قائمة بمئات المعتقلين لدى النظام تثير جدلاً بين فلسطينيي سوريا
أثارت قائمة ضمت مئات المعتقلين الفلسطينيين لدى النظام السوري اهتماما كبيرا بين أوساط الفلسطينيين داخل سوريا وخارجها، بعد أن جرى تداول أنباء عبر وسائط التواصل الاجتماعي عن أنه سيُفرج عن الأسماء الواردة فيها خلال شهر واحد، من دون أن يتحقق شيء من ذلك.
ونشر موقع “بوابة اللاجئين الفلسطينيين” أخيراً القائمة التي ضمت 2389 فلسطينياً في سجون النظام السوري، اعتقلوا بعد اندلاع الثورة في سورية عام 2011، وهو ما يرفع العدد المقدر سابقا للمعتقلين الفلسطينيين بأكثر من 500 شخص، حيث كانت التقديرات تشير إلى وجود نحو 1850 معتقلاً فقط.
وقال المصدر ذاته إن القائمة التي أعدها ووثقها أهالي المعتقلين عبر سفارة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وقد أضيفت إلى جملة من الأسماء الموثقّة، وتضم بمجموعها 2389 مُعتقلاً ومفقوداً، تعود تواريخ اعتقالهم إلى الأعوام 2012 و2013 و2014.
وقال موقع “بوابة اللاجئين الفلسطينيين” إنه تلقى عشرات الرسائل من ذوي معتقلين ومفقودين فلسطينيين في سورية، تطالب بالكشف عن مصير ذويهم في سجون النظام السوري، وذلك بعد نشره القائمة.
وطالبت الرسائل، وفق الموقع، بتوضيحات حول مصير كثير من المعتقلين ممن وردت أسماؤهم في القائمة وهم مفقودون منذ سنوات، وما إذا كانت الإفراجات الجارية بموجب “مرسوم العفو”، الذي أطلقه رئيس النظام السوري بشار الأسد يوم 30 إبريل/ نيسان الماضي، سيشملهم.
ورداً على ذلك، أوضح أن “مسؤوليّة متابعة ملف المعتقلين والمفقودين في سجون النظام السوري تقع على عاتق الجهات الفلسطينية الرسميّة، وعلى رأسها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وسفارة السلطة والفصائل الفلسطينية العاملة في دمشق، وخصوصاً بعد أن أعلنت السلطات السوريّة مؤخرّاً أنّ مرسوم (العفو) لا يشمل جنسيات أخرى غير السوريين، ولا من هم في حكم السوريين، في إشارة إلى تعريف اللاجئين الفلسطينيين في القانون السوري”.
وجرى تداول القائمة بكثافة خلال اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين أهالي المعتقلين الفلسطينيين داخل سورية وخارجها، وسط أنباء عن أن الأسماء الواردة في القائمة سيُفرج عنها في موعد حده الأقصى يونيو/ حزيران من العام الجاري، لكن تلك الآمال تحولت الى خيبة بعد اتضاح عدم وجود أي دليل على صحتها، وأنها مجرد إحصائية توثيقية.
هل يشمل “العفو” الفلسطينيين؟
من جهتها، نفت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” الأخبار المتداولة حول نية النظام السوري إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، وقالت إنها تلقت العديد من الرسائل والاتصالات حول هذا الأمر.
وأوضح مسؤول قسم الإعلام في المجموعة فايز أبو عيد، لـ العربي الجديد، أنه “وردت إليه منذ يومين عشرات الاتصالات ورسائل واتساب وماسنجر من فلسطينيي سورية والأردن ولبنان والعراق، تستفسر عن خبر الإفراج عن معتقلين فلسطينيين من السجون السورية، ونحن في المجموعة نؤكد عدم صحة أي نبأ أو خبر يتحدث عن الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين قريباً من قبل السلطات السورية”.
وأشار أبو عيد الى أن القاضي العسكري أحمد طوزان أوضح، خلال لقاء أجراه مع إذاعة “شام إف أم” الموالية للنظام، أن “مرسوم العفو العام” يشمل السوريين فقط، ولا يشمل من هم في حكمهم أي الفلسطينيين أو من الجنسيات الأخرى.
أعداد المعتقلين الفلسطينيين
وتؤكد المجموعة أن عدد المعتقلين الذين وثقوا لديها بالاسم وتاريخ الاعتقال أكثر من 1800 معتقل، مشيرة إلى أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من العدد الموثق، وذلك بسبب الهواجس الأمنية لدى عائلات المعتقلين. وقال أبو عبد إن ذلك اتضح بعد مرسوم العفو ونشر أهالي المعتقلين مناشدات لمعرفة مصير أبنائهم، متوقعاً أن يقفز العدد إلى أكثر من 3 آلاف معتقل فلسطيني.
وحول وجود تضارب في تأكيد النظام عدم شمول العفو معتقلين فلسطينيين، مع الإفراج عن بعضهم في الوقت نفسه (أُفرج عن حوالي 14 معتقلاً فلسطينياً بعد مرسوم العفو)، أوضح أبو عيد أنه “بعد صدور هذا التصريح من القاضي التابع للنظام، لم يُفرج عن أي معتقل فلسطيني، ما يشير إلى وجود تخبط لدى المسؤولين عن تطبيق مرسوم العفو، وهل يشمل الفلسطينيين أم لا، حيث عادة تصدر القوانين في سوريا مذيلة بعبارة (المواطنين السوريين ومن في حكمهم) في إشارة الى اللاجئين الفلسطينيين في سورية”.
وأضاف “يبدو أن الرأي استقر لدى النظام بعدم شمول العفو المعتقلين الفلسطينيين”، لافتا في الوقت نفسه الى أن معظم الفلسطينيين الذين أفرج عنهم بعد مرسوم العفو اعتقلوا عامي 2021 و2020، وأنه جرى دفع مبالغ مالية من أجل الإفراج عنهم. وأشار أبو عيد إلى أنه من المتوقع أن يُفرج يوم غد الأحد عن دفعة جديدة من المعتقلين، ما سيوضح أكثر نوايا النظام خصوصاً إذا اشتملت على معتقلين فلسطينيين.
دور غائب لسلطة رام الله
وحول دور السلطة الفلسطينية والأطراف الفلسطينية التي لها علاقة مع النظام في التواصل معه وفتح موضوع المعتقلين الفلسطينيين، رأى أبو عيد أن السلطة والسفارة الفلسطينية في دمشق ثبت أنهما غير قادرتين على الضغط من أجل الإفراج عن أي معتقل، خاصة أن هناك معتقلين من حركة فتح منذ سنوات طويلة، لم تستطع السلطة إخراجهم.
وأوضح أن “مجموعة العمل” تعد الآن ورقة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين ستُرسل إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي سيعقد قريبا.
كما انتقد المنسق العام لتجمع “مصير”، المحامي أيمن أبو هاشم، “الدور الغائب للسلطة الفلسطينية في قضية المعتقلين”، ورأى أنها “أثبتت مرارا عجزها عن القيام بأية خطوة مفيدة في هذا الملف، برغم تواصلها المستمر مع النظام السوري وزيارات مسؤوليها المتكررة إلى دمشق”.
ولفت في حديث مع “العربي الجديد” إلى “عجز مماثل للفصائل الفلسطينية التي ساندت النظام خلال السنوات العشر الماضية، وكذلك المنظمات خارج سورية والتي تتردد على العاصمة دمشق وتلتقي مسؤولي النظام من دون أن تجرؤ على فتح ملف المعتقلين الذي يهم آلاف الأسر الفلسطينية”.
ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقرير نشرته قبل أيام، الإفراج عن 476 معتقلاً منذ مطلع الشهر الجاري، بموجب المرسوم، من أصل نحو 150 ألف معتقل في سجون النظام، وفق إحصائيات منظمات حقوقية.