نتائج انتخابات لبنان.. بري يدعو للاحتكام لخيارات الناس وباسيل يقول إن تياره انتصر
قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إن جميع اللبنانيين مدعوون إلى الاحتكام لخيارات الناس الذين قالوا كلمتهم في الانتخابات التشريعية التي أجريت قبل 3 أيام، في حين اعتبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن تياره انتصر في المعركة الانتخابية.
وذكر بري -الذي يقود حركة أمل المتحالفة مع حزب الله- في كلمة له أمس الثلاثاء أن الاستحقاق الانتخابي تحول إلى “استفتاء على الثوابت الوطنية”، داعيا كافة القوى إلى إلقاء ما وصفه بالخطاب التحريضي جانبا، والاقتناع بالعيش سويا في وطن واحد كما قال.
في حين، صرح زعيم التيار الوطني الحر، الذي كان أكبر حزب مسيحي في البرلمان اللبناني، بأن لدى تياره أكبر تكتل في المؤسسة التشريعية، وذلك في ظهور نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت الأحد الماضي، ورفع حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع عدد مقاعده من 15 في انتخابات 2018 إلى 18 مقعدا حاليا.
وقال زعيم التيار الحر في مؤتمر صحفي في بيروت إن الانقسام زاد داخل البرلمان، وإن ذلك يجعل عملية التشريع وتشكيل الأغلبية صعبة، مبديا استعداد تياره للعمل مع النواب المنتخبين من ممثلي المجتمع المدني في البرلمان والحكومة.
خسارة الأغلبية
وكانت وزارة الداخلية أعلنت، أمس الثلاثاء، النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي أظهرت خسارة قوى ما كان يعرف بالثامن من آذار الأغلبية البرلمانية التي حظوا بها طيلة سنوات.
وخلال الانتخابات الأخيرة التي جرت في العام 2018، فاز حزب الله والمتحالفون معه (وعلى رأسهم التيار الحر) بأغلبية 71 مقعدا في البرلمان.
ووفق النتائج النهائية الرسمية لاقتراع الأحد الماضي، فقد تعادل حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بعدد النواب الذي حصل عليه الحزبان (18 لكل منهما)، في حين احتفظ حزب الله وحركة أمل بكل المقاعد الشيعية (30).
وحقق المجتمع المدني اختراقاً، للمرة الأولى، بـ 12 مقعدا في البرلمان من مجموع 128 عضوا في المؤسسة التشريعية.
وأظهرت النتائج أيضا حصول كل من الحزب التقدمي الاشتراكي على 9 مقاعد، وحزب الكتائب على 4 مقاعد، وكل من حزب الطاشناق وتيار المردة على مقعدين لكل منهما.
مواقف دولية
واعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجوندر أن لبنان اتخذ، بالانتخابات التشريعية، خطوة مهمة في سياق الأزمة الخطيرة التي يعيشها البلد منذ أكثر من عامين، وأضافت لوجوندر أن فرنسا ترحب بالتمكّن من إجراء هذا الاقتراع في الموعد المحدد له؛ إلا أنها تستنكر ما وصفته بالأحداث والمخالفات التي لاحظتها بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، وتأمل في إلقاء الضوء على هذا الموضوع.
وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إلى أن بلادها تشجع جميع القادة اللبنانيين على تعيين رئيس لمجلس الوزراء دون تأخير، وتشكيل حكومة جديدة من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لاستعادة البلد عافيته، ولا سيما على أساس اتفاقية الإطار الموقعة مع صندوق النقد الدولي.
كما هنّأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اللبنانيين على الانتخابات النيابية، وقال إنه “ينتظر بفارغ الصبر أن تُشكَّل سريعا حكومة جامعة يمكنها إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتسريع تنفيذ الإصلاحات اللازمة لوضع لبنان على طريق النهوض الاقتصادي”.
وناشد غوتيريش القادة السياسيين اللبنانيين العمل سويا بما فيه المصلحة العليا للبنان وللشعب اللبناني.
وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في بيان أولي أمس الثلاثاء إن الانتخابات النيابية في لبنان “طغت عليها ممارسات واسعة النطاق لشراء الأصوات والمحسوبية والفساد”.
قوة ناشئة
ويعتبر المستقلون الـ13 الذين حصدوا مقاعد بالبرلمان اللبناني من الوجوه الجديدة ولم يسبق لهم أن تولوا أي مناصب سياسية في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية. ومن شأن وصولهم للبرلمان أن يسمح لهم بأن يشكلوا مع نواب آخرين مستقلين عن الأحزاب التقليدية كتلة موحدة في البرلمان.
وأمام هذا الاستحقاق الانتخابي، بات لبنان إزاء مجلس نيابي مركب ومعقد يضم فسيفساء كبيرة، ولم يعد فيه لأي فريق نيابي الأكثرية، إذ باتت قوى 8 آذار عمليا بلا أغلبية كما كانت عليه الحال طيلة السنوات الماضية، وكذلك قوى 14 آذار.
لكن المتغير الأساسي اليوم، هو أنه باتت هناك قوة ثالثة (من المجتمع المدني) إن تمكنت من التوحد في كتلة واحدة دون أن تفرق بينها الاختلافات الأيديولوجية، أو في كيفية مقاربة الأمور، فستكون قادرة على مساءلة الحكومة بشكل مستمر، مما قد يربك عمل الأحزاب التقليدية التي تحكمت في المسار السياسي للبنان منذ الحرب الأهلية.
تيار المستقبل
وشهدت الانتخابات البرلمانية في البلاد هذا العام تغيرا أساسيا تمثل في غياب تيار المستقبل، الذي شكل لمدة 3 عقود عصب الحضور للطائفة السُّنية سياسيا.
وأعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري زعيم تيار المستقبل منذ بضعة أشهر تعليق نشاطه السياسي، وهو إعلان توقع مراقبون أن يترك أثره على التمثيل السياسي للطائفة السُّنية في المشهد اللبناني خلال المرحلة المقبلة.
وتعد الانتخابات الحالية الأولى من نوعها بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين، بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة وانفجار كارثي في بيروت.