بأفكار مسبقة
كما نقل عن إحدى كاتبات السيناريو المسلمات (أطلق التقرير عليها اسم زينب وهو ليس اسمها الحقيقي) قولها إن التعليقات التي تتلقاها نادرا ما تشكك في قدرتها على الكتابة، لكن المشكلة تكمن دائما في الموضوعات التي تريد استكشافها، والطريقة التي ترغب في تصوير شخصياتها المسلمة بها، مضيفة أنها الآن لا تريد أن تكتب عن شخصيات مسلمة؛ لأنها تعرف أن العاملين في الصناعة سوف يذبحون قصصها.
وتضيف زينب أن هناك قضية أخرى يعاني منها الكتاب الذين يحاولون خلق شخصيات مسلمة أصيلة وهي الضغط عليهم للتخلي عن الهوية الإسلامية لشخصياتهم، مشيرة إلى أنه يبدو أن الطريقة الوحيدة لتكون مسلما على الشاشة، هي إما أن تتخلى عن دينك أو أن تكون مسلما ساقطا.
لا يفهمون مجتمعنا
ويورد التقرير أن هناك العديد من كتاب السيناريو المسلمين الذين لديهم مشاريع قيد التطوير، لكن عدد التكليفات بتنفيذها منخفض، خاصة في الدراما، ونسب إلى ريسة أحمد -كاتبة السيناريو والمخرجة في أسكتلندا- القول إن المسؤولين غالبا ما يخشون المخاطرة بقصص لا يتعرفون عليها -أو لا تتعلق بتجاربهم المعاشة. وعلقت بأن “تجاربنا نحن المسلمين تُعد مجرد خطر على الأشخاص الذين لا يفهمون مجتمعنا ولم يتفاعلوا معنا على مستوى ذي مغزى”.
ويستمر التقرير في إيراد المشاكل التي تواجه المبدعين المسلمين في بريطانيا، ليقول إن الافتقار إلى تمثيل المسلمين في التلفزيون هو أمر تعهد المذيعون بتغييره. ففي عام 2020، أعلنت “بي بي سي” عن صندوقها الإبداعي بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني، الذي تقول إنه سيمول المزيد من القصص والمواهب المتنوعة، سواء على الشاشة أو من منظور الإنتاج. إنها ليست المبادرة الوحيدة من هذا القبيل، حيث التزمت محطة “آي تي في” بمبلغ 80 مليون جنيه إسترليني لمخطط مماثل، إضافة إلى تعهد بقيمة 30 مليون جنيه أخرى من “سكاي” (Sky) لتحسين تمثيل المسلمين والأقليات الأخرى.
انفصال بين المبدعين المسلمين ومسؤولي التلفزة
ومع ذلك، هناك شكوك حول إذا ما كان يتم استخدام هذه الأموال بشكل جيد. وينقل التقرير عن ساجد فاردا، منتج ومؤسس ومدير تنفيذي لجمعية “يو كيه مسلم فيلم” (UK Muslim Film) البريطانية الخيرية أن قدرا كبيرا من المال متاح، لكن لا يتم إنفاقه، “يبدو أن هناك عدم يقين بشأن كيفية تخصيصه، بسبب الانفصال بين قادة التنوع الإبداعي والمسؤولين”.
إضافة لذلك، يقول التقرير إن فكرة أن الجمهور البريطاني ليس “جاهزا” لاستقبال قصص أصيلة عن المسلمين من أكبر العوائق التي تحول دون التكليف بتنفيذ هذه القصص، مشيرا إلى أنه يبدو أن المسؤولين التنفيذيين في التلفزيون يأخذون زمام المبادرة من السياسة، مثل هوس السياسيين بتلبية احتياجات المحافظين اجتماعيا.
وعن هذا يقول كاتب السيناريو والمخرج المسرحي كريم خان “إنهم خائفون من وضع قصصنا على التلفزيون، وهم غير متأكدين مما إذا كانت برامجنا ستكون قابلة للتسويق، وستلقى استحسان الجمهور البريطاني”.