المطلوب ضمائر حيّة لوظيفة شاغرة
الشيخ رائد صلاح
بدأنا قبل خمسة أشهر ببناء لجنة إفشاء سلام محلية في كل بلدة من الداخل الفلسطيني مهما كان عدد سكانها، واجتهدنا في مسيرة هذا البناء أن تمثل كل لجنة إفشاء سلام محلية البنية الاجتماعية لكل بلدة في الداخل الفلسطيني، آخذة بعين الاعتبار التعددية الدينية والسياسية والحمائلية، وقد انعكس ذلك على أعضاء كل لجنة من هذه اللجان، فهناك من هذه اللجان من في عضويتها الأهل المسلمون والأهل المسيحيون والأهل الدروز، وهناك من هذه اللجان من رئيسها من الأهل المسلمين أو الأهل المسيحيين أو الأهل الدروز، وهناك من هذه اللجان من رئيسها من الجبهة أو من التجمع أو من سائر الأحزاب والحركات في الداخل الفلسطيني.
وها نحن بحمد الله تعالى قد أنجزنا بناء لجان إفشاء سلام محلية في أكثر من 90% من بلداتنا في الداخل الفلسطيني، وها نحن بدأنا نستعد لعقد المؤتمر العام الأول لكل لجان إفشاء السلام بعد برهة من الزمن وسنعلن قريبا عن مكان وتاريخ وبرنامج هذا المؤتمر، وها نحن على وشك أن نبدأ في كل بلدة من الداخل الفلسطيني مهما كان عدد سكانها ببناء لجنة إفشاء سلام شبابية محلية، ولجنة إفشاء سلام نسائية محلية، ولجنة إفشاء سلام طلابية في كل مدرسة، بداية من المرحلة الابتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية، وها نحن نواصل إقامة لجان إفشاء سلام محلية فيما تبقى من بلداتنا في الداخل الفلسطيني، ولم يبق إلا عدد قليل ثم سنصل إلى نسبة 100%.
بمعنى أننا سنصل إلى مرحلة قريبة سيكتمل فيها بناء لجنة إفشاء سلام محلية في كل بلدة من الداخل الفلسطيني، وها نحن قد قمنا بتقسيم كل بلداتنا في الداخل الفلسطيني إلى تسعة أقاليم، ولكل إقليم منها إدارته ورئيسه، وها نحن قد أنجزنا بناء الإدارة العامة للجان إفشاء السلام والتي تضم رؤساء هذه الأقاليم التسعة، وقيادات دينية من الأهل المسلمين والأهل المسيحيين والأهل الدروز.
وعلى سبيل المثال، ففي هذه الإدارة العامة للجان إفشاء السلام هناك الأب سيمون راعي الكنيسة في كفركنا، وهناك الأب صالح راعي الكنيسة في سخنين، وها نحن في تواصل وتعاون مع المجلس الإسلامي للإفتاء، وها نحن قد عقدنا مؤتمرا للقيادة الدينية من الأهل المسلمين ضمّ عددا كبيرا من العلماء والدعاء والأئمة- رجالا ونساء-، وها نحن على وشك عقد مؤتمر مع القيادة الدينية من الأهل المسيحيين والاهل الدروز، وها نحن قد صُغنا ميثاقا بالتعاون مع المجلس الإسلامي للإفتاء بعنوان (ميثاق المحكّمين بخصوص دعاوي الهدايا والمهر والحضانة) وسنعلن عن هذا الميثاق في مؤتمر قريب سيضم أكبر عدد من المحكّمين في الخلافات التي قد تقع في الحياة الزوجية لدى الأهل المسلمين.
وسيضم الميثاق أكبر عدد من المحامين الشرعيين والمأذونين، بهدف أن نتخذ من هذا الميثاق مرجعية تُبين لنا أنجع السبل لحل هذه الخلافات الزوجية بروح المودة والرحمة والحفاظ على الفضل بين الزوجين، على أمل أن نصوغ ميثاقا آخر للأهل المسيحيين، بالتعاون مع القيادة الدينية المسيحية، وميثاقا للأهل الدروز بالتعاون مع القيادة الدينية الدرزية، وها نحن قد صغنا ميثاقا بالتعاون مع المجلس الإسلامي للإفتاء ومع لجان إصلاح قطرية ومحلية بعنوان (ميثاق لجان الإصلاح والتحكيم في مسيرتنا الفلسطينية).
وسنعلن عن هذا الميثاق في مؤتمر بتاريخ 6/8/2022، وسنعلن عن مكان وبرنامج هذا المؤتمر لاحقا، وسيضم هذا المؤتمر أكبر عدد من لجان الإصلاح القطرية والعامة- رئاسة وعضوية-، وسيضم أكبر عدد من رجال التحكيم، بهدف أن نتخذ من هذا الميثاق مرجعية تبين لنا أنجع السبل وأعدلها وأرحمها لفض النزاعات التي باتت تقع في مسيرتنا بعامة في الداخل الفلسطيني، وها نحن على وشك إقرار برنامج نشاطات شعبية مشروعة مستديمة، تهدف إلى مواصلة الضغط على المؤسسة الرسمية الإسرائيلية كي تقوم بجمع سلاحها الأعمى الذي غضّت الطرف عن انتشاره بيننا، وكي تقوم بواجبها الرسمي للتصدي لمسببات غول العنف كالسوق السوداء والخاوة والمخدرات، وقد فصلت في ذلك عن سبق إصرار كي أؤكد لمن سيقرأ هذه المقالة ما يلي:
1- طريق لجان إفشاء السلام طريق طويل، بدأناه قبل خمسة أشهر وسنحتاج إلى سنين كي يكتمل بناء مشروع لجان إفشاء السلام، قطريا ومحليا، كما تحدثت عن ذلك في السطور السابقة.
2- هذا يعني أن مشوار لجان إفشاء السلام هو أطول من عمري وأطول من عمر الأعضاء الحاليين في لجان إفشاء السلام على صعيدها القطري والمحلي، وستواصل أجيالنا القادمة هذا المشوار.
3- وهذا يعني أن ثمار هذا المشوار ستبدأ بطيئة وستنمو مع الأيام وستزداد مع الأيام بهدف أن نوفر السلم الأهلي وقيم التراحم والتسامح والمعاملة الفاضلة في مسيرة كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني على صعيد الفرد والبيت والشارع والحارة والبلدة وسائر مرافقها.
4- ولذلك نطمع أن ينضم إلى مسيرة لجان إفشاء السلام أكبر عدد من أهلنا- رجالا ونساء وشبابا وطلابا- وأن يوطدوا أنفسهم سلفا في مسيرة عملهم في لجان إفشاء السلام على الصبر الجميل والنفس الطويل والعمل المتواصل والبذل بلا كلل والتضحية بلا يأس بتجرد لا مكان فيه لحب منصب أو جني أرباح دنيوية أو استقطاب أضواء إعلامية أو التسلق نحو مناصب سياسية قطرية أو محلية.
5- لكل ذلك نطمع أن ينضم إلى مسيرة لجان إفشاء السلام من الرجال والنساء والشباب والطلاب ذوي الضمائر الحيّة والهمم العالية والعزائم النابضة والإرادات العاملة الذين لا يرضون لأنفسهم موقف المتفرج على مجتمعهم وهو يحترق بنار العنف الأعمى ونار ويلاته.
6- بناء على كل ما تقدم أقول صارخا: يا كل أهلنا في الداخل الفلسطيني، هل من أحد فيكم يسمع؟ هل من أحد فيكم يتقدم لهذه الوظيفة الشاغرة، التي تعني السير بمجتمعنا نحو بر الأمن والأمان والسكينة والطمأنينة.
7- هل من أحد فيكم يسمع صرختي ، ويتقدم بخطى ثابتة للانضمام إلى قافلة لجان إفشاء السلام ولسان حاله يقول: لا نريد منكم جزاء ولا شكورا!! إنَّ ربحنا هو أن نخدم مجتمعنا في الداخل الفلسطيني!! وإنَّ فرحنا هو أن نرى طفل هذا المجتمع ينام ليله قرير العيّن دون أن يزعجه أزيز الرصاص الأعمى المصوب نحو بيت هذا الطفل أو نحو بيت جاره أو نحو بيت ابن بلدته!! هل من أحد فيكم يلبي هذا النداء؟!