22 عاما على رحيل الأسد.. لماذا فشلت المعارضة بمنع التوريث؟
صادف أمس الجمعة، ذكرى مرور 22 عاما على موت رئيس النظام السوري السابق، حافظ الأسد، الذي نجح في ترتيب آلية توريث السلطة لابنه بشار الأسد، قبل وفاته في العاشر من شهر حزيران/ يونيو عام 2000.
حكم حافظ الأسد المنحدر من القرداحة بريف اللاذقية، بقبضة حديدية الجمهورية السورية لأكثر من 30 عاما، بعد تنفيذ انقلاب عسكري أسماه “الحركة التصحيحية”، في تشرين الثاني/نوفمبر 1970 بمساعدة كل من رفعت الأسد ومصطفى طلاس، تمكن خلاله من اعتقال الأمين القطري المساعد في حزب البعث الحاكم، صلاح جديد، والرئيس السوري نور الدين الأتاسي.
وبقي صلاح جديد الصديق القديم للأسد الأب في سجن المزّة العسكري بالعاصمة دمشق مدة 23 عاماً إلى حين وفاته في 1993، في حين قضى نور الدين الأتاسي مدة 22 عاماً إلى حين إطلاق سراحه قبيل وفاته بأسابيع في 1992 بعد إصابته بمرض السرطان.
وشكل موت حافظ الأسد فرصة سانحة للشعب السوري للتخلص من حكم ديكتاتوري، قضى على الأنشطة السياسية في سوريا، وطبق سياسة الحزب الواحد المتحكم في جميع أوصال الدولة، لكن الأسد الأب نجح بترتيب آليات توريث السلطة لابنه بشار الأسد، معتمدا بذلك على أجهزته الأمنية ذات الولاء المطلق، وبدعم من نائبه عبد الحليم خدام ووزير دفاعه مصطفى طلاس.
ويقول المعارض السياسي البارز، جورج صبرا، إن حافظ الأسد تمكن من تحويل سوريا إلى “مملكة للصمت” وسجن كبير، وعند إعلان وفاته استبشر السوريون بأن موته سينقل البلاد إلى عصر جديد بعيدا عن الديكتاتورية والدولة التسلطية، لكن ذلك لم يحصل بسبب مباركة المجتمع الدولي لعملية التوريث.
وحول عدم قدرة المعارضة السورية حينها على منع عملية توريث السلطة، شدد المعارض السوري، على أن قرار التوريث كان دولياً وأمريكيا في المقام الأول.
وذكر بأن وزيرة الخارجية الأمريكية حينها، مادلين أولبرايت، كانت من أوائل القادمين إلى سوريا بعد إعلان موت حافظ الأسد، وعقدت اجتماعا مغلقا مع وريث السلطة بشار الأسد، انتهى بخروجهما بوجوه مبتسمة.
وأضاف: “تلك الابتسامة أوصلت رسالة لجميع دول العالم بأن بشار الأسد سيكون الرئيس القادم للبلاد”.
وأكد أن الإطار الإقليمي الفاعل في سوريا كان مباركا لعملية التوريث، وخاصة من قبل إيران و”إسرائيل”، وذلك رغبة في استمرار وظيفة نظام حافظ الأسد، في لعب دور مزعزع لاستقرار المنطقة.
وأشار إلى أن المعارضة السورية، أصدرت عبر التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان أكبر تحالف للأحزاب المعارضة، بيانا قالت فيه إنه رغم اعتراضنا على طريقة توريث الحكم، لكننا مستعدون لتفهم ذلك، على أن تكون خطوة باتجاه التغيير الديمقراطي المنشود في البلاد.
ولفت إلى أن المعارضة بدأت بعد موت حافظ بنشاطات ما عرف بـ”ربيع دمشق”، لكن سلطة النظام القمعية التي بناها حافظ الأسد كشفت عن وجهها الحقيقي واعتقلت نشطاء وقادة المعارضة السورية.
في المقابل، رأى الباحث والكاتب السوري، درويش خليفة، أن عدم نجاح المعارضة في منع توريث السلطة، متعلق بعدم وجود جبهة معارضة متماسكة قادرة على توجيه الرأي العام بسبب سياسة القمع وديكتاتورية النظام السوري، فضلا عن الدعم الدولي والأمريكي لعملية التوريث.
ونبه إلى أن عملية التوريث كانت سببا لعدد كبير من السوريين، للمشاركة في الثورة السورية التي اندلعت في آذار/مارس 2011 ضد نظام بشار الأسد، لأن الشارع السوري منذ موت حافظ الأسد كان ينتظر شرارة تساعد على انطلاق انتفاضة في وجه النظام.
وعقب موت حافظ الأسد، عقد مجلس الشعب السوري جلسة ضمت جميع الأعضاء، للتصويت على اقتراح مقدم من أكثر من ثلث أعضاء المجلس، لإجراء تعديل دستوري ينص على تخفيض السن القانوني لرئيس البلاد من 40 عاما إلى 34 عاما ليكون مناسبا لسن وريث السلطة بشار الأسد، وهو ما وافق عليه جميع أعضاء المجلس حينها.