في أمريكا.. حضورٌ لعلم فلسطين واسمها وشارع يحمل أوجاع قضيتها
قبل ما يقارب 9 سنوات رُفع العلم الفلسطيني في ولاية باترسون -ثالث أكبر المدن في ولاية نيوجرسي- والتي توصف بتوأم مدينة رام الله لكثافة الحضور العربي فيها اقتصاديًّا واجتماعيًّا خصوصًا في أكبر شوارعها المكتظ بالمحلات التجارية والمطاعم العربية في حين أغلبية العرب في الولاية من أصول فلسطينية.
وتكلل هذا العام برفع اليافطة عن الاسم الجديد للشارع الرئيس في مدينة باترسون، ليصبح “شارع فلسطين”، ويعد هذا الحدث سابقة أولى من نوعها في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث ظهر فيها التأثير العربي والفلسطيني في السياسة المحلية، ما ساهم في فوز رئيس بلدية باترسون من أصول عربية “أندريه صايغ” لدورة ثانية، والذي قال أثناء تسمية الشارع وسط حضور الجالية الفلسطينية والعربية التي احتشدت في المكان: “صحيح أن أبي جاء من لبنان وأمي من سوريا، أما أنا فقلبي فلسطيني”.
وفي تصريح سابق أثنى دياب مصطفى، رئيس مركز الجالية الفلسطينية الأمريكية، على التفاف الجماهير الفلسطينية والعربية على العمل الإيجابي في هذه المنطقة لإحداث التغيير المطلوب لمصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وقال: “في ذكرى النكبة الرابعة والسبعين، ها نحن نحوّل الألم إلى أمل ونجاح وتقدم، ونثبّت قضية فلسطين في عقول وقلوب الأجيال القادمة التي ولدت في المهاجر”.
رفع العلم في شيكاغو
ومن مدينة باترسون إلى شيكاغو -وتحديدًا وسط المدينة التابعة لولاية الينوي- نظم تجمع “أمريكيون مسلمون من أجل فلسطين” فعالية رفع العلم الفلسطيني وسط تجمع عربي ومتضامنين مع القضية الفلسطينية وحرص الحضور على الوقوف لتحية العلم مرتدين الشال التراثي مرفقًا برفع علم فلسطين والشعارات المؤيدة للقضية.
ويعد رفع العلم الفلسطيني في ولاية شيكاغو بعد سنوات من منع التضامن مع القضية الفلسطينية حدثًا تاريخيًّا، وفي تصريح للمركز الفلسطيني للإعلام قالت نداء الساحوري رئيسة جمعية “أمريكيون مسلمون من أجل فلسطين” اشعر بالاعتزاز بنجاح فعالية رفع العلم وسط المدينة، واعتبرته حدثًا عظيمًا في الوقت الذي كان يمنع فيه رفع العلم الفلسطيني أو التلفظ باسم فلسطين.
ورافق رفع العلم دموع الحاضرين، وقالت الساحوري: “الجميع بكى لحظة رفع العلم الفلسطيني لما يمثله من عنوان للثبات الفلسطيني والمقاومة”، مبينة أنه تم وضع خارطة فلسطين كاملة من النهر إلى البحر متوشحة باسم فلسطين بعدة لغات.
ونظمت الفعالية خلال الشهر الحالي بكل سهولة ويسر ولم تتعرض لأي منع، كما أدى المشاركون خطبة وصلاة الجمعة قبيل رفع العلم مقابل مبنى الحكومة في شيكاغو.
وبينت الساحوري أن العديد من الأطياف شاركت في رفع العلم، منهم اليهود من أجل السلام وبحضور رجل دين يهودي ومسيحي وطلاب من أجل العدالة في فلسطين، كما تخللت الفعالية إلقاء كلمة لطالبة فندت فيها مقولة الكبار يموتون الصغار ينسون لابن غوريون، قائلة: “لن ننسى، وسوف نعود بمشيئة الله”.
تأثير على المزاج الأمريكي
ويرى زياد العالول أن تسمية شارع باسم فلسطين في ولاية باترسون ورفع العلم في شيكاغو هو أمر طبيعي، وقال: “الأمر يعد طبيعيًّا لكون رئيس بلدية باترسون من أصول عربية ومناصرًا للقضية الفلسطينية، أما ولاية شيكاغو ذات وجود فلسطيني وعربي مناصر للقضية الفلسطينية، فكان الأمر طبيعيًّا ما أظهره الوجود العربي في أمريكا من تأثير واضح في الانتخابات الأمريكية الأخيرة”.
وكان واضحًا التأثير العربي في انتخابات الكونغرس الأمريكي عام 2018 بفوز النائبين إلهان عمر ورشيدة طليب من أصول عربية والمناصرتين للقضية الفلسطينية ليصبح اليوم عدد النواب المناصر للقضية الفلسطينية 17 نائبًا -كما قال العالول- إضافة إلى العدد الكبير من أعضاء الحزب الديمقراطي الحاكم المؤيد للقضية التي ظهرت في الانتخابات الأخيرة وحسمت فوز بايدن بأصوات الأقليات من أمريكا اللاتينية أو الأصول الإفريقية أو المسلمين، والذين معظمهم مناصرون للقضية الفلسطينية.
وأوضح العالول أن هناك تغيرًا كبيرًا في المزاج العام الأمريكي، خاصة في طبقة المثقفين والأدباء والأكاديميين، إضافة إلى الوعي للأجيال الشابة الذي نراه باتجاه قضية فلسطين متزايدًا يومًا بعد يوم إلى جانب تقلص التضامن مع الجانب الصهيوني في أمريكا، وهو في حالة تناقص مستمر.