لوفيغارو: 7 مرات كاد فيها العالم يشهد حربا عالمية ثالثة
قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية Le Figaro إن أحداثا وقعت ما بين عامي 1952 و1989 كادت تؤدي إلى انحدار العالم إلى نقطة اللاعودة بدخوله حربا عالمية ثالثة، وعددت الأحداث السبعة التالية بوصفها هي الأخطر في هذا السياق:
أولا: في 18 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1952، وفي أوج الحرب الكورية، أقدم الطيار الأميركي رويس ويليامز على إسقاط 4 طائرات ميغ-15 (MIG-15) سوفياتية كانت ضمن سرب من الطائرات يوفر الدعم لقوات كوريا الشمالية، وقد أُصدرت أوامر إلى الطيار المذكور بالتكتم على ما حصل.
وبعد بضعة أيام، وفي عاصمة كوريا الجنوبية سول، استقبل الرئيس الأميركي المنتخب حديثًا دوايت أيزنهاور ذلك الطيار فقال له “إذن، أيها الشاب، هل كنت تسعى لبدء حرب عالمية ثالثة؟”.
ثانيا: في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1956، وفي خضم أزمة السويس وبدء هجوم التحالف الفرنسي الإسرائيلي البريطاني على مصر، علمت قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية أن طائرات مجهولة كانت تحلق فوق تركيا، بينما تم رصد طائرات ميغ سوفياتية فوق سوريا، وسقطت قاذفة بريطانية، وعبر الأسطول السوفياتي البحر الأسود باتجاه مضيق الدردنيل.
وقد أدى تزامن هذه الأحداث إلى إطلاق الإنذار العام، قبل أن يتم إلغاؤه بعد أن تبين أن ما كان يحلق فوق تركيا لم يكن سوى سرب من طيور البجع، وأن طائرات الميغ كانت مرافقة للرئيس السوري العائد من موسكو، أما الطائرة البريطانية فكان بها خلل ميكانيكي، وبالنسبة للأسطول السوفياتي فقد كان يتحرك في إطار مناورات في البحر الأبيض المتوسط مخطط لها منذ فترة طويلة.
ثالثا: في عام 1962، وخلال أزمة الصواريخ الكوبية، مُنحت غواصات سوفياتية محملة برؤوس نووية تبلغ 10 كيلوطن لكل واحدة منها، تفويضًا مطلقًا لاستخدام ترسانتها في الدفاع عن النفس، ولإضفاء مزيد من السرية تم قطع الاتصالات مع موسكو.
وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول، تم رصد الغواصة بي-59 (B-59) قرب المنطقة، واعتقادًا من القبطان أنه مستهدف من أسلحة تطلق من أعماق البحر، ولاشتباهه في أن هذا ربما يكون إعلان حرب، قرر القبطان السوفيتي إطلاق النار، لكن فاسيلي أركييبوف، قائد الأسطول والرجل الثاني على متن الغواصة، رفض الموافقة على هذا الإجراء الذي يتطلب تمريره موافقة 3 من كبار الضباط الموجودين، وقد أقنع أركييبوف القبطان بالذهاب إلى السطح وإجراء اتصالات مع موسكو قبل التصرف، وقد توفي هذا الرجل عام 1998، ولقب عام 2002 بـ “الرجل الذي أنقذ العالم” من قبل مدير الأرشيف الأميركي للأمن القومي، توماس بلانتون.
رابعا: في 15 أبريل/نيسان 1969، أثار تدمير طائرة تجسس أميركية من طراز إي سي (EC-121) من قبل مقاتلين كوريين شماليين غضب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون.
وقد كان نيكسون ثملا بعد أن أفرط في شرب الخمر وتناول بعض العقاقير وأمر، وهو في تلك الحالة، بتسديد ضربة نووية تكتيكية ضد نظام بيونغ يانغ، وقد وضعت قاذفات القنابل المقاتلة من طراز فانتوم، المسلحة بقنابل نووية، في أهبة الاستعداد وحددت أهدافها، لكن الضباط تلقوا مكالمة ثانية من مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر هذه المرة، الذي أمرهم بالانتظار حتى يفيق نيكسون.
خامسا: في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، اجتاحت الجيوش العربية المجهزة بمركبات مدرعة من الاتحاد السوفياتي، إسرائيل، مستغلة إجازة الغفران اليهودية، ولم ينقذ إسرائيل إلا جسر جوي ضخم وفرت لها واشنطن من خلاله الأسلحة الضرورية مثلما يحصل في أوكرانيا حاليا.
ولكن البيت الأبيض تلقى بعد ذلك إنذارا غير مسبوق من الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف الحريص على إرسال قوات برية للتدخل قائلا “إما أن يتدخل الأميركيون والسوفيات معا لوضع حد للقتال، أو ستتصرف موسكو بمفردها”.
وقد تم عقد اجتماع أزمة لمسؤولي الأمن القومي الأميركيين بشكل عاجل مساء 24 أكتوبر/تشرين الأول على أثر إهانة جديدة من السفير السوفياتي في واشنطن، أناتولي دوبرينين.
لكن ريتشارد نيكسون لم يحضر، إذ كان منشغلا بفضيحة “ووترغيت”، فلجأ إلى شقته، وتحدث عبر الهاتف بشكل غير متماسك، مما اضطر هنري كيسنجر، وزير الخارجية آنذاك بإدارة الأمر كله مع رئيس الأركان ألكسندر هيغ وباعترافه كانت هذه هي “الأزمة الأخطر” في عهد نيكسون، حيث أمر الرئيس بتعبئة قاذفات بي-52 (B-52) في المحيط الهادي بالإضافة إلى تلك الخاصة بالفرقة 82 المحمولة جواً، وهو ما مثل عاملا رادعا لموسكو في نهاية المطاف.
سادسا: في نوفمبر/تشرين الثاني 1983، كانت تدريبات لحلف شمال الأطلسي من المفترض أن تحاكي بطريقة واقعية للغاية الانتقال من حرب تقليدية إلى مواجهة نووية.
وقد انتاب نظام الرئيس السوفياتي آنذاك يوري أندروبوف في موسكو القلق بعدما اكتشف وصول 19 ألف جندي أميركي بشكل سري ونقلهم عبر 170 طائرة نفاثة دونما ضجيج أو إشارات راديوية، مما أقنع القادة السوفيات بأنهم مهددون بهجوم نووي مفاجئ، فعقدوا العزم على توجيه ضربات وقائية، وأمروا صوامع الصواريخ وأسراب القاذفات المقاتلة أن تكون في حالة تأهب، ولم تفهم واشنطن خطأها إلا بعد نهاية تلك المناورات بفترة طويلة، إذ ظلت خطورة الحادث غير معروفة لدى عامة الناس حتى رفعت السرية عنها في وقت متأخر عام 2021.
أما المرة السابعة التي أوشك فيها العالم أن يدخل حربا عالمية ثالثة، فتمثلت فيما حدث خلال الحرب السوفياتية في أفغانستان (1979-1989)، وقد أدى تسليم وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) عدة مئات من صواريخ ستينغر أرض-جو إلى المجاهدين إلى تغيير الوضع، إذ تساقطت مروحيات وطائرات مقاتلة سوفيتية من السماء بشكل دراماتيكي.
وقد عجل هذا الانقلاب الإستراتيجي برحيل الجيش الأحمر، والذي اكتمل في 15 فبراير/شباط 1989، لكن إسقاط تلك الطائرات لم يسبب أي تصعيد في التوتر بين الأميركيين والسوفيات بسبب ضعف نظام الرئيس الروسي آنذاك ميخائيل غورباتشوف، الذي لم يدم في السلطة سوى عامين ونصف.