من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
في الآونة الأخيرة، كثر التهجم والتطاول على شخص الرسول صلوات ربي وسلامه عليه من قبل بعض حثالة البشر، من عبدة البقر وغيرهم من الملاحدة، الذين ظنّوا أن إثارة الشبهات حول خاتم الأنبياء والمرسلين سترفع من قدرهم وتعلي من شأنهم وتحلق بهم في عالم الشهرة الذي يبتغونه في سبيل التعويض عن فشلهم وانحطاطهم. فبين الفينة والأخرى يطل علينا أحد المارقين من أعداء الإسلام ليثبت وجوده من خلال التعدي على الإسلام وعلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، وآخر هذه الهجمات الخبيثة كانت على لسان ذلك الهندي الخبيث من عبدة البقر والذي يمثل الحزب الحاكم في الهند، إذ قام بالتطاول على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أم المؤمنين عائشة، مثيرًا للشبهات حول زواجه (عليه الصلاة والسلام) منها بسن صغيرة، ووصف هذا الحاقد الزواج بالاغتصاب.
بداية نقول لهذا النكرة وغيره من النكرات من أعداء الإسلام سواء كانوا كفارًا ملاحدة، أو ممن ينتسبون لأي ديانة سماوية أو حتى من المتأسلمين المنهزمين من أبناء ملتنا الذين سولت لهم أنفسهم بالتطاول على خير البشر وأطهرهم وأشرفهم، نقول لهم: ألا شاهت وجوهكم وخرست ألسنتكم، لأن ما تدعونه باطل وافتراء، وسأبين من خلال هذا المنبر بالدليل الواضح كذب ما تدعون. وسأفند هذه الأباطيل من خلال مسارين مختلفين ، لكنهما يصبان في نفس الهدف.
- كما يؤكد لنا المؤرخون للسيرة النبوية أن السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق كانت تكبر أختها عائشة (أم المؤمنين) بعشر سنوات وقد كان عمر أسماء عند الهجرة إلى المدينة (27 عامًا) أي أن عمر عائشة كان (17عاما) وقد بنى الرسول صلى الله عليه وسلم بها بعد سنتين من الهجرة وهذا مثبت في السيرة النبوية، ما يعني أن عمر أم المؤمنين عائشة كان (19عاما) عند دخوله بها.
- في حديث لعائشة أم المؤمنين قالت: ما أعقل أبواي إلا وهما مسلمان وذلك عند هجرة الحبشة. وكما نعلم جميعًا أن الطفل يعقل ويتذكر الأحداث على الأقل وهو بجيل خمس سنوات وكما يذكر التأريخ الإسلامي أن هجرة الحبشة حدثت في السنة الخامسة للبعثة وفي السنة الـ 13 حدثت الهجرة للمدينة، أي أن عمر السيدة عائشة رضي الله عنها كان 13 سنة وتزوجها الرسول بعد سنتين أي كان عمرها 15 سنة حسب هذا التأريخ.
- هذا وقد بين العالم الفقيه المؤرخ ومفسر القرآن ابن جرير الطبري، أن أبناء أبي بكر الصديق كلهم ولدوا قبل البعثة، الأمر الذي يعني أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، كانت على الأقل ابنة 17 سنة يوم زفافها لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا ما أضفنا سنتين بعد الهجرة.
وهذا يثبت كذب ادعاءاتهم الباطلة المراد منها تشويه صورة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وتصويره على أنه إنسان شهواني يتزوج الفتيات الصغار، مع العلم أنه لم يتزوج امرأة صغيرة وبِكرًا إلا عائشة، ولو كان في هذا الزواج أية منقصة لاستغلها كفار قريش في تشويه شخص الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته، إذ كانوا يبحثون عن أي سبب يستطيعون من خلاله التهجم على الإسلام. وبما أن عتاة الكفر أمثال أبي جهل وأبي لهب وغيرهم لم يجدوا حرجًا ليلمزوا في هذا الزواج فهذا يعني أنه كان زواجًا مقبولًا وفق أعرافهم في تلك الحقبة، حتى لو كان عمر السيدة عائشة تسع سنوات كما يدعي البعض. وهنا أود أن أدغدغ ذاكرة أولئك المعارضين لهذا الزواج ويصفونه بالتخلف والرجعية تارة، وبالشهوانية تارة أخرى أن عودوا لتاريخ العصور الوسطى لا بل للقرن العشرين من هذا العصر، لتجدوا أن:
- ماري ثيودور ابنة الملك هنري الثامن تزوجت وعمرها 11 سنة.
2 . ماري أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر تزوجت ابنة 14 سنة.
- إيزابيلا أبنة تشارلز السابع ملك فرنسا تزوجت ابنة 6 سنوات.
- مارغريت بوفورت والدة هنري السابع تزوجت وعمرها 7 سنين.
- رائدة الفكر النسوي هدى شعراوي تزوجت وهي ابنة 13 سنة من ابن عمتها الذي يكبرها 40 سنة.
فما رأيكم يا دعاة الغرب يا أعداء الإسلام بهذه الحقائق التاريخية، أم أنه حلال لكم حرام علينا. وكما يقال: سأزيدكم من الشعر بيتًا، فهذا البروفيسور كولين تورنر في كتابه الإسلام أساسيات يكتب: في هذا السياق: كان الزواج بين الرجل الكبير وفتاة صغيرة أمرًا شائعًا بين البدو كما لا يزال كذلك في العديد من المجتمعات حول العالم حتى اليوم، ومع ذلك من المؤكد أن مثل هذه الزيجات لم تكن تتم إلا بعد وصول كلا الطرفين لمرحلة البلوغ ومن المستبعد أن يكون محمد قد دخل بعائشة قبل أن تبلغ سن الرشد على الأقل، الأمر الذي كان سائدًا ومتماشيًا في ذلك الوقت. وفي هذا السياق لا يمكن بأي حال وصف هذا الزواج بأنه غير لائق. هذا ومن الجدير ذكره أن السيدة عائشة كانت مخطوبة لجبير ابن المطعم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه فسخ الخطبة لأنها أسلمت، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن جيل السيدة عائشة كان مناسبًا للزواج حسب أعراف وعادات المجتمع آنذاك. ويكفينا فخرًا كمسلمين بهذا الزواج أن الله عز وجل من اختار أمنا عائشة زوجة للنبي عليه الصلاة والسلام. وكان صغر سنها سببًا في قدرتها على حفظ الأحاديث النبوية ونقل الفقه والشريعة للأمة وخاصة ما يتعلق بقضايا الأسرة، ذلك أنها كانت لماحة ونبيهة وعندها من حدة الذكاء ما جعلها من أعظم رواة الحديث النبوي في الإسلام، فقد كانت مرجعًا فقهيًا للصحابة في كثير من القضايا وأبرزها المواريث، لذا أحبها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فحين سُئِل الرسول عن فضل عائشة على النساء؟ أجاب: هي كالثريد على سائر الطعام.