شهادة “حفار القبور”.. إدانة إضافية لجرائم النظام السوري
– رئيس الائتلاف السوري المعارض سالم المسلط: المجازر التي كشف عنها “حفار القبور” حرِية بجعل رؤوس نظام الأسد في محكمة الجنايات الدولية.
– رئيس هيئة التفاوض المعارضة أنس العبدة: قصة “حفار القبور” صادمة ومريعة ونعتقد جازمين بصحتها بل بأكثر من ذلك
– مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني: شهادة “حفار القبور” تشكل أدلة إضافية على الانتهاكات التي ارتكبها النظام
اعتبرت أطراف سورية معارضة وحقوقية، أن شهادة “حفار القبور” أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، إدانة إضافية لجرائم الإبادة التي أقدم عليها نظام بشار الأسد في سوريا، ويمكن الاستناد لها قانونيا في أي محاكمات تجرى ضد مجرمي الحرب.
والأربعاء، أدلى الشاهد المعروف باسم “حفار القبور” بشهادته أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي خلال جلسة استماع بشأن سوريا،، حول المجازر التي ارتكبها نظام الأسد بحق المعتقلين في سجونه، وفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
وجاءت شهادة “حفار القبور” أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بعد شهادة أدلى بها أمام “محكمة جرائم الحرب في سوريا” بمدينة كوبلنز غرب ألمانيا لمحاكمة ضابط المخابرات السابق أنور رسلان والتي أدانته منذ أشهر بارتكاب جرائم إنسانية.
“حفار القبور” كان شاهدا أمام اللجنة على المقابر الجماعية من عام 2011 إلى 2018، والتي تتقاطع مع ما أدلى به الشاهد “قيصر” والصور التي سربها، فضلا عن شهادته لجرائم الحرب والفظائع التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين.
و”قيصر” هو اسم مستعار لمصوّر سابق فيما يسمى بـ”الشرطة العسكرية” انشقّ عن النظام عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة تظهر التعذيب والانتهاكات في السجون السورية.
أما “حفار القبور” وهو اسم مستعار أيضا لموظف سابق ببلدية العاصمة السورية دمشق، وكان مكلفا بعمليات دفن المدنيين والتخلص من الجثث.
ومن شهادة “حفار القبور” أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أن “3 شاحنات مقطورة كانت تصل مرتين في الأسبوع محملة بما يتراوح بين 300 و600 جثة لضحايا التعذيب والقصف”.
كما أوضح أن “4 شاحنات صغيرة تصل مرتين في الأسبوع، تحمل 30 إلى 40 جثة لمدنيين أعدموا كان يتم التخلص منهم بأبشع الطرق”، راويا قصصا مؤلمة “لتعذيب المعتقلين واغتصاب النساء، وقتل رجال أمن النظام، للمحتجزين، دون شفقة أو رحمة”.
جرائم تنقل النظام للمحاكم الدولية
رئيس الائتلاف السوري المعارض سالم المسلط، علق على شهادة “حفار القبور” في حديث للأناضول قائلا، إن “المجازر التي كشف عنها حرِية بأن تجعل رؤوس نظام الأسد في محكمة الجنايات الدولية لنيل الجزاء وتحقيق العدالة”.
وأرجع المسلط ذلك إلى ما حملته الشهادة “من دلائل على تعمد قتل السوريين من قبل نظام الأسد وأجهزته الأمنية بأوامر من رؤوس هذا النظام المجرم”.
وأضاف أن “جرائم نظام الأسد انكشفت لدى العالم أجمع، سواء صور قيصر أو ما شاهدناه في مجزرة التضامن أو ما رواه حفار القبور، إضافة إلى آلاف الجرائم المروعة التي ارتكبتها قوات الأسد دون وجود أي رادع دولي حقيقي ينصف الشعب السوري، ويزيح عنه هذه المعاناة”.
وشدد المسلط، على أن “كل يوم تتأخر فيه محاكمة الأسد، يكون فرصة لنظامه لتصفية المزيد من المعتقلين وارتكاب جرائم جديدة.. آن الأوان للمجتمع الدولي أن يدفع باتجاه الحل السياسي بحزم دون الالتفات إلى مراوغات هذا النظام وعنجهيته”.
قصة صادمة ومريعة
وتعليقا على الشهادة، قال رئيس هيئة التفاوض المعارضة أنس العبدة “يوماً بعد يوم، تتكشف حجم الفظائع والانتهاكات الجسيمة وجرائم الإبادة التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري، سواءٌ عبر توثيقات لجان التحقيق، أو عبر شهادة شهود، منهم حفار القبور، ومن قبله قيصر وغيرهما”.
وأضاف العبدة: “قصة حفار القبور صادمة ومريعة ونعتقد جازمين بصحتها بل أكثر من ذلك: مازلنا نؤكد أن حقيقة ما جرى في سوريا هو أكبر بكثير مما تمّ الكشف عنه حتى الآن، أسبوعيا كان يتم دفن بين ألف إلى خمسة آلاف إنسان في مقابر جماعية”.
ولفت إلى أن ضحايا النظام “ليسوا فقط سوريين بل من جنسيات أخرى، ما حدث ويحدث هو أسوأ جرائم ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وللأسف هنالك دول ما زالت تفكر في التطبيع مع النظام واستئناف العلاقات الدبلوماسية معه”.
وشدد العبدة، على ضرورة أن “تقوم كل مؤسسات الثورة ومنظمات المجتمع المدني السوري ذات الصلة، ومنظمات حقوق الإنسان، بنشر هذه الشهادات على أوسع نطاق، ودعم الشهود وجمع الأدلة، وإظهار حجم الجريمة التي ارتُكبت بحق الشعب السوري”.
إنصاف الضحايا
وطالب العبدة “بإنصاف الضحايا”، مضيفا: “كل ما سبق وتم الكشف عنه من أدلة على الجرائم لابد أن يأخذ طريقه إلى المحاسبة عبر المحاكم بكل أشكالها لتحقيق العدالة للسوريين وغير السوريين من ضحايا النظام”.
وأردف: “إنصاف الضحايا وعائلاتهم هو شرط أساسي، وممر إلزامي لتحقيق السلام المستدام، والحل السياسي القائم على تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وتأمين الانتقال السياسي وضمان مسار للعدالة الانتقالية بنص دستوري ملزم للدولة السورية الجديدة وغير قابل للتأويل أو التسويف”.
وتابع العبدة: “مادام نظام الإبادة موجودا في دمشق (نظام الأسد)، فلا يمكن أن يشعر السوريون بالأمان من أجل العودة الطوعية لمدنهم وقراهم، فهذا النظام لا يمثل خطرا باستمرار بقائه على سوريا فحسب، ولكن على الإقليم والعالم، ولن ينعم هذا العالم بالأمان في ظل استمرار هذه العصابة الحاكمة بدمشق”.
أدلة قانونية إضافية
فيما يلفت مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إلى “البعد القانوني” للشهادة، مضيفا: “في سوريا هناك كم كبير من المقابر الجماعية، وفي الشبكة السورية وثقنا مرات عديدة هذه المقابر”.
وأضاف عبد الغني: “من الصعب تحديد أماكن المقابر لأنها كثيرة، وعدد كبير من الضحايا قتلوا، وبشكل خاص المعتقلين بمراكز الاحتجاز ودفنوا لاحقا، أو تم تصفيتهم، ودفنوا بمقابر عديدة”.
وتابع: “كل مجموعة من عناصر الأمن والشبيحة تعمل مقبرة لنفسها، وتدفن القتلى فيها، وهناك آليات لإحراق الجثث أيضا، وليس من السهل توثيق هذه الجرائم وهي عملية معقدة بحاجة لأشخاص من داخل النظام”.
ولفت عبد الغني، إلى أن “حفار القبور” كان يعمل بهذا الأمر، و”بالتالي فشهادته على المقابر تشكل أدلة إضافية على الانتهاكات التي ارتكبها النظام والجرائم، وكيف قتل هؤلاء، وتشكل إدانة للنظام من الناحية القانونية”.
وتابع موضحا: “الضحايا قتلوا بمناطق خاضعة لسيطرة النظام، وأخفق بحمايتهم ولم يفتح تحقيقا باختفائهم، وهم ضمن مسؤوليته، وهذا على فرضية أن النظام لم يأمر عناصر الأمن بالجرائم، ولكن نرجح أن النظام هو من أمرهم بالقتل ورميهم بالمقابر”.
وأشار عبد الغني، إلى أن “ما سبق يعطي دلائل على جرائم إضافية لوحشية النظام، ومن المهم لاحقا استخراج الجثث، وتسليمها لأهلها ليدفنوا بطريقة لائقة وهو أمر قانوني كذلك”.
ومنذ عام 2011، تشهد سوريا حربا أهلية بدأت إثر تعامل نظام الأسد بقوة مع ثورة شعبية خرجت ضده في 15 مارس/ آذار من العام ذاته، ما دفع ملايين الأشخاص للنزوح واللجوء إلى الدول المجاورة.