الشيخ رائد صلاح يكتب عن “المهزلة في مطار اللد” وتفاصيل منعه من السفر خلال تواجده في المطار..
مهزلة في مطار اللد
الشيخ رائد صلاح
كان من المفروض أن أسافر إلى تركيا يوم السبت الماضي الموافق 22/5/2022، بعد أن تلقيت دعوة رسمية، وكان من المفروض أن أزور في تركيا الأرشيف العثماني ومراكز شؤون دينية ومؤسسات بحث علمية، وعندما وصلت إلى مطار اللد بعد ظهر ذاك السبت، وقعت مهزلة هزيلة وهزليّة يمكن أن أجملها بما يلي مع إهمال الكثير من تفاصيلها التافهة:
1- عندما وصلنا المطار سلّمنا جوازات سفرنا إلى موظفة إسرائيلية كي تفحصها وتفحص حقائبنا كما هو متعارف عليه في نظام عمل المطار بهدف أن ننتقل بعد ذلك إلى محطة أخرى في المطار للحصول على تذاكر سفرنا ونقل حقائبنا إلى الطائرة، إلا أن هذه الموظفة لمّا نظرت إلى جوازات سفرنا ارتبكت على الفور وراحت تضرب أخماسا بأسداس، فأعطت جوازات سفرنا إلى موظفة ثانية.
2- بعد أن استلمت الموظفة الثانية جوازات سفرنا ونظرت فيها أصابها ما أصاب الموظفة الأولى ولم تملك الجرأة أن تصدر قرارا- سلبا أو إيجابا- فأعطت جوازات سفرنا إلى موظفة ثالثة يبدو أنها كانت المسؤولة عن طاقم كل الموظفات.
3- بعد أن استلمت الموظفة الثالثة جوازات سفرنا تقدمت منا وسألتنا عن أسمائنا ثمّ غابت عنا برهة من الزمن ثم عادت إلينا وسألتنا عن أهداف سفرنا إلى تركيا، ثم غابت عنا برهة من الزمن، ثمّ بعد هذا الارتباك والتلعثم الذي حلّ على تلك الموظفات، تقدمت منا موظفة رابعة، وقالت لنا انتهت إجراءات التفتيش ثم وضعت على حقيبة كل واحد منا (الملصق الأمني) الذي يدل على أنه قد تم تفتيش حقائبنا، ثم طلبت منا أن نتوجه إلى محطة أخرى في المطار لتسليم حقائبنا بهدف نقلها إلى الطائرة التركية، وكي نحصل على تذاكر السفر التي تبين لنا موقع جلوس كل واحد منا في الطائرة.
4- بعد أن وصلنا إلى هذه المحطة الثانية، قالت لنا الموظفة: انتظروا قليلا ثم سأستلم حقائبكم وأسلمكم تذاكر سفركم، إلا أنها لم تقم بذلك، بل راحت تستقبل حقائب مسافرين آخرين وتسلمهم تذاكر سفرهم، ثم لما طال انتظارنا تقدمنا منها وسألناها عن سر تأخيرنا، فلم تقل إلا جملتها المعهودة: انتظروا قليلا.
5- ثم جاء فجأة موظف وقال لنا: (أنا من رجال الأمن في المطار اتبعوني سنفتش حقائبكم!!)، ثم ذهب بنا إلى غرفة خاصة، وهناك قال لي: (أنت ممنوع من السفر بأمر من وزارة الداخلية)، فقلت له: (لا بأس، ولكن أريد نسخة عن هذا الأمر)، فقال لي: (توجه إلى مكتب وزارة الداخلية في الطابق الثاني من المطار وستحصل على تلك النسخة من ذاك الأمر)، فلمّا وصلنا إلى مكتب وزارة الداخلية في الطابق الثاني، وجدناه مغلقا.
6- على أثر ذلك اتصلنا بالمحامي عمر خمايسي وحدثناه بما جرى لنا، فطلب منا أن نعود مرة ثانية إلى موظفة التذاكر وأن نطلب منها تذاكرنا ولا يجوز لها أن ترفض وإلا سنقاضيها قضائيا. ثم قال لنا المحامي عمر خمايسي إنه سيفحص سجلي الرسمي الشخصي، وهل هناك أمر من أية جهة يمنعني من السفر إلى الخارج. ثم بعد أن قام بذاك الفحص عاد وقال لنا: لا يوجد هناك أي أمر يمنعني من السفر إلى الخارج، ويكذب من يدّعي أنني ممنوع من السفر.
7- ولما وصلنا إلى محطة موظفة التذاكر طلبنا منها كما أشار علينا المحامي عمر خمايسي، إلا أنها رفضت أن تسلمني تذكرة سفري بادعاء أنني ممنوع من السفر، فقلنا لها: أنت مجرد موظفة، وأنت مطالبة أن تسلمينا تذاكر السفر ولا شأن لك بأمر منع السفر، فرفضت، فطلبنا منها اسمها، فقالت: لماذا؟ فقلنا لها: حتى نقاضيك في المحكمة، فتلعثمت ورفضت أن تعطينا اسمها، ثم قالت لي فجأة بعد أن ناولتني هاتفها الخلوي: موظفة الأمن تريد أن تكلمك عبر الهاتف.
8- استلمت منها هاتفها الخلوي، وإذ بموظفة تقول لي عبر الهاتف: أنا موظفة في أمن المطار وأنت ممنوع من السفر، فقلت لها: لماذا؟ فقالت: هناك أمر قضائي من محكمة حيفا يمنعك من السفر، فقلت لها: أعطيني نسخة من هذا الأمر، فقالت لي: لا يوجد عندي نسخة من هذا الأمر القضائيّ فقلت لها: كيف عرفت أنني ممنوع من السفر إذا لم تكن عندك نسخة من هذا الأمر القضائي، فقالت: نحن رجال الأمن نعرف، فقلت لها: ولكنكم أنتم رجال الأمن متناقضون، فأحدكم قال إنني ممنوع من السفر بناء على أمر من وزارة الداخلية، وأما أنت فإنك تقولين: إنني ممنوع من السفر بناء على قرار محكمة حيفا، ما هو الصواب؟! فقالت لي: الصواب أنك ممنوع من السفر بناء على قرار محكمة حيفا!! فقلت لها: أعطيني نسخة عن هذا الأمر!! فقالت لا يوجد عندي نسخة عن هذا الأمر، فقلت لها: أعطيني اسمك!؟ فأغلقت الهاتف.
9- اتصلنا بالمحامي خالد زبارقة من مدينة اللد وطلبنا منه أن يحضر إلى المطار لمواجهة هذه المهازل التي يحاولون اسقاطها علينا، وخلال قدومه إلينا، تقدم منا موظف في المطار وسلمنا نسخة عن قرار محكمة حيفا وقال لي: بناء على هذا القرار أنت ممنوع من السفر. ثم انصرف ولم ينتظر ثانية واحدة.
10- لما حضر المحامي خالد زبارقة ونظر في النسخة التي سلّموني إياها قال: هذا تزوير! هم يمارسون التزوير الرخيص الآن، لأن قرار محكمة حيفا، يعود إلى عام 2018، وانتهى ولم يعد ساري المفعول منذ سنتين، وهم يعرفون ذلك، وإلا لما أعطوك جواز سفر جديد أصلا!! ثم قال المحامي خالد زبارقة: هم يكذبون، ويعرفون أنهم يكذبون، وهدفهم هو منعك من السفر اليوم، بناء على هذا التزوير، وأظن أن وزارة الداخلية قد تصدر غدا أمرا يمنعك من السفر إلى الخارج.
11- هكذا كادوا كيدهم وما أرخص كيدهم، إلا أن الواضح لي أنهم تفاجؤوا عندما عرفوا أنني سأسافر إلى الخارج، ويبدو أنهم ما كانوا يعرفون ذلك من قبل إلا بعد أن بغتهم دخولي إلى المطار، فارتبكوا وتلعثموا، وهم الذين لا يزالون يتطاولون مدّعين: أنهم يعرفون دبيب النملة ليلا، وأظن أنهم يتخاصمون فيما بينهم الآن؟! لأنهم لم يعرفوا عن سفري إلى الخارج قبل ذلك!! والواضح لي كذلك أن العلاقة بين دوائر صنع القرار الرسمية في المؤسسة الإسرائيلية بدأت تدخل في مرحلة (حيص بيص)، فلا تعلم الدائرة (س) ما قررت الدائرة (ص) وأظن أن كل ذلك يعني أنهم دخلوا في مرحلة الترهل الأمني وفي مرحلة التفكك في منظومة صنع القرار.