هجمة إسرائيلية ضد حراس الأقصى وسط تقييد لدور “الأوقاف”
تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتقييد دور الأوقاف الإسلامية في المسجد الأقصى، عبر جملة من الإجراءات والانتهاكات، أبرزها اعتقال وإبعاد حراسه، وكان آخرهم قرار محكمة الاحتلال المركزية في القدس المحتلة بسجن الحارس فادي عليان ثلاث سنوات.
هذه الهجمة لم تكن جديدة، فمنذ انتصار إرادة المقدسيين في “هبّة البوابات الإلكترونية” عام 2017، وإجبار شرطة الاحتلال على إزالتها عن مداخل المسجد الأقصى ازدادت المضايقات على المصلّين والحراس وجميع موظفي الأوقاف، ومنها منع 70 حارسًا وحارسة -عُيّنوا في ذلك الوقت- من مباشرة عملهم.
واعتقل الاحتلال “عليان” في 21 كانون الأول عام 2021، أثناء عمله في المسجد الأقصى المبارك، كما اقتحمت قوات الاحتلال منزله وفتشته وخربت محتوياته، وهدمت بيته وجرفت أرض عائلته.
ملاحقة متتالية
وهدمت قوات الاحتلال منزل حارس الأقصى أحمد الدلال في “بيت حنينا”، واعتقلت الحارس لؤي أبو السعد ستة أشهر، إذ يفسر الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص هذه الملاحقات المتتالية أنها تأتي في إطار ردع بقية الحراس الآخرين حتى لا يتصدوا للمقتحمين ويصوّروهم، وصولًا إلى وضع الأوقاف تحت الضغط لتعديل مهمة الحراس.
وبحسب ابحيص، هناك محاولة لكوي وعي حراس الأقصى وهناك ضغوط سياسية على الأردن ترمي لإجباره على القبول بإعادة تعريف دوره بالأقصى وتركه ليصبح “مساحة مشتركة بين المسلمين واليهود”.
ويعتقد ابحيص أن “هناك تراجعا أردنيا أمام استهداف الحراس” مشيراً إلى أن حراس الأقصى أكثر فئة وظيفية مستهدفة بسياسات الاحتلال، لأن حضورهم دلالة أن الأوقاف هي التي تتولى إدارة الأقصى.
وحينما يسعى الاحتلال لتقسيم الأقصى، وفق ابحيص، بالتأكيد فإنه يريد التخلص من حضور هؤلاء الحراس خاصة في الساحة الشرقية والساحة الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى، ويريد ردعهم وضبط عملهم، وإعادة تعريف وبرمجة فهمهم لوظائفهم وفق الأولويات الإسرائيلية.
تناقص صلاحيات
“باتت في وضع مزرٍ”، بهذا يصف الباحث المقدسي د. جمال عمرو حال الأوقاف مع “تناقص صلاحياتها في الأقصى وأن الأمور تفلت من أيديهم وهم يكتفون بإرسال مذكرات للخارجية الأردنية للتدخل”.
ويقول عمرو، إن الاحتلال لم يعد يعتبر الأوقاف مرجعًا للأقصى، ويتدخل في التعيينات ويريد أن يكون كل شيء من خلاله وتحت إشرافه، ولديه إدارة بديلة عن الأوقاف تسمى “إدارة شؤون جبل الهيكل” المزعوم ولها لجان متخصصة وشرطة وأعضاء كنيست”.
صراع على التفاصيل
وفي وقت توجه اتهامات للأوقاف الإسلامية أنها تستجيب لإملاءات الاحتلال الإسرائيلي، وفصلت حارسًا ووجهت إنذارًا لآخر مؤخرًا، ويفند مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني ذلك، مؤكدًا، أن الأوقاف فصلت حارسًا تبقى في عقده ستة أشهر، بسبب تركه أحد أبواب المسجد الأقصى مفتوحًا أربع مرات، وجرى إنذاره بالمرة الأولى والثانية بذلك، لكنه تمادى مما آثار حوله الشكوك، والحارس الآخر يعمل في الأوقاف منذ 13 عامًا وسمعته حسنة وأنذر بسبب تركه أحد الأبواب مفتوحةً دون وجود نية لفصله.
ويقول الكسواني، إنه لا شأن للاحتلال بعمل الأوقاف داخل الأقصى، ولا بتعيين أو فصل حراس، إذ ترفض الأوقاف تدخله في شؤون الأقصى، رغم منع الاحتلال دخول 70 حارسًا عينتهم الأوقاف عام 2017 وبقي الحال معلقا على ما هو حتى اللحظة”. وأضاف أن “الاتهامات الموجهة للأوقاف بالانصياع لإملاءات الاحتلال غير دقيقة”، مؤكدًا أن صلاحيات الأوقاف كاملة لكن الاحتلال يريد تقييدها بقوة وتقويض دورها، باعتقال الحراس وكل عمال الترميم والصيانة.
وتابع: “موظفو الأوقاف هم من أبناء الشعب الفلسطيني ويتعرضون لما يتعرض له أبناء شعبهم لكنهم يقومون بدورهم إلى أن يتم تحرير الأقصى”، مشيرًا إلى أن الأوقاف تقوم بتنظيم دروس يومية وحلقات تحفيظ للقرآن منذ ثماني سنوات.