أخبار رئيسيةالضفة وغزةعرب ودوليومضات

هل تعين واشنطن مبعوثا للفلسطينيين عوضا عن فتح القنصلية؟

قالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، استقرت على سلسلة من الخطوات تهدف إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الفلسطينيين بدلاً من إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن سيقوم بترفيع نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو إلى منصب المبعوث الخاص للفلسطينيين، والذي سيقوم برحلات منتظمة إلى المنطقة وسيعمل عن كثب مع وحدة الشؤون الفلسطينية.

وقال مسؤولون أمريكيون وفلسطينيون إن وحدة إدارة المشروع ستبدأ رسميا في تقديم تقارير مباشرة إلى عمرو في واشنطن، بدلا من السفير الأمريكي في إسرائيل، في خطوة تهدف مرة أخرى إلى فصل الدبلوماسيين الذين يخدمون الفلسطينيين عن أولئك الذين يخدمون الإسرائيليين.

وأكد دبلوماسي أمريكي للصحيفة (لم تسمه)، أن وحدة إدارة المشروع كانت بالفعل تقدم تقارير فعلية مباشرة إلى واشنطن منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لكن لم يتم اتخاذ هذه الخطوة بشكل رسمي أو الإعلان عنها.

قرار مؤجل للنقاش

وأثار تقرير الصحيفة تساؤلات حول ما إذا كانت ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد تراجعت عن الوعد الذي قطعه بايدن أن يعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية التي أغلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في آذار/م ارس 2019، ودمجها مع السفارة الأمريكية التي نقلها من تل أبيب إلى القدس.

وأشار مكتب الممثل الإقليمي لعربي21، إلى تعليقات قالها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد براس، بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تحدث، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن أهمية عمل الإسرائيليين والفلسطينيين للحفاظ على الهدوء وتهدئة التوترات.

ووفقا لبرايس، فقد شدد بلينكن على أهمية العلاقة الأمريكية الفلسطينية، ودعم الإدارة لحل الدولتين المتفاوض عليه، مشددا أيضا على أهمية استكمال التحقيقات في مقتل الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة.

وقال برايس في  البيان الصحفي، إن إدارة بايدن لا تزال ملتزمة بإعادة فتح قنصلية أمريكية في القدس وتواصل مناقشة القضية مع الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأضاف: “هناك عدد من الخطوات التي يجب أن تبدأ في إعادة فتح أي منشأة دبلوماسية، هناك بعض ما يجب أن نقوله من أمور حساسة ترافق وجود هذه المنشأة بالذات”، رافضًا أي اقتراح بأن يتم وضع موضوع خطة فتح القنصلية على الرف.

وأشار إلى أن “الأمريكيين يعملون على حل هذه القضية مع شركائهم الفلسطينيين والإسرائيليين”.

ولدى سؤاله عن تقرير الصحيفة العبرية، قال برايس إنه “ليس لديه أي تصريحات خاصة بشؤون الموظفين”.

خطوة متأخرة

وعلى الرغم من عدم نفي أو تأكيد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية خبر تعيين عمرو، كمبعوث خاص للفلسطينيين يبقى السؤال، ما هي الأسباب التي قد تجعل بايدن يقدم على هذه الخطوة؟

يرى دانيال سيروير، مدير برنامج إدارة الصراع في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز، أن “هذا القرار يرجع إلى نهج بايدن الأكثر عدالة تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ودعمه لحل الدولتين”.

وأوضح سيروير، أن نهج بايدن هذا تغيير عن نهج إدارة ترامب، التي لم تظهر أي اهتمام بحل الدولتين ولا دعم الفلسطينيين”.

بالمقابل اعتبر خالد الترعاني، المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية، أن “خطوة تعيين عمرو إن تمت، فهي في ظاهرها إيجابية، ولكن باطنها مدلوله سلبي، ويعكس الإدارة الفاشلة لرئاسة جو بايدن في التعامل مع الشرق الأوسط، يضاف إلى سجله من الفشل في التعامل مع قضايا أخرى”.

وأوضح الترعاني، أن “هذه الخطوة جاءت متأخرة سنتين، حيث جرت العادة أن يعين الرؤساء الأمريكيون مبعوثا خاصا للشرق الأوسط في بداية فترتهم الرئاسية ويكون هناك مجموعة توقعات”.

وأكد أن “هذه الخطوات التي قد يقدم عليها الرئيس جو بايدن تعكس كيف أن الموضوع الفلسطيني-الإسرائيلي أو عملية السلام أين هي على سلم أولوية بايدن، حيث من الواضح  أنها ليست على سلم اولوياته كما أعلنها صراحة، وإن كانت المصلحة الاسرائيلية والدبلوماسية على المستوى الإسرائيلي والعلاقة مع إسرائيل هي أولوية فإن مسألة الاحتلال الإسرائيلي والنزاع ليست أولوية بالنسبة له”.

وحول أسباب هذه الخطوات، قال الترعاني: “أهم سبب هو أن الاحتلال ما زال قائما، وأن الصراع ما زال موجودا، وبالتالي فيجب أن تتخذ ادارة بايدن هذه الخطوة، وذلك لأن الولايات المتحدة هي الراعي الأول للاحتلال الإسرائيلي من جهة ومن جهة أخرى هي التي تقود هذا الجهد الدولي للتعامل مع الموضوع الفلسطيني”.

ولفت إلى أنه “كان من المتوقع والمطلوب من إدارة بايدن أن تفتح قنصلية أمريكية في القدس المحتلة، لكن فتح قنصلية أمريكية يعني نزع بعض من الشرعية عن السفارة الأمريكية في القدس”.

وقال: “فتح قنصلية في القدس المحتلة للتعامل مع الفلسطينيين قد يعني أن السفارة الأمريكية هي فقط في الجزء الغربي من المدينة، أو بمعنى أن القدس كما تعتقد ادارة بايدن أنها ليست موحدة، بمعنى وكأنها تعطي إشارة لإسرائيل بأنها لا تعتبر أن القدس موحدة، إذا فتحت القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة ما يعني تراجعا في مواقف بايدن”.

وأضاف: “بالتالي عوضا عن فتح القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة تقوم إدارة بايدن بتعيين مبعوث خاص للفلسطينيين، وبرأيي لا اعتبر أنها خطوة إيجابية خاصة أن أولويات الإدارة الأمريكية لهادي عمرو، أولا إعادة العلاقة مع الفلسطينيين، ثانيا إلغاء بعض القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب والتي كانت متطرفة جدا في الموضوع الفلسطيني، وإدارة بايدن تريد إلغاء بعض هذه القرارات وليس كلها”.

وأشار إلى أن “إدارة بايدن، تريد فقط اعادة فتح قنوات الاتصال مع الفلسطينيين وتقديم المساعدات الأمريكية التي أقرها الكونغرس، ولكنه يريد تقديمها بمعنى الإنجاز العظيم لهادي عمرو، وهذا الإنجاز هو إعادة الأمور لما كانت عليه عندما كان نتنياهو رئيسا للوزراء وقبيل استلام ترامب لرئاسة أمريكا.. بمعنى أن تعود الأمور لبعض ما كانت عليه”.

عملية السلام ليست أولوية

لكن في ظل التقارير التي تتحدث عن تعيين عمرو كمبعوث للفلسطينيين، هل يعني ذلك أن واشنطن لن تعين مبعوثا خاصا للسلام في الشرق الأوسط؟ وهل يعني تعيين عمرو أن هناك نية لإدارة بايدن بتحريك عملية السلام وإعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي؟

عبر الدبلوماسي الأمريكي السابق مفيد الديك، عن قناعته، بأن “الإدارة لن تقوم بتعيين مبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط في الأيام أو حتى الأشهر القادمة، فهذه الادارة أخذت قرارا استراتيجيا أنها لا تريد فعل ذلك لاعتقادها بأن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني غير جاهزين وغير قادرين”.

لكن لم يستبعد الديك، أن “يتم تعيين هادي عمرو كمبعوث خاص للشؤون الفلسطينية فقط لكن ليس مبعوثا للسلام، وذلك لأن إدارة بايدن وجدت أن هناك أحداثا متواصلة بين الفلسطينيين وإسرائيل، منها اغتيال شيرين أبو عاقلة، وكذلك الاشتباكات في الأقصى ومسيرة الأعلام”.

وتابع: “بمعنى أن هناك وضعا متفجرا داخل الأراضي الفلسطينية ومع الإسرائيليين بشكل متواصل، وبالتالي فإنها لا تستطيع هذه الإدارة أن تركن إلى اتصال من بلينكن هنا أو من مسؤول آخر هناك مع الفلسطينيين، بل هي تريد شخصا يقوم بدور سفير غير رسمي لدى الفلسطينيين وليس لعملية السلام، وذلك لإدارة العلاقة الأمريكية-الفلسطينية في ظل غياب قنصل أمريكي في القدس الشرقية”.

وأكد أن “هذا التعيين لو تم فسيكون نوعا من التمثيل الدبلوماسي منخفض المستوى للتعامل مع القضايا المتعلقة بالفلسطينيين، ولكنه لن يكون متعلقا بعملية السلام بمعنى طرح مبادرة سلام”.

وأضاف: “أعتقد أن تعيين مبعوث لعملية السلام لن يحصل، ليس لأن الإدارة لا تريد أن تحقق انتصارا دبلوماسيا في هذه المنطقة ولكن لاعتقادها بأن ذلك سيكون مضيعة للوقت والجهد”.

وحول مسألة وقف تجميد عمل القنصلية الأمريكية في القدس، قال الديك: “موضوع القنصلية حتى الآن لم يحسم، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن لم تتراجع حتى الآن عن فتح القنصلية في القدس الشرقية، فإنها أحيانا تنظر لتنفيذ هذا الوعد، وقد تجد أن الحكومة الإسرائيلية على وشك الانهيار وأن ذلك قد يساعد في انهيارها بسرعة وبالتالي فهي تتلكأ قليلا”.

وحول ما إذا كان تعيين عمرو يعني إعادة إدارة بايدن للدور الأمريكي الراعي لعملية السلام، وكذلك إعادة التخطيط لانطلاق مفاوضات سلام جديدة بين الطرفين، قال الديك: “لا أعتقد ذلك أبدا، ولا أعتقد أن هناك أحدا في الإدارة الأمريكية يدفع في هذا الاتجاه للأسباب التي ذكرتها”.

وأردف: “هذه الإدارة حينما تريد أن تبدأ مسارا دبلوماسيا فيجب أن تعلم على الأقل أن هناك فرصة لنجاحه بنسبة تزيد على الـ50 في المائة، وبالتالي فلا أعتقد أن هناك أحدا في الادارة يعتقد أن هناك فرصة لتحقيق سلام فلسطيني-إسرائيلي في ظل الوضع القائم في إسرائيل خصوصا”.

وأوضح أن “هذه الحكومة الإسرائيلية حكومة هشة ويمكن أن تنهار بأية لحظة، وبالتالي فهي غير قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن السلام العربي-الإسرائيلي أو الفلسطيني-الإسرائيلي”.

وتابع: “كذلك فإن الإدارة غير مقتنعة، وهي لن تقوم بمبادرة إلا إذا كانت هناك فرصة للنجاح، وهي تدرك أن المشكلة الأكبر في الجانب الإسرائيلي هي بسبب طبيعة تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية”.

وأكد أن “إدارة بايدن لا تريد انهيار هذه الحكومة في اسرائيل، لأنها أيضا لا تريد عودة نتنياهو، لأن ذلك سيكون بمثابة إقفال كامل حتى  للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية وتوتر متواصل بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، فهناك صفحة سيئة في العلاقات بين الطرفين وبالتالي فهي لا تريده أن يعود، ولهذا هي غير مستعدة للقيام بأي مبادرة قد تربك الحكومة الحالية ما قد يؤدي لانهيارها”.

من ناحيته قال  الباحث خالد الترعاني، إن “جو بايدن قال إنه ليس معنيا بإحياء عملية السلام، ولا يعتبر هذا الأمر أولوية بالنسبة له، كذلك وجدنا أن إدارة بايدن في العام الماضي وما قبل ذلك كل ما كانت معنية به هو تقديم مساعدات للفلسطينيين ودعم إجراء انتخابات مجلس تشريعي، بمعنى إدارة جو بايدن تريد أن تُحسن وضع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي وهي ليست معنية بأكثر من هذا الأمر”.

وأوضح أن “إدارة بايدن تهرب من استحقاقاتها كدولة من المفترض أنها راعية لهذه المفاوضات، ولكن عندما يفشل الأمريكي في اتخاذ خطوات في جانب صاحب المظلومية والحق وهو الفلسطيني، فإنه يسعى لأن يكون محايدا، لأنهم يعتبرون أن الحياد والتوازن في التعامل مع هذا الموضوع مكرمة وإنجاز، ولكن في الحقيقة حينما يكون هناك احتلال وشعب يرزح تحت هذا الاحتلال فإن هذا التوازن يصبح كالتوازن بين المجرم والضحية”.

وأضاف: “ولكن الأصح ونصاب الأمور السليم أنه يجب الوقوف إلى جانب الضحية ضد المجرم الذي يرتكب الانتهاكات ولكن هذه الطريقة الأمريكية للتعامل مع الشأن الفلسطيني، وبرأيي جو بايدن الذي كان متوقعا منه أكثر من هذا، خاصة أنه قدم نفسه كضليع في السياسة الخارجية وصاحب خبرة، كانت إنجازاته في الحقيقة أقل بكثير من ما هو متوقع من شخص بخبرته ليس فقط في الموضوع الفلسطيني ولكن أيضا على كل الساحة الدولية”.

بالمقابل عبر دانيال سيروير عن “اعتقاده بأنه يمكن اعتبار تعيين عمرو أنه قد يكون بداية لتحريك عملية السلام”.

واستدرك سروير بالقول: ” ولكن الأهم من وجهة نظري هو تعزيز القدرة الفلسطينية على التعامل مع إسرائيل، وهذا يعني بطريقة ما سد الفجوة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، وإجراء انتخابات رئاسية، وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين بشكل كبير، وخاصة في غزة، وسيعني ذلك أيضًا كبح النشاط الاستيطاني الإسرائيلي وانتهاكات حقوق الإنسان، عندها فقط ستؤيد الظروف مفاوضات ناجحة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى