أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

إيران.. تفاقم أزمة اللاجئين منذ سيطرة “طالبان” على أفغانستان

– نصف مليون أفغاني فروا إلى إيران منذ أغسطس 2021 من إجمالي 4 ملايين
– شاب أفغاني أجلّ عرسه بعد طبع دعوات الزفاف وفرّ إلى إيران بعد دخول طالبان كابل
– مقتل رجلي دين في مدينة مشهد تسبب في احتقان بين الأفغان والإيرانيين دفع ثمنه اللاجئون

 

في رحلة محفوفة بالمخاطر، قطع مرتضى نوري (28 عاما) 600 ميل من العاصمة الأفغانية إلى الحدود الإيرانية، بعد أيام من حصار حركة طالبان لكابل، في أغسطس/آب 2021.

نوري، كان واحدا من عشرات الآلاف من الأفغان الذين فروا من البلاد تاركين وراءهم منازلهم، وأغراضهم الشخصية، وأحلامهم.

وأصبحت الحدود مع إيران، المليئة بالثغرات، شريان حياة للعديد من الأفغان، الذين لم يحالفهم الحظ في العثور على أماكن شاغرة في رحلات الإجلاء العسكرية الأمريكية.

بين الحياة والموت

أصله من مدينة “غزنة”، جنوب غرب كابل، وكان نوري الذي يقيم في العاصمة الأفغانية يخطط للزواج، وطبع فعلا بطاقات الدعوة للزفاف، قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب.

إذ دخل مقاتلو طالبان كابل، على دراجاتهم النارية مدججين برشاشات الكلاشينكوف، في 15 أغسطس الماضي، وأدى ذلك إلى تأجيل خطة الزواج، والبحث عن طريق للفرار.

وقال نوري، المتدرب العسكري السابق، “كان ظرفا صعبا، لكن لم يكن هناك خيار آخر”.

واستدرك “كان اختيارًا بين الحياة والموت”.

جرب نوري، حظه مع رحلات الإجلاء في مطار حامد كرزاي الدولي، إلا أنه فشل، ثم قرر السفر برا إلى إيران.

وتابع نوري قائلا إن “المحنة لم تنته هنا.. وجدت نفسي محشورًا في شاحنة صغيرة مع العديد من الأفغان الآخرين، تحت رحمة المهربين وحرس الحدود”.

وأضاف أن “الرحلة بين مقاطعة نمروز (جنوب غربي أفغانستان)، ومقاطعة سيستان وبلوشستان (جنوب شرقي إيران) كانت شاقة ومتعبة”.

واستطرد “بعد أن أمضيتُ أيامًا في معسكر حكومي بمقاطعة هيرماند، في سيستان، اتجهت إلى طهران بمساعدة المهربين، الذين طالبوني بأموال ضخمة”.

وخلال الأسابيع القليلة التالية، يتابع نوري، “بقيتُ محتجزًا في ضواحي العاصمة الإيرانية، حتى أنقذني أحد أصدقائي الأفغان في طهران بكفالة”.

وقال إنها “رحلة خطيرة، تتسم بالخوف والقلق في كل خطوة على الطريق، وبعد ذلك هناك حالة من عدم اليقين بشأن المكان الذي تتجه إليه، وما يخبئه لك”.

وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية، جرب نوري، عدة وظائف، منها عامل بناء، بستاني، بائع، حارس ليلي في العديد من المدن الإيرانية، وذلك بهدف “البقاء على قيد الحياة”.

وبحسب التقديرات الرسمية، توافد أكثر من نصف مليون أفغاني على إيران منذ أغسطس 2021، معظمهم عبر شبكات تهريب وبدون وثائق قانونية.

وقدر المجلس النرويجي للاجئين (NRC)، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2021، عدد الوافدين يوميًا (إلى إيران) بما يتراوح بين 4 و5 آلاف شخص، مقارنة بـ 1400 إلى 2500 قبل استيلاء طالبان على كابل.

وبعد قدوم الوافدين الجدد، يتمركز حاليًا ما يقدر بنحو 4 ملايين أفغاني في إيران.

 احتقان بين الأفغان والإيرانيين

أما محمد جوادي (31 عامًا)، فوصل إلى مدينة “مشهد” شمال شرقي إيران، من محافظة هرات، غربي أفغانستان، عبر معبر “إسلام قلعة دوغارون” الحدودي، في فبراير/ شباط الماضي.

بعد شهرين فقط من وصوله، اندلع توتر بين الأفغان والإيرانيين في أعقاب حادثة طعن قاتلة، زُعم أن مواطنًا أفغانيًا ارتكبها في ضريح الإمام الرضا في مشهد، وأسفرت عن مقتل اثنان من رجال دين إيرانيين.

وتسببت الحادثة في إحداث صدمة في أنحاء البلاد، وأثارت غضب الرأي العام.

وفي الأيام التالية، أظهرت العديد من المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي مضايقات للمهاجرين الأفغان في إيران.

وجاء الرد فوريا من أفغانستان، حيث هاجم متظاهرون البعثات الدبلوماسية الإيرانية في كابل وهرات.

وحبس جوادي وأصدقاؤه أنفسهم في إقامتهم، المكونة من غرفة واحدة بـ”مشهد”، ولأسابيع، خوفًا من رد فعل عنيف من الشارع الإيراني.

وقال جوادي، “كان وقتًا مروعًا لجميع اللاجئين الأفغان في إيران، حيث كانوا يخشون رد الفعل العنيف لحادث الطعن، وكذلك الهجمات على سفارة أفغانستان في طهران، والقنصلية الإيرانية في هرات”.

من جهته، ألقى المبعوث الإيراني الخاص لأفغانستان حسن كاظمي قمي، باللوم في التوتر بين البلدين على “الأعداء”.

بينما دعا وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، إلى إنهاء “سوء معاملة اللاجئين الأفغان”، التي قال إنها “تسمح للخصوم بالتآمر”.

في أعقاب حادثة مشهد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، إن “موجات النازحين الأفغان لا يمكن أن تستمر في القدوم إلى إيران بسبب القدرات المحدودة للبلاد”.

وتزامن الحادث مع اشتباكات حدودية بين الجانبين بسبب الخلاف على شق طريق من قبل “طالبان” بالقرب من الحدود المشتركة، ما منع جوادي من العودة إلى الوطن.

واختتم حديثه بالقول إن “الأزمة الاقتصادية الحادة في إيران، والتضخم، ونقص الأموال تلحق خسائر فادحة ليس فقط بالإيرانيين، ولكن أيضًا بالمهاجرين مثلنا”.

كما أعرب عن خطط للتوجه إلى تركيا أو إلى أوروبا في حال حالفه الحظ.

 الخوف وعدم اليقين

لطالما اشتكت الحكومة الإيرانية من عدم وجود دعم دولي للاجئين الأفغان المتمركزين لديها على مدى السنوات الأربعين الماضية، خاصة في ظل العقوبات الأمريكية.

بينما يمكن للأفغان المسجلين رسمياً الاستفادة من التعليم المجاني بالإضافة إلى بعض الإعانات التي تخصصها الحكومة، فإن حوالي 170 ألفا منهم مشمولون الآن بخطة التأمين الصحي لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

ومع ذلك، يواجه الأفغان غير المسجلين مثل نوري وجوادي صعوبات حتى في فتح حساب مصرفي، أو استئجار منزل، أو الحصول على شريحة هاتف نقال باسمهم.

وبهذا الخصوص، قال محسن رضائي (27 عاما) الذي جاء إلى إيران مع جوادي، “ما زلت لا أملك شريحة هاتف باسمي، وبالطبع ليس لدي تأمين صحي، سواء من الحكومة الإيرانية أو وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة”.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، حث إيفو فريجسن، ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إيران، المجتمع الدولي على زيادة دعمه لإيران نظرًا لوجود ملايين اللاجئين في البلاد.

كما تحدث عن خطط لإعادة توطين اللاجئين الأفغان في دول ثالثة لتخفيف العبء على إيران وتحديد وتسجيل اللاجئين الجدد الذين يفتقرون إلى الوثائق القانونية.

وفي خطوة غير مسبوقة الشهر الماضي، أطلقت الحكومة الإيرانية نظاماً جديدًا للاجئين، كان من المفترض في البداية أن ينتهي في 7 يونيو/ حزيران الجاري، لكن تم تمديده لأسبوعين، حيث سيحصل اللاجئون غير المسجلين رسميا على إقامة مؤقتة تصل إلى 6 أشهر، وقابلة للتجديد.

في غضون ذلك، هناك مخاوف أيضًا من تزايد نسبة الأطفال العاملين في إيران، ومعظمهم من المهاجرين الأفغان، حيث تفاقمت الظاهرة 20 مرة منذ أغسطس 2021، بحسب مسؤولين محليين.

كما تم ترحيل آلاف الأفغان الذين ليس لديهم وثائق سفر قانونية منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وفقًا لمصادر رسمية.

وتقدم جوادي، الذي يعمل حالياً في مزرعة في محافظة همدان، غربي إيران، بطلب للحصول على تصريح إقامة لستة أشهر، إلا أن غيوم الخوف وعدم اليقين تلوح في الأفق بشكل كبير.

واختتم حديثه بنبرة غاضبة، “نعيش الخوف وعدم اليقين بشكل دائم، وقد انقلبت حياتنا” رأسا على عقب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى